أخبار سياسية - اقتصادية - فنية - رياضية - عربية - دولية

الرميصاء أم سليم بنت ملحان

الدكرورى يكتب عن الرميصاء أم سليم بنت ملحان ” جزء 1″
بقلم / محمـــد الدكـــرورى

السيدة أم سليم بنت ملحان بن خالد بن زيد بن حرام، وهى مليكه بنت ملحان وتلقب بالرميصاء، وأم سليم هي الصحابية التي دفع إليها النبي الكريم محمد صلى الله عليه وسلم، السيده صفية بين حيي التي أصبحت زوجته فيما بعد فجهزتها وزفتها إليه وهم عائدون من خيبر إلى المدينة وقد أسلمت مع السابقين إلى الإسلام من الأنصار، وهم أهل يثرب الذين ناصروا رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهم ينتمون إلى قبائل الأوس والخزرج، والسيده أم سليم هى أم الصحابي أنس بن مالك، خادم النبي صلى الله عليه وسلم، وقد ولد أبو حمزة أنس بن مالك بن النضر، في يثرب قبل الهجرة النبوية بعشر سنين، وهو ينتمي إلى بني النجار وهم أحد بطون قبيلة الخزرج الأزدية خئولة جد النبي صلى الله عليه وسلم، عبد المطلب بن هاشم.

فأم عبد المطلب هي سلمى بنت عمرو بن زيد بن أسد بن خداش بن عامر، فيلتقي بذلك نسب أنس بنسب النبي صلى الله عليه وسلم، في عامر بن غنم بن عدي بن النجار، وقد قتل مالك بن النضر أبو أنس في الجاهلية، فتزوجت أمه أم سليم مليكة بنت ملحان النجارية وهي أيضا صحابية من أبي طلحة الأنصاري، وأنس أخو الصحابي البراء بن مالك، وقد عاشت في بداية حياتها كغيرها من الفتيات في الجاهلية قبل مجيء الإسلام، فتزوجت مالك بن النضر، فلما جاء الله بالإسلام، وظهرت شمسه في الأفق، واستجابت وفود من الأنصار أسلمت مع السابقين إلى الإسلام، وقد اشتهرت بكنيتها أم سليم أكثر من اسمها ولقبها، وقد علمت أم سليم بالإسلام رغم أنها لم ترى النبي الكريم صلى الله عليه وسلم، لكنها سمعت عنه من مصعب بن عمير.

الذي أرسله النبي صلى الله عليه وسلم، إلى يثرب لتعليم أهلها،عادت أم سليم بعد اليوم الذي اعتنقت فيه الإسلام وهي تشعر بانشراح لم تشعر به من قبل، انتظرت زوجها مالك بن النضر على أحر من الجمر لتدله على طريق النجاة والإيمان قبل أن يأتيه الموت الذي لا يعلمه أحد إلا الله، متى يكون؟ لم تتوقع أبدا أن يرفض زوجها الإسلام، فعرضت الإسلام على زوجها مالك بن النضر، فغضب عليها، وكان قد عشّش الشيطان في رأسه، فلم يقبل هدى الله، ولم يستطع أن يقاوم الدعوة، لأن المدينة صارت دار إسلام، فخرج إلى الشام فهلك هناك، وقيل أنه كانت ذات مرة تتحدث إليه وهي تقول له قال الله وقال رسول الله فترى في وجهه ثورة عظيمة وأسمعها كلام قاسيا وصفع الباب مغضبا وخرج من البيت بعد أن قال لها إن لم تعودي إلى دين آبائك وأجدادك.

فلن ترى وجهي بعد اليوم، ما هذا الخيار القاسي؟ هي تحب زوجها حبا جما، لكنها تحب دينها وربها ونبيها أكثر منه ومن ولديها ومن نفسها التي بين جنبيها، خيار صعب وقاسي، ولكن إن كان عليها أن تختار فلن تختار الفاني وتترك الباقي، إذن لم تتردد أم سليم بل حسمت أمرها واختارت ربها على كل ما سواه، ورددت بصوت حزين قول الله تعالى ” ومن يتقي الله يحعل له مخرجا ويرزقه من حيث لا يحتسب” وقد انشرح صدرها عندما قرأت هذه الآية فرفعت يديها ضارعة وقالت “يا رب فوضت أمري إليك، وألجأت ظهري إليك رغبة ورهبة إليك، آمنت بكتابك الذي أنزلت وبنبيك الذي أرسلت، ففرج كربي يا أرحم الراحمين” ومرت شهور عديدة وأم سليم تترقب فيها اللحظة الذي يفتح فيها زوجها بيت الدار ويعود إليها.

وقد هداه الله فيلتم شمل العائلة من جديد، لكن الناعي حمل إليها خبر لم تكن تتوقعه فقد مات مالك بن النضر في الشام وذاب الأمل التي كانت تنتظره وتعيش عليه، حزنت أم سليم لموت زوجها وحزنت أكثر لأنه مات مشركا، ومن ثم فاختيار أم سليم الأنصارية رضي الله عنها، الإسلام على زوجها في ذلك الوقت المبكر ينبئ عن عزيمة أكيدة، وإيمان راسخ في وقت كان الاعتماد في تدبير البيت والمعاش وغير ذلك من أمور الحياة على الرجل، ولم تكن المرأة قبيل مجيء الإسلام تساوي شيئا، فكونها أخذت هذا القرار من الانفصال بسبب الإسلام عن زوجها الذي في نظرها يعتبر كل شيء في ذلك الوقت، فيه دلالة على ما تمتاز به هذه المرأة المسلمة، من الثبات على المبدأ مهما كلفها من متاعب، وان ولداها أنس، والبراء ما يزالان طفلين صغيرين نظرت إليها ورددت من بين دموعها “اللهم أجرني في مصيبتي واخلفني خيرا منها”.