الدكرورى يكتب عن السيدة زينب بنت محمد ” جزء 1″
بقلم / محمـــد الدكـــرورى
السيدة زينب، هي زينب بنت محمد بن عبد الله بن عبد المطلب، القرشية الهاشمية، بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم سيد البشر أجمعين صلى الله عليه وسلم، وأمها هي السيدة خديجة بنت خويلد رضي الله عنها، وهي كبرى بنات النبي الكريم محمد صلي الله عليه وسلم وثاني أبنائه بعد القاسم حيث هو أول أبناء النبي صلى الله عليه وسلم وبه كان يُكنى، ووُلد بعدها عبد الله ورقية وأم كلثوم وفاطمة، وهي أكبر بنات النبي صلى الله عليه وسلم من الإناث وثاني أبنائه من الذكور والإناث حيث إن القاسم هو أكبر أبنائه صلى الله عليه وسلم، وقد وُلدت السيدة زينب قبل البعثة النبوية بعشر سنين أي بعد مولد النبي صلى الله عليه وسلم بنحو ثلاثين عاما، وقد تزوجت السيدة زينب من ابن خالتها أبو العاص بن الربيع وكان عمرها آنذاك أقل من عشرة أعوام.
وكان زوجها أبو العاص هو أحد أشراف مكة كما أنه كان صاحب مال وتجارة وكانا نِعم الزوجين لبعضهما، وقد أسلمت بداية البعثة مع أمها وبقي زوجها أبو العاص على دينه، ورغم ذلك لم يقبل مفارقتها حين طلبت قريش ذلك، وقال “لا والله، إني لا أفارق صاحبتي، وما أحب أن لي بامرأتي امرأة من قريش” والسيدة زينب كان لها من زوجها ولدا اسمه علي والذي توفي صغيرا وبنتا اسمها أمامة والذي تزوجها الإمام علي بن أبي طالب بعد وفاة زوجته السيدة فاطمة الزهراء ثم تزوجت من المغيرة بن نوفل، وذلك بعد وفاة الإمام علي رضي الله عنه، ولم تكن السيده زينب رضي الله عنها قد جاوزت العاشرة من عمرها حين رنت إليها عيون الهاشميين، وتنافست بيوتات مكة على الظفر بها عروسا لمن يختاره أبواها من كرام الفتية القرشيين.
وكان الذي ظفر بها أبو العاص بن الربيع رضي الله عنه، ابن خالتها هالة بنت خويلد، وهو من أشراف مكة، وكان ذلك قبل مهبط الوحي على رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقد كانت السيدة زينب رضي الله عنه قد تعلمت الوفاء والإخلاص والمودة من أبويها، فكانت نِعم الزوجة والحبيبة لزوجها وابن خالتها أبي العاص بن الربيع، وهو أيضا، لم يكن بأقل منها وفاء وإخلاصا ومحبة، فعلى الرغم من أن زوجها أبو العاص ثبت على دين قريش، وكان من معدودي رجال مكة مالا وأمانة وتجارة، فإنه حين مشت إليه وجوه قريش، وقالوا اردد على محمد ابنته، ونحن نزوجك أية امرأة أحببت من قريش، فقال لا، والله، إذن لا أفارق صاحبتي، فإنها خير صاحبة، ولما سارت قريش إلى بدر كَان معهم، فأسر في المعركة، وعن السيدة عائشة رضي الله عنها.
قالت لما بعث أهل مكة في فداء أسراهم بعثت زينب في فداء أبي العاص بمال، وبعثت فيه بقلادة لها كانت عند السيدة خديجة أدخلتها بها على أبي العاص قالت فلما رآها رسول الله صلى الله عليه وسلم رق لها رقة شديدة، وقال صلى الله عليه وسلم ” إن رأيتم أن تطلقوا لها أسيرها وتردوا عليها الذي لها” فقالوا نعم، وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم أخذ عليه أو وعده أن يخلي سبيل زينب إليه، وبعث رسول الله صلى الله عليه وسلم، زيد بن حارثة رضي الله عنه ورجلا من الأنصار، فقال ” كونا ببطن يأجج حتي تمر بكما زينب فتصحباها حتي تأتيا بها” وكان أبو العاص بن الربيع قد خرج في سنة ست من الهجرة إلى الشام في تجارة له، فلما انصرف بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم زيد بن حارثة مولاه في كثف من المسلمين لاعتراض العير التي أقبل فيها أبو العاص.
فاستاقها وأسره، فأتي به إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فبعث إلى زينب رضي الله عنها يستجير بها، ويقال بل حاص حيصة حتى أتى زينب، فاستجار بها، فأجارته، فلما صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم صلاة الصبح، قالت، وهي في صفة النساء أيها الناس، إني قد أجرت أبا العاص ابن الربيع ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم ” أيها الناس أسمعتم ما سمعت؟ قالوا نعم، قال ” فو الذي نفسي بيده ما علمت بما كان حتي سمعت ما سمعتم، إنه يجير على المسلمين أدناهم، ثم دخل رسول الله صلى الله عليه وسلم، عند انصرافهم من المسجد، فقال ” يا بنية أكرمي مثواه، ولا يخلصن إليك، وبعث إلى المسلمين ممن كَان في السرية ” إنكم قد عرفتم مكان هذا الرجل منا، فإن تردوا عليه ماله فإنا نحب ذلك، وإلا تردوه فأنتم أملك بفيئكم الذي جعله الله لكم” فقالوا بل نرده يا رسول الله، فردوا عليه ماله وجميع ما كان معه.