الدكرورى يكتب عن الصحابي دحية الكلبي
بقلم / محمــــد الدكــــرورى
الصحابي الجليل دحية ابن خليفة الكلبي، وهو دحية بن خليفة بن فروة بن فضالة بن زيد بن امرئ القيس بن الخزرج بن عامر بن بكر بن عامر الأكبر بن عوف الكلبي، وكان من قبيلة كلب في شمال الجزيرة العربية ناحية الأردن وهو من قبيلة سيدنا زيد ابن حارثة الكلبي، وقد أسلم قديما وكان من السابقين إلى الإسلام، ولم يشهد غزوة بدر لكنه شهد كل الغزوات بعدها، وكان دحية جميلا حتى ضرب به المثل في حسن الصورة كان جبريل يتشبه بصورة دحية،لأن الملائكة عندهم القدرة على التشكل والتمثل وكان ينزل على النبي صل الله عليه وسلم على صورته وقيل أنه كان أجمل الناس، من كان جبريل ينزل على صورته، ولا يوجد الكثير من المعلومات حول حياة دحية إلا أن المعروف هو أن دحية رضي الله عنه تزوج بنت أبي لهب بعد وفاة زوجها الحارث بن عامر بن نوفل.
وكان رضي الله عنه رسول رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقد كان من الضروري بعد صلح الحديبية أن يدعو الرسول صلى الله عليه وسلم ملوك العرب والعجم إلى الإسلام وتوحيد الله، فما كان منه إلا أن أرسل دحية الكلبي رضي الله عنه إلى هرقل قيصر الروم وذلك في السنة السادسة للهجرة، وروى دحية عن النبي صلى الله عليه سلم حديثين شريفين، وكان هذا الصحابي الجليل يحب الرسول صلى الله عليه وسلم، وكان يرسل الهدايا إلى النبي صلى الله عليه وسلم، حتى قبل أن يدخل في الإسلام وقد أسلم الصحابي الجليل قبل غزوة أحد ولكنه لم يشهدها، وكانت أول غزواته مع النبي صلى الله عليه وسلم، هي غزوة الخندق، وقد أصابت يثرب مجاعة قبل هجرة رسول الله صل الله عليه وسلم وذات يوم كان النبي صل الله عليه وسلم قائما على المنبر.
فأقبلت عير من الشام قدم بها دحية بن خليفة الكلبي وكان الطبل والصياح يقدم العير فانفتل الناس إليها حتى لم يبق في المسجد إلا أثنا عشر رجلا كانوا من المهاجرين فأنزل الله تعالى ” وإذا رأو تجارة أو لهوا أنفضوا إليها وتركوك قائما قل ما عند الله خير من اللهو ومن التجارة والله خير الرازقين ” والأية كانت عتاب للأنصار الذين كانوا حديثي عهد بالأسلام، وأسلم دحية بن خليفة قبل أحد أي في العام الثالث من الهجرة، و قيل أول مشاهده أحد وقيل أول مشاهده الخندق فلما هزم الله الأحزاب رجع رسول الله صل الله عليه وسلم واصحابة إلى المدينة فجاءه جبريل عليه السلام وطلب منه أن ينهض إلى بنى قريضة فدخل رسول الله صل الله عليه وسلم داره فقالت عائشة من ذلك الرجل الذي كنت تكلمه فتساءل الرسول ورأيته ؟ قالت عائشة نعم، قال الرسول بمن تشبهينه ؟
قالت السيده عائشه بدحية الكلبي، قال الرسول صلى الله عليه وسلم، ذاك جبريل عليه السلام أمرني أن أمضى إلى بني قريظة، ويروى أنه في يوم غزوة الخندق عندما ارتد الكافرين على أدبارهم خاسرين، انصرف النبي صلى الله عليه وسلم، عائدا إلى المدينة المنورة فأتاه جبريل عليه السلام وهو على بغلة بيضاء ويرتدي عمامة من استبرق، فأمر الرسول صلى الله عليه وسلم، أن يسير باتجاه بنو قريظة، فخرج النبي صلى الله عليه وسلم، إلى الصحابة وقال لهم “من كان منكم سامعا مطيعا فلا يصلين العصر إلا في بني قريظة” وقبل أن يصلوا إلى بني قريظة مر النبي صلى الله عليه وسلم، على أصحابه وسألهم إذا كان مر بهم أحد فقالوا دحية الكلبي مر على بغلة بيضاء ويرتدي عمامة من استبرق، فقال لهم النبي صلى الله عليه وسلم.
“إن هذا هو جبريل عليه السلام سبقهم إلى بني قريظة لينزل في قلوبهم الرعب” وفي يوم ذهب العباس إلى النبي ومعه عبد الله ابنه وكان عمره سبع سنوات، وكان الباب مفتوحا والنبي صلى الله عليه وسلم، جالس فطرق الباب واستأذن ثلاثا فما أذن له النبي صلى الله عليه وسلم، وما التفت إليه، وكان في بني هاشم غضب وعصبية، فغضب العباس غضبا شديدا وأخذ بيد ابنه عبد الله وعاد غاضبا، فعبد الله قال له يا أبتي ما أغضبك؟ فقال وكيف لا أغضب وعم رسول الله، يستأذن عليه فلا يلتفت إلي، فقال عبد الله لعله مشغول بالرجل الذي كان يجالسه ويحادثه؟ فقال العباس رجل يجالسه؟ كيف؟ ما يجالسه أحد؟ قال لا يا أبتي كان يجالسه دحية ابن خليفة الكلبي، قال ما رأيته؟ قال أنا رأيته يا أبي، فقال العباس لأرجعن، فرجعا وطرق العباس الباب
فقام إليه النبي هاشا باشا فرحان بعمه، فقال العباس عجبا يا ابن أخي جئتك منذ قليل واستأذنت عليك ثلاثا ولم تلتفت ويزعم الغلام أنك كنت تجالس دحية الكلبي وما رأيت معك أحد فما الأمر؟ فتبسم النبي وجثى على ركبتيه حتى صار في طول عبد الله وقال له أو رأيت الذي كان يجالسني يا عبد الله ،قال نعم يا رسول الله كان يجالسك دحية الكلبي يعتجر بعمامة خضراء، فعنقه النبي صلى الله عليه وسلم، وقبله بين عينيه وقال “اللهم فقهه في الدين وعلمه التأويل، يا عماه ذاك جبريل كان يجالسني في صورة دحية الكلبي ” أنعم الله على الغلام فرآه، ولكن لماذا لم يره العباس ؟ فقال النبي صلى الله عليه وسلم، وحجب الغضب بصرك فلم تره يا عماه، أراد أن يفهمه أن يقلل من غضبه، فقال العباس بعدما فهم قصد النبي صلى الله عليه وسلم، والذي بعثك بالحق لا أغضب بعد ذلك أبدا.
ولذلك لما قال عمر للرسول، يا رسول الله أتنزل الملائكة لقرآن أسيد؟ هل لأن صوته جميل أم ماذا؟ فقال يا عمر ما قرأ أحد من أمتي القرآن خالصا به قلبه إلا تنزلت الملائكة تستمع إليه فمنكم من يراها ومنكم من لا يراها، لذلك العباس هنا لم يراها ورآها ابنه عبد الله، وهذا من فضل الله، وقد كان الصحابي الجليل يجيد اللغات وخاصة لغة الروم لذلك كان الرسول صلى الله عليه وسلم، يبعثه للملوك ليطلب منهم الدخول في الإسلام، وكان من بين هؤلاء الملوك كان هرقل ملك الروم، وكان هرقل في ذلك الوقت نصراني، وقد ذهب ليحج في القدس بعد انتصاره على الفرس في معركة نينوي، فوصل إلى القدس في نفس وقت وصول الصحابي الجليل دحية، فأعطاه رسالة رسول الله صلى الله عليه وسلم التي قال فيها.
“من محمد بن عبد الله إلى هرقل عظيم الروم، أسلم تسلم يؤتك الله أجرك مرتين، فإن توليت فعلي كإثم جميع الآريسيين” وشهد دحية الكلبي رضي الله عنه عصر خلافة معاوية بن أبي سفيان، بعد أن قرر الاستقرار في دمشق في قرية المزة، وهناك فئة من العلماء التي ترجح وفاة دحية الكلبي رضي الله عنه في فلسطين، في قرية تدعى الشجرة، ولكن أغلب العلماء يؤكدون وفاته في قرية المزّة الدمشقية والتي تضمّ قبره حتى الآن .