أخبار سياسية - اقتصادية - فنية - رياضية - عربية - دولية

فضائل وبدع شهر رجب

الدكرورى يكتب عن فضائل وبدع شهر رجب ” جزء 8″
بقلم / محمـــد الدكـــرورى

ونكمل الجزء الثامن مع فضائل وبدع شهر رجب، كما روى الطبري في تفسيره، فى كلهن، ثم اختص من ذلك أربعة أشهر فجعلهن حراما، وعظم حرماتهن، وجعل الذنب فيهن أعظم، والعمل الصالح والأجر أعظم، وعن قتادة رحمه الله قال إن الظلم في الشهر الحرام أعظم خطيئة ووزرا من الظلم فيما سواه، وإن كان الظلم على كل حال عظيما، ولكن الله يُعظم من أمره ما شاء، وقال إن الله أصطفى صفايا من خلقه، فأصطفى من الملائكة رسلا، ومن الناس رسلا، وأصطفى من الكلام ذكره، وأصطفى من الأرض المساجد، وأصطفى من الشهور رمضان والأشهر الحرم، واصطفى من الأيام يوم الجمعة، واصطفى من الليالى ليلة القدر، فعظموا ما عظم الله، فإنما تعظم الأمور بما عظمها الله تعالى عند أهل الفهم والعقل، وإن من أظهر الدلائل على تعظيم هذا الشهر الحرام.

هو الابتعاد عن ظلم الإنسان نفسه باجتراح الذنوب والسيئات، ومقارفة الآثام والخطيئات، ذلك لأن الذنب في كل زمان هو شر وشؤم على صاحبه لأنه اجتراء على الله عز وجل وعظم سلطانه، لكنه في الشهر الحرام أشد سوءا وأعظم شؤما، لأنه يجمع بين الاجتراء على الله تعالى، والاستخفاف بما عظمه الله عز وجل، وإذا كان تعظيم الشهر الحرام أمرا متوارثا لدى أهل الجاهلية قبل الإسلام، فكانوا يكفون فيه عن سفك الدم الحرام وعن الأخذ بالثأر والانتقام، أفليس من ينتسب إلى الإسلام أجدر وأحرى بهذا الالتزام؟ ولهذا فينبغي على المسلم أن يكون في هذا الشهر أكثر ابتعادا عن الذنوب والآثام، وتوقيا لكل ما يغضب الله عز وجل، فيبتعد عن ظلمه لربه بالإشراك به سبحانه وتعالى، وصرف شيء من العبادة لغيره عز وجل، ويبتعد عن ظلمه لإخوانه.

بالاعتداء عليهم وسفك دمائهم، أو أكل أموالهم وحقوقهم، أو الولوغ في أعراضهم، ونهش لحومهم، وتتبع عوراتهم، وإفشاء أسرارهم، وإلحاق الأذى بهم، وكذلك يبتعد عن ظلمه لنفسه، والإساءة إلى شخصه بمعصيته لخالقه سبحانه وتعالى، وخاصة ما يتساهل فيه بعض الناس من صغائر الذنوب، فإن صغائر الذنوب متى استرسل فيها الإنسان كان على وجهه في النار مكبوب، إلا أن يتوب، وإلى ربه يؤوب، فقد ثبت فى صحيح الإمام أحمد، عن سهل بن سعد الساعدى رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال “إياكم ومحقرات الذنوب، فإنما مثل محقرات الذنوب كقوم نزلوا فى بطن واد، فجاء ذا بعود، وجاء ذا بعود، حتى انضجوا خبزتهم، وإن محقرات الذنوب متى يؤخذ بها صاحبها تهلكه” هذا وكما أن المعاصي تعظم في الشهر الحرام.

فكذلك الحسنات والطاعات تعظم وتضاعف في هذه الأيام الطيبه المباركة، فالتقرب إلى الله عز وجل بالطاعة في الشهر الحرام أفضل وأحب إليه سبحانه وتعالى من التعبد في سائر الأيام، كما سبق في قول ابن عباس رضي الله عنهما “وجعل الذنب فيهن أعظم، والعمل الصالح والأجر أعظم” فيستحب للمسلم فى هذا الشهر الكريم الإكثار والمواظبة على ما ثبتت به السنة في سائر الأيام من نوافل الطاعات، من صلاة، وصيام، وصدقات، وغيرها من القربات، مع المحافظة على الفرائض والواجبات، ولكن لا يشرع تخصيصه بعبادة من العبادات، أو اعتقاد أن لها فضلا في هذا الشهر الكريم على سائر الطاعات، والحال أنه لم يشـرعها لنا فيه النبى الله صلى الله عليه وسلم ولا فعلها فيه صحابته الكرام رضي الله عنهم، ذلك لأنه رويت أحاديث كثيرة موضوعة.

أو منكرة ضعيفة، وأخبار عديدة واهية، أو ساقطة تالفة تدل على استحباب إحياء بعض ليالي هذا الشهر، أو فضل المداومة على الصيام، وإخراج الزكاة في أيام هذا الشهر، وتلكم الأحاديث والأخبار لا تصلح أن يعتمد عليها في إثبات مشـروعية تخصيص شهر رجب بتلك العبادات، لأن العبادة لا تشـرع في الإسلام إلا بدليل ظاهر من الكتاب الكريم، أو من صحيح سنة خير الأنام، وإلا كان العمل غير مقبول بحال، لقوله صلى الله عليه وسلم فيما رواه مسلم ” من عمل عملا ليس له أمرنا فهو رد” ويكثر في هذا الشهر تناقل بعض الأحاديث المنسوبة إلى النبي صلى الله عليه وسلم، وهي لم تثبت عنه صلى الله عليه وسلم، وينبغي للمسلم ألا ينشر حديثا حتى يتأكد من ثبوته وصحته.