اختلاف المحدثين في الأحكام
بقلم د/محمود بن علي سرور
مسألة من المسائل المهمة في علم الحديث وهي: تحرير موقف طالب العلم من اختلاف المحدثين حول الحديث صحة وضعفا.
قال الترمذي : “وقد اختلف الأئمة من أهل العلم في تضعيف الرجال كما اختلفوا في سوى ذلك من العلم”. انظر: (العلل) آخر كتاب (السنن)( 5 /756 ).
فالقاعدة أن اختلاف العلماء في الحكم على الحديث تصحيحا وتضعيفا مثل اختلافهم في مسائل الفقه؛ وذلك لأن تصحيح الحديث وتضعيفه خاضع للاجتهاد، وفيه تفاوت بين العلماء في العلم بأحوال الرجال وطرق الحديث.
وفي تقرير هذه القاعدة يقول ابن تيمية: “وهذا باب واسع وللعلماء بالرجال وأحوالهم في ذلك من الإجماع والاختلاف مثل ما لغيرهم من سائر أهل العلم في علومهم” .
انظر: (مجموع الفتاوى)( 20 / 240 ).
والحاصل: في بيان موقف طالب العلم من اختلاف المحدثين في التصحيح والتضعيف ما يأتي:
أولا: إذا كان الطالب عنده من العلم ما يستطيع به أن يقارن بين أقوال العلماء بالأدلة، والترجيح بينها، ومعرفة الأصح والأرجح وجب عليه ذلك.
لأن الله تعالى أمر برد المسائل المتنازع فيها إلى الكتاب والسنة، فقال: ((فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِنْ كُنتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخر)).
ثانيا: إذا كان الطالب ليس عنده علم بالحديث ما يستطيع به الترجيح بين أقوال العلماء، فهذا عليه أن يقلد أهل العلم الذين يوثق بعلمهم ودينهم ويعمل بأحكامهم، قال الله تعالى: ((فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ)).
ويحرص هنا على أن يتبع منهم الأوثق ديانة والأعلم بالحديث.
ولا ينبغي للمسلم أن يتبع هواه في التقليد فيأخذ من أقوال العلماء ما يوافق هواه ولو خالف الدليل.
وهذه المسالك هي المتبعة عند اختلاف الفقهاء في مسائل الفقه.
وأخيرا: نستطيع أن نقول أن دعوى جمع الناس على مؤلف واحد يجمع فيه صحيح الحديث بحيث لايؤخذ إلا منه ويترك ما سواه، بدعوى جمع الأمة ورفع الاختلاف، دعوى فاسدة، وقد أنكرها الأئمة، وفي ثنايا المقال تفنيد مختصر لهذه الدعوى.
والله أعلم
مسألة من المسائل المهمة في علم الحديث وهي: تحرير موقف طالب العلم من اختلاف المحدثين حول الحديث صحة وضعفا.
قال الترمذي : “وقد اختلف الأئمة من أهل العلم في تضعيف الرجال كما اختلفوا في سوى ذلك من العلم”. انظر: (العلل) آخر كتاب (السنن)( 5 /756 ).
فالقاعدة أن اختلاف العلماء في الحكم على الحديث تصحيحا وتضعيفا مثل اختلافهم في مسائل الفقه؛ وذلك لأن تصحيح الحديث وتضعيفه خاضع للاجتهاد، وفيه تفاوت بين العلماء في العلم بأحوال الرجال وطرق الحديث.
وفي تقرير هذه القاعدة يقول ابن تيمية: “وهذا باب واسع وللعلماء بالرجال وأحوالهم في ذلك من الإجماع والاختلاف مثل ما لغيرهم من سائر أهل العلم في علومهم” .
انظر: (مجموع الفتاوى)( 20 / 240 ).
والحاصل: في بيان موقف طالب العلم من اختلاف المحدثين في التصحيح والتضعيف ما يأتي:
أولا: إذا كان الطالب عنده من العلم ما يستطيع به أن يقارن بين أقوال العلماء بالأدلة، والترجيح بينها، ومعرفة الأصح والأرجح وجب عليه ذلك.
لأن الله تعالى أمر برد المسائل المتنازع فيها إلى الكتاب والسنة، فقال: ((فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِنْ كُنتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخر)).
ثانيا: إذا كان الطالب ليس عنده علم بالحديث ما يستطيع به الترجيح بين أقوال العلماء، فهذا عليه أن يقلد أهل العلم الذين يوثق بعلمهم ودينهم ويعمل بأحكامهم، قال الله تعالى: ((فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ)).
ويحرص هنا على أن يتبع منهم الأوثق ديانة والأعلم بالحديث.
ولا ينبغي للمسلم أن يتبع هواه في التقليد فيأخذ من أقوال العلماء ما يوافق هواه ولو خالف الدليل.
وهذه المسالك هي المتبعة عند اختلاف الفقهاء في مسائل الفقه.
وأخيرا: نستطيع أن نقول أن دعوى جمع الناس على مؤلف واحد يجمع فيه صحيح الحديث بحيث لايؤخذ إلا منه ويترك ما سواه، بدعوى جمع الأمة ورفع الاختلاف، دعوى فاسدة، وقد أنكرها الأئمة، وفي ثنايا المقال تفنيد مختصر لهذه الدعوى.
والله أعلم ،وإلي لقاء آخر أترككم في حفظ الله وعنايته.