آلان تورنج والمثلي
بقلم د. شيرين العدوي
متابعة علاء حمدي
تصدمنا دعوات الغرب لممارسة الحريات وعلى رأسها المثلية. ويروج لها بشكل يجعلنا نتساءل: لماذا التركيز على هذا الموضوع بالذات وخصوصا عبر الكمبيوتر؟! ربما نستشعر الإجابة فى قصة آلان تورنج عالم الرياضيات والفيزيائى العبقرى الإنجليزى الذى يعزى إليه تطور الحاسوب، حيث قدم صياغة جديدة لمفهوم الخوارزمية والحوسبة باستخدام آلة تورنج التى يمكن اعتبارها من بين النماذج الأولى لما عليه الكمبيوتر الآن. وجدتنى أربط بين قصته وبين محاولة الترويج للمثلية والإصرارعلى الانتصار لها. حيث ينظر إلى تورنج على أنه أبوعلوم الكمبيوتر النظرية والذكاء الاصطناعي.
فالعالم مدين له بشكل ما عن الثورة الرقمية. ولد تورنج عام 1912م فى لندن، وتخرج فى جامعة كينجز كوليدج بكمبريدج عام 1934 وحصل على مرتبة الشرف الأولى فى تخصص الرياضيات، وانتخب فى عام 1935 وعمره 23 عاما زميلا فى الجامعة نفسها؛ لقوة أطروحته التى أثبت فيها مبرهنة النهاية المركزية لعالم الرياضيات فالديمار ليندربرج وكانت هذه المبرهنة جديدة على الوسط العلمى آنذاك. وقد سُمِّى قسم الكمبيوتر فى الجامعة على اسمه نظرا لإسهاماته فى العلوم بصفة عامة، والرياضيات البحته والحوسبة بصفة خاصة.
وقبل التعليم الجامعى فى عمر 13 عاما التحق بمدرسة شيربورن الداخلية وقد ظهرت عبقريته الرياضية جلية فى سن 16 عاما حيث درس أعمال وأطروحات ألبرت أينشتاين وتمكن من استيعابها، وانتبه إلى تساؤلات أينشتاين فيما يخص قوانين نيوتن للحركة من نص علمى لم ينتبه إليه أحد قبله.
وقد كون آلان فى هذه الفترة صداقة مهمة مع زميله كريستوفر كولان موركوم الذى وصفه بأنه حبه الأول إلا أنه فى عام 1930 مات كريستوفر بسبب مرض السل البقرى، وتسبب هذا الحدث فى حزن شديد لتورنج مما دفعه للاهتمام بعلوم الفلك التى شغف بها كريستوفر وفاء له. كان تورنج بعيدا عن الأضواء نظرا لخطورة دوره السرى مع الجيش الإنجليزى فى حل الشفرات السرية لمعسكرالأعداء النازى خلال الحرب العالمية الثانية؛ حيث عمل عام 1938 فى مكاتب الاتصالات الحكومية البريطانية، ومدرسة سايفر وهى منظمة حل الشفرات فى بريطانيا زمن الحرب.
وقد استطاع آلان تحليل شفرات آلة التشفير المشهورة إنجما التى استخدمتها ألمانيا النازية فى تشفير اتصالاتها؛هُزِمت ألمانيا عن طريق فك هذه الشفرة بآلة كهروميكانيكية اخترعها تورنج على غرار آلة بومبا البولندية. وقد سمى آلته تلك على اسم صديقه كريستوفر. وقد عمل تورنج فى المختبر الفيزيائى الوطنى وصمم محرك الحوسبة الأوتوماتيكى وهو أحد التصميمات الأولى لما يعرف بالحاسوب المخزن للبرامج، حيث ساعد فى تطوير أجهزة كمبيوتر مانشستر. ولأن أعماله كلها سرية من أجل بريطانيا لم يذع صيته حيث يعتبر كل ما قام به من أسرار الدولة العظمى.
حوكم تورنج بتهمة العلاقات المثلية وحكم عليه بما يسمى الإخصاء الكيميائى كعقاب بديل عن السجن. لم يتحمل تورنج هذا العلاج فسمم نفسه بمادة السيانيد القاتلة عام 1954 وعمره 42 عاما. وقد أصدرت ملكة بريطانيا عفوا ملكيا عنه عام 2013 وكرم بعمل جائزة باسمه، وتمثال يخلده. لو انتبه الآباء لما يحدث مع الأبناء فى الصغر لقضينا على هذه الآفة.