الدكرورى يكتب عن جُمانة بنت أبي طالب
بقلم / محمــــد الدكـــرورى
السيدة جُمانة بنت أبي طالب بن عبد المطلب، وهي إبنة أبو طالب عم النبي الكريم محمد صلى الله عليه وسلم، وكان هو الذي تولى رعايته بعد وفاة جده عبد المطلب، فأحسن كفالته وتوصى به خير وصية، ومكث النبي صلى الله عليه وسلم، في كنفه حتى شبّ وكبُر، وكثيرا ما لمس أبو طالب البركة والخير بين يدي رسول الله صلى الله عليه وسلم، وكان أبو طالب رجلا كريما رغم فقره وكثرة أبنائه، وكان سيدا من سادات قريش، وقد سار على خطى والده عبد المطلب في السيادة، فكان مهابا محترما من قريش، يُحبه الجميع ويُحبهم، وكان النبي صلى الله عليه وسلم، قد أخذ مكانا مميزا في نفس أبي طالب.
فقد كان يحبه حبا شديدا فاق كل أحد سواه، ولازمه النبي صلى الله عليه وسلم، طوال الوقت، ويأخذه معه في تجاراته التي كان يخرج فيها، والسيده جمانه هى شقيقة الإمام علي بن أبي طالب، وهو أبو الحسن علي بن أبي طالب الهاشمي القرشي، وهو ابن عم النبي صلى الله عليه وسلم، وصهره، ومن آل بيته، وهو أحد أصحابه، وهو رابع الخلفاء الراشدين، وأحد العشرة المبشرين بالجنة، وجمانه هى ابنة عم الرسول صلى الله عليه وسلم، وإخوانها هم طالب وعقيل وجعفر وعلي بن أبي طالب رضي الله عنهم، وأختها أم هانئ بنت أبي طالب رضي الله عنها.
وأما عن أمها فهى السيدة فاطمه بنت أسد بن هاشم بن عبد مناف بن قصي، وفاطمة بنت أسد، قد ولدت في مكة المكرمة، وكانت كأم لرسول الله محمد بن عبد الله صلى الله عليه وسلم، منذ صغره، وقد أسلمت فاطمة بنت أسد بعد عشرة من المسلمين وكانت الحادية عشرة منهم والثانية من النساء، وقد هاجرت إلى المدينة المنورة وتوفيت في السنة الرابعه للهجرة النبوية ودفنت في مقبرة البقيع، والسيده جمانه بنت أبى طالب، قد تزوجها أبو سفيان بن الحارث بن عبد المطلب بن هاشم بن عبد مناف بن قصى، وهو صحابي، وهو ابن عم النبي صلى الله عليه وسلم، وقد تأخر إسلامه حتى فتح مكة.
ثم شهد مع النبي صلى الله عليه وسلم، غزوتي حنين والطائف، وتوفي في المدينة المنورة في خلافة أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضى الله عنه، وكان أبو سفيان المغيرة بن الحارث بن عبد المطلب بن هاشم ابن عم النبي صلى الله عليه وسلم، وأخوه من الرضاعة وقد أرضعتهما حليمة السعدية، وكان من أكثر الناس شبها به في الشكل، غير أن النبي صلى الله عليه وسلم، عندما دعا قومه إلى الإسلام، باغضه أبو سفيان وعاداه، وهجاه وأصحابه بشعره، وكان أبو سفيان من الشعراء المطبوعين، وحين هاجر النبي صلى الله عليه وسلم، إلى يثرب، لم يتخلف أبو سفيان عن أي من المعارك التي خاضتها قريش ضد المسلمين.
ولما سار النبي صلى الله عليه وسلم، إلى فتح مكة، سار أبو سفيان ومعه ولده جعفر فلقياه بالأبواء أو ثنية العقاب مسلمان، فأعرض عنه النبي صلى الله عليه وسلم، لما كان منه من هجائه وأذيته للمسلمين، فتذلل له أبو سفيان حتى رضي النبي صلى الله عليه وسلم، وقبله، ثم لزم أبو سفيان النبي صلى الله عليه وسلم، وشهد معه غزوتي حُنين والطائف، وكان ممن ثبت معه في القتال يوم حنين لما انسحب المسلمون أول المعركة، وكان النبي صلى الله عليه وسلم، يهبه كل عام من مال خيبر مائة وسق، وبعد وفاة النبي صلى الله عليه وسلم، حج أبو سفيان في عام، فحلق له الحلاق بمنى.
فقيل أن الحلاق قطع ثؤلولا في رأسه، فمرض منه ومات بعد قدومه إلى المدينة المنورة العام الخامس عشر من الهجره، وذلك بعد وفاة أخيه نوفل بن الحارث بأربعة أشهر، وصلى عليه الخليفة وقتها أمير المؤمنين عمر بن الخطاب، ودُفن بالبقيع، وأوصى وهو يحتضر فقال لا تبكوا علي، فإني لم أتنطف بخطيئة منذ أسلمت، وكان لأبي سفيان من الولد جعفر وكانت أمه هى جمانة بنت أبي طالب، وكان له أيضا أبو الهياج عبد الله وجمانة وحفصة ويقال حميدة وكانت أمهم فغمة بنت همام بن الأفقم، وله ابنته عاتكة وكانت أمها أم عمرو بنت المقوم بن عبد المطلب بن هاشم، وله أمية وأم كلثوم أمهاتهم أمهات أولاد.
وقد انقرض عقب أبي سفيان بعد ذلك، فلم يبقي منهم أحد، فولدت له جعفر بن أبي سفيان، وأطعمها رسول الله صلى الله عليه وسلم، في خيبر ثلاثين وسقا، وقد أسلمت السيده جمانه رضوان الله عليها، قبل فتح خيبر عام سبعه من الهجره، لأن رسول الله صلى الله عليه وسلم، أعطاها في خيبر ثلاثين وسقا، ولم يكن ليعطيها إلا وهي مسلمة، ولقد هاجرت الى المدينه، وقد توفيت السيده جمانه في حياة رسول الله صلى الله عليه وسلم، في المدينة المنورة، ودُفنت فيها.