الدكرورى يكتب عن نبي الله أيوب عليه السلام ” جزء 10″
بقلم / محمـــد الدكـــرورى
ونكمل الجزء العاشر مع نبي الله أيوب عليه السلام، وامرأته قيل اسمها ليا بنت يعقوب، وقيل رحمه بنت أفرائيم، وقيل منشا بن يوسف بن يعقوب، وروى ابن عساكر من طريق الكلبي أنه قال أول نبي بعث إدريس، ثم نوح، ثم إبراهيم، ثم إسماعيل، ثم إسحاق، ثم يعقوب، ثم يوسف، ثم لوط، ثم هود، ثم صالح، ثم شعيب، ثم موسى وهرون، ثم إلياس، ثم اليسع، ثم عرفي بن سويلخ بن أفرائيم بن يوسف بن يعقوب، ثم يونس بن متي من بني يعقوب، ثم أيوب بن زراح بن آموص بن لبفرز بن العيص بن إسحاق بن إبراهيم، وقد ثبت في الصحيح أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال ” أشد الناس بلاء الأنبياء، ثم الصالحون، ثم الأمثل فالأمثل، يبتلى الرجل على حسب دينه، فإن كان في دينه صلابة زيد في بلائه” ولم يزد هذا كله أيوب عليه السلام إلا صبرا واحتسابا.
وحمدا وشكرا، حتى أن المثل ليضرب بصبره عليه السلام، ويضرب المثل أيضا بما حصل له من أنواع البلايا وقد روي عن وهب بن منبه وغيره من علماء بني إسرائيل، في قصة أيوب، خبر طويل في كيفية ذهاب ماله، وولده، وبلائه في جسده، والله أعلم بصحته، وعن مجاهد أنه قال كان أيوب عليه السلام أول من أصابه الجدري، وقد اختلفوا في مدة بلواه على أقوال، فزعم وهب أنه ابتلي ثلاث سنين لا تزيد ولا تنقص، وقال أنس رضى الله عنه أنه ابتلي سبع سنين وأشهرا، وألقى على مزبلة لبني إسرائيل تختلف الدواب في جسده، حتى فرج الله عنه، وعظم له الأجر، وأحسن الثناء عليه، وقال حميد، مكث في بلواه ثمانية عشرة سنة، وقال السدي، تساقط لحمه حتى لم يبق إلا العظم والعصب، فكانت امرأته تأتيه بالرماد تفرشه تحته، فلما طال عليها قالت.
يا أيوب لو دعوت ربك لفرج عنك، فقالن قد عشت سبعين سنة صحيحا، فهو قليل لله أن أصبر له سبعين سنة، فجزعت من هذا الكلام، وكانت تخدم الناس بالأجر وتطعم أيوب عليه السلام، ونبي الله أيوب عليه السلام، قيل هو من ذرية نبى الله إسحاق عليه السلام، وقد ضرب الله به مثلا للبشرية في نموذج لرجل أعطاه الله النبوة والمال والأولاد والصحة، وابتلاه الله أعظم البلاء رغم نبوته، فصبر صبرا لم تعهده البشرية كما كان أيوب عليه السلام، وكان أيوب رجلا كثير المال، يمتلك الأنعام والعبيد والمواشي والأراضي المتسعة بأرض الثنية من أرض حوران، وكان له أولاد وأهلون كثير، وعاش على هذه النعم عشرات السنين، وقد ابتلى الله أيوب في جسده فأصيب بأمراض لم ينجو منها عضو في جسده سوى قلبه ولسانه، فكان صابرا محتسبا ذاكرا لله في ليله ونهاره.
وقد طال مرض نبي الله أيوب عليه السلام حتى انقطع عنه الناس خشية العدوى وانتقال المرض، وأخرج من البلد، وقيل أنه ألقي في مزبلة خارجها، ولم يحن عليه سوى زوجته، كانت ترعى له حقه وتعرف قديم إحسانه إليها وشفقته عليها، فكانت تتردد إليه فتصلح من شأنه وتعينه على قضاء حاجته وتقوم بمصلحته، وفقد أيوب ماله ومزارعه وأراضيه ومات أولاده واحدا تلو الآخر، فكانت المصائب تتوالى عليه وهو ما زال صابرا ذاكرا محتسبا، وضعف حاله وحال زوجته، فاضطرت أن تخدم الناس بالأجر لتستطيع إطعام زوجها أيوب، وهي رضى الله عنها صابرة مع زوجها على ما حل بهما من فراق المال والولد والمرض وضيق ذات اليد بعدما عاشوا سنينا في رخاء ورزق وفير في المال والولد والصحة، وتدهورت صحة نبي الله أيوب.
وتساقط اللحم ولم يبق إلا العظم والعصب، فكانت امرأته تأتيه بالرماد تفرشه تحته فلما طال عليها، قالت يا أيوب لو دعوت ربك لفرج عنك، فقال أيوب عليه السلام قد عشت سبعين سنة صحيحا فهو قليل لله أن أصبر له سبعين سنة، فجزعت المرأة من كلامه هذا، وجاء الشيطان وتمثل في هيئة طبيب والتقى بزوجة أيوب عليه السلام والتي رحبت به وأدخلته على زوجها للعلاج، فأصابه الشيطان بآلام وعذاب، حتى أدرك أيوب أنه ليس طبيبا وإنما شيطان فطرده، وغضب من زوجته وأقسم ليضربنها بالسوط مائة ضربة، وازدادت الأحوال سوءا، فقد امتنع الناس أن يتعاملوا مع زوجة أيوب خوفا من أن يصابوا من بلاء زوجها أو تعديهم زوجته نتيجة مخالطته، فلم يعد يطلبون خدمات زوجته، ولم تعد تستطيع جلب المال للإنفاق على زوجها.