الدكرورى يكتب عن فضائل وبدع شهر رجب ” جزء 3″
بقلم / محمـــد الدكـــرورى
ونكمل الجزء الثالث مع فضائل وبدع شهر رجب، وقد جاءت الوصية في القرآن الكريم، فيقول تعالي ” إن عدة الشهور عند الله اثنا عشر شهرا في كتاب الله يوم خلق السماوات والأرض منها أربعة حرم، ذلك الدين القيم، فلا تظلموا فيهن أنفسكم” وإن من أشهر الأحاديث الضعيفة في صيامه” إن في الجنة نهرا يقال له رجب، ماؤه أشد بياضا من اللبن وأحلى من العسل، من صام يوما من رجب سقاه الله من ذلك النهر” وأيضا حديث “من صام من رجب يوما كان كصيام شهر، ومن صام منه سبعة أيام غلقت عنه أبواب الجحيم السبعة ومن صام منه ثمانية أيام فتحت أبواب الجنة الثمانية، ومن صام منه عشرة أيام بدلت سيئاته حسنات” ومنها حديث طويل جاء في فضل صيام أيام منه، وفي أثناء الحديث “رجب شهر الله وشعبان شهرى ورمضان شهر أمتي”
وقيل إنه موضوع، وجاء في الجامع الكبير للسيوطي أنه من رواية أبي الفتح بن أبي الفوارس في أماليه عن الحسن مرسلا، ومن الأحاديث غير المقبولة في فضل صلاة مخصوصة فيه “من صلي المغرب في أول ليلة من رجب ثم صلى بعدها عشرين ركعة، يقرأ في كل ركعة بفاتحة الكتاب، وقل هو الله أحد مرة ويسلم فيهن عشر تسليمات حفظه الله في نفسه وأهله وماله وولده، وأجير من عذاب القبر، وجاز على الصراط كالبرق بغير حساب ولا عذاب” وهو حديث موضوع، ومثلها صلاة الرغائب، وإن للأشهر الحرم مكانة عظيمة ومنها شهر رجب لأنه أحد هذه الأشهر الحرم فقال تعالى “يا أيها الذين آمنوا لا تحلوا شعائر الله ولا الشهر الحرام” أي لا تحلوا محرماته التي أمركم الله بتعظيمها ونهاكم عن ارتكابها فالنهي يشمل فعل القبيح ويشمل اعتقاده.
وقال تعالى “فلا تظلموا فيهن أنفسكم” أي في هذه الأشهر المحرمة، والضمير في الآية عائد إلى هذه الأربعة الأشهر على ما قرره إمام المفسرين ابن جرير الطبري رحمه الله، فينبغي مراعاة حرمة هذه الأشهر لما خصها الله تعالى به من المنزلة والحذر من الوقوع في المعاصي والآثام تقديرا لما لها من حرمة، ولأن المعاصي تعظم بسبب شرف الزمان الذي حرمه الله عز وجل ولذلك حذرنا الله تعالى في الآية السابقة من ظلم النفس فيها مع أنه أي ظلم النفس ويشمل المعاصي وهو يحرم في جميع الشهور، وأما عن القتال في الشهر الحرام، فقال الله تعالى “يسألونك عن الشهر الحرام قتال فيه قل قتال فيه كبير” وقال جمهور العلماء على أن القتال في الأشهر الحرم منسوخ بقوله تعالى “فإذا أنسلخ الأشهر الحرم فاقتلوا المشركين حيث وجدتموهم”
وغير ذلك من العمومات التي فيها الأمر بقتالهم مطلقا، واستدلوا بأن الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم قاتل أهل الطائف في ذي القعدة وهو من الأشهر الحرم، وقال آخرون لا يجوز ابتداء القتال في الأشهر الحرم وأما استدامته وتكميله إذا كان أوله في غيرها فإنه يجوز، وحملوا قتال النبي صلى الله عليه وسلم لأهل الطائف على ذلك لأن أول قتالهم في حنين في شوال، وكل هذا في القتال الذي ليس المقصود فيه الدفع ، فإذا دهم العدو بلدا للمسلمين وجب على أهلها القتال دفاعا سواء كان في الشهر الحرام أو في غيره، وأما عن الصوم في شهر رجب، فإنه لم يصح في فضل الصوم في شهر رجب بخصوصه شيء عن النبي صلى الله عليه وسلم، ولا عن أصحابه، وإنما يشرع فيه من الصيام ما يشرع في غيره من الشهور، من صيام الاثنين والخميس.
والأيام الثلاثة البيض وصيام يوم وإفطار يوم، والصيام من سرر الشهر وسرر الشهر قال بعض العلماء أنه أول الشهر وقال البعض أنه أوسط الشهر وقيل أيضا أنه آخر الشهر، وقد كان عمر بن الخطاب رضي الله عنه ينهى عن صيام رجب لما فيه من التشبه بالجاهلية كما ورد عن خرشة بن الحر قال “رأيت عمر يضرب أكف المترجبين حتى يضعوها في الطعام، ويقول “كلوا فإنما هو شهر كانت تعظمه الجاهلية” وقال الإمام ابن القيم رحمه الله، ولم يصم رسول الله صلى الله عليه وسلم الثلاثة الأشهر سردا، أي رجب وشعبان ورمضان، كما يفعله بعض الناس ولا صام رجبا قط ولا استحب صيامه، وقال الحافظ ابن حجر في تبين العجب بما ورد في فضل شهر رجب، لم يرد في فضل شهر رجب ولا في صيامه ولا في صيام شيء منه معين.