الدكرورى يكتب عن فضائل وبدع شهر رجب ” جزء 6″
بقلم / محمـــد الدكـــرورى
ونكمل الجزء السادس مع فضائل وبدع شهر رجب، وقال النبي صلى الله عليه وسلم “عليكم بسنتى وسنة الخلفاء الراشدين المهديين من بعدي، عضوا عليها بالنواجذ، إاياكم ومحدثات الأمور، فإن كل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة، وكل ضلالة في النار” فلا بد للمسلم إذا أن يستسلم لشرع وأمر رسوله الكريم صلى الله عليه وسلم ويسأل هل فعله الذي يفعل موجود في سنته صلى الله عليه وسلم أم عمل به سلف الأمة وخيارها؟ فإن لم يجد من ذلك شيئا فلا يغتر بكثرة الهالكين، ولا يكن دليله أنه وجد الناس يعملون هذا العمل، فهو لهم تبع، فالله تعالى يقول فى كتابه الكريم ” وإن تطع أكثر من في الأرض يضلوك عن سبيل الله” وقال حسان بن عطية “ما ابتدع قوم بدعة في دينهم إلا نزع الله من سنتهم مثلها، ولا يعيدها إليهم إلى يوم القيامة” وقال أيوب السختيانى.
“ما ازداد صاحب بدعة اجتهادا إلا زاد من الله بعدا” وإن من أبرز تلك المواسم البدعية هو ما يقوم به بعض العباد في كثير من البلدان في شهر رجب، وأما عن بدعة صلاة الرغائب، فنتحدث أولا عن صفتها، وقد وردت صفتها في حديث موضوع عن أنس بن مالك رضى الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم، أنه قال “ما من أحد يصوم يوم الخميس، وهو أول خميس من رجب، ثم يصلي فيما بين العشاء والعتمة يعني ليلة الجمعة اثنتي عشرة ركعة، يقرأ في كل ركعة بفاتحة الكتاب مرة وسورة القدر” إنا أنزلناه فى ليلة القدر” ثلاث مرات، وسورة الإخلاص ” قل هو الله أحد ” اثنتي عشرة مرة، يفصل بين كل ركعتين بتسليمة، فإذا فرغ من صلاته صلى عليّ سبعين، فيقول في سجوده سبعين مرة “سبوح قدوس رب الملائكة والروح” ثم يرفع رأسه ويقول.
سبعين مرة رب اغفر وارحم وتجاوز عما تعلم، إنك أنت العزيز الأعظم، ثم يسجد الثانية فيقول مثل ما قال في السجدة الأولى، ثم يسأل الله تعالى، حاجته، فإنها تقضى” وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم “والذي نفسي بيده، ما من عبد ولا أمة صلى هذه الصلاة إلا غفر الله له جميع ذنوبه، ولو كانت مثل زبد البحر، وعدد الرمل، ووزن الجبال، وورق الأشجار، ويشفع يوم القيامة في سبعمائة من أهل بيته ممن قد استوجب النار” وقد قال ابن تيمية “وأما صلاة الرغائب، فلا أصل لها، بل هي محدثة، فلا تستحب، لا جماعة ولا فرادى، فقد ثبت في صحيح مسلم أن النبي صلى الله عليه وسلم “نهى أن تخص ليلة الجمعة بقيام أو يوم الجمعة بصيام” وقد كان الرؤساء من أهل الكتاب يمنعهم الإسلام خوف زوال رئاستهم، وفيهم نزل قول الله تعالى.
كما جاء فى سورة البقرة ” فويل للذين كتبون الكتاب بأيديهم ثم يقولون هذا من عند الله ليشتروا به ثمنا قليلا فويل لهم مما كتبت أيديهم وويل لهم مما يكسبون” وأما عن حادثة الإسراء والمعراج، فإن من أعظم معجزات النبي صلى الله عليه وسلم، هو الإسراء به صلى الله عليه وسلم، ليلا من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى، ثم العروج به صلى الله عليه وسلم، إلى السماوات السبع فما فوقها، وقد انتشر في بعض البلدان الاحتفال بذكراها في ليلة السابع والعشرين من رجب، ولا يصح كون ليلة الإسراء في تلك الليلة، وعلى أنه لو ثبت تعيين ليلة الإسراء والمعراج لما شرع لأحد تخصيصها بشيء، لأنه لم يثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم ولا عن أحد من صحابته أو التابعين لهم بإحسان أنهم جعلوا لليلة الإسراء مزية عن غيرها، فضلا عن أن يقيموا احتفالا بذكراها.
بالإضافة إلى ما يتضمنه الاحتفال بها من البدع والمنكرات، وقال ابن العطار، وما يفعله الناس في هذه الأزمان من إخراج زكاة أموالهم في رجب دون غيره من الأزمان لا أصل له، بل حكم الشرع أنه يجب إخراج زكاة الأموال عند حولان حولها بشرطه سواء كان رجبا أو غيره، فإن شهر رجب أحد الشهور الأربعة الحرم التي خصها الله تعالى بالذكر ونهى عن الظلم فيها تشريفا لها كما جاء في قوله عز وجل كما جاء فى سورة التوبة” إن عدة الشهور عند الله اثنا عشر شهراً في كتاب الله يوم خلق السموات والأرض منها أربعة حرم ذلك الدين القيم فلا تظلموا فيهن أنفسكم” فهذا هو كل ما ورد في شهر رجب مما يصلح للاحتجاج، أما تخصيصه بصيام يوم منه معين أو قيام بعض لياليه أو تخصيص ليلة السابع والعشرين منه باحتفال يسمى الاحتفال بمناسبة الإسراء والمعراج.