صفات المؤمنين فى القرآن الكريم ” جزء 5
بقلم / محمـــد الدكـــرورى
ونكمل الجزء الخامس مع صفات المؤمنين فى القرآن الكريم، فالإيمان بالله ورسوله والتقوى لله والبر والهدى، كل ذلك يمنع صاحبه عن التعدي على أخيه في الله وأخته في الله، لا بالغيبة ولا بالشتم ولا بالكذب ولا بالدعوى الباطلة ولا بشهادة الزور ولا غير ذلك من أنواع الظلم، فإيمانه يحجزه عن ذلك ويمنعه من كل أذى، ثم قال سبحانه بعد ذلك ” يأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر” وهذا واجب عظيم فيه صلاح الأمة، وبه نصر الدين، وبه القضاء على أسباب الهلاك والمعاصي والشرور، فالمؤمنون والمؤمنات يأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر فالمؤمن لا يسكت إذا رأى من أخيه منكرا، ينهاه عنه، وهكذا إن رأى من أخته أو عمته أو خالته أو غيرهن
إذا رأى منهن منكرا نهاهن عن ذلك، وإذا رأى من أخيه في الله أو أخته في الله تقصيرا في الواجب أنكر عليه ذلك، وأمره بالمعروف، كل ذلك بالرفق والحكمة والأسلوب الحسن، فالمؤمن إذا رأى أخا له في الله يتكاسل عن الصلوات أو يتعاطى الغيبة أو النميمة أو شرب الدخان أو المسكر أو يعصي والديه أو أحدهما أو يقطع أرحامه أنكر عليه بالكلام الطيب والأسلوب الحسن، لا بالألقاب المكروهة والأسلوب الشديد، وبين له أن هذا الأمر لا يجوز له، وهكذا إذا رأى من أخته في الله منكرا أنكر عليها ذلك، كأن يراها تعصي والديها، أو تسيء إلى زوجها أو تقصر في تربية أولادها أو تتساهل بالصلاة أنكر عليها، سواء كان زوجها أو أباها أو أخاها أو ابن أختها أو ابن أخيها
أو ليس قريبا لها، بل من الناس الذين عرفوا ذلك منها، وهي كذلك إذا رأت من زوجها تقصيرا نهته عن ذلك، كأن رأته يشرب الخمر أو رأته يدخن أو رأته يتساهل بالصلاة أو يصلي في البيت دون المسجد تنكر عليه بالأسلوب الحسن وبالكلام الطيب، كأن تقول له يا عبدالله، اتقى الله وراقب الله، هذا لا يجوز لك، حافظ على الصلاة في الجماعة، دع عنك ما حرم الله عليك من المسكرات أو التدخين أو حلق اللحية أو إطالة الشوارب أو إسبال الملابس، فكل هذه المنكرات يجب على كل واحد من المؤمنين والمؤمنات والصلحاء إنكارها، وعلى الزوج والزوجة وعلى الأخ والقريب وعلى الجار وعلى الجليس وعلى غيرهم القيام بذلك، كما قال الله تعالى في وصف المؤمنين والمؤمنات.
“يأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر” وقال النبي عليه الصلاة والسلام “إن الناس إذا رأوا المنكر فلم يغيروه أوشك أن يعمهم الله بعقابه ويقول صلى الله عليه وسلم “من رأى منكم منكرا فليغيره بيده فإن لم يستطع فبلسانه فإن لم يستطع فبقلبه وذلك أضعف الإيمان” وهذا عام لجميع المنكرات، سواء كانت في الطريق أو في البيت أو في المسجد أو في الطائرة أو في القطار أو في السيارة أو في أي مكان، وهو يعم الرجال والنساء جميعا، فالمرأة تتكلم والرجل يتكلم بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر لأن في هذا صلاح الجميع ونجاة الجميع، ولا يجوز السكوت عن ذلك من أجل خاطر الزوج أو خاطر الأخ أو خاطر فلان وفلان، لكن يكون بالأسلوب الحسن والكلمات الطيبة.
لا بالعنف والشدة، ومع ملاحظة الأوقات المناسبة، فقد يكون بعض الناس في وقت لا يقبل التوجيه، ولكنه في وقت آخر يكون متهيئا للقبول، فالمؤمن والمؤمنة يلاحظان للإنكار والأمر بالمعروف الأوقات المناسبة، ولا ييأس إذا لم يقبل منه اليوم أن يقبل منه غدا، فالمؤمن لا ييأس، والمؤمنة لا تيأس، بل يستمران في إنكار المنكر، وفي الأمر بالمعروف، وفي النصيحة لله ولعباده، مع حسن الظن بالله والرغبة فيما عند الله عز وجل، وإن من صفات المؤمنين أيضا هو تزكية النفس وتزكية المال، فيقول الله تعالى ” والذين هم للزكاة فاعلون” حيث تعتبر الزكاة ركن من أركان الإسلام التي لابد للمؤمن أداءها، فالزكاة بمعناها الأصلي في المعجم اللغوي تعني التطهير.