الدكرورى يكتب عن السيدة أسماء بنت عميس ” جزء 2″
بقلم / محمــــد الدكـــــرورى
ونكمل الجزء الثاني ومع السيدة أسماء بنت عميس، وكان أبوبكر الصديق رضي الله عنه يحب زوجته السيدة أسماء ويجلها ويحترمها أيضا، وقد أوصى أن تتولى غسله بعد وفاته فوفت وصيته وغسّلته وأعانها في ذلك ابنه عبد الرحمن بن أبي بكر، وعندما توفى أبو بكر الصديق، وبعد أن انقضت عدتها خطبها علي بن أبي طالب رضي الله عنه أخو زوجها الأول جعفر بن أبي طالب فتزوجته وأنجبت منه يحيى وعون، وعلى هذا فإن لأسماء ولدان باسم عون أحدهما عون بن جعفر والآخر عون بن علي بن أبي طالب رضي الله عنهم، وهي أيضا تدعى بأم المحمدين، وكانت تخدم فاطمة إلى أن توفيت وهي أخت ميمونة أم المؤمنين، ورافقت السيدة الفاضلة زوجها علي في رحلة جهاده ومعاناته حتى استشهد رضي الله عنه، ولم تتزوج بعده أحدا، ودّعت السيدة الفاضلة.
والصحابية الجليلة أسماء بنت عميس الحياة وقد روت عن النبي صلى الله عليه وسلم ستين حديثا، وتوفيت سنة ثمان وثلاثين للهجرة، وقيل بعد الستين عاما، وعن السيدة أسماء بنت عميس قالت “كنت صاحبة عائشة التي هيأتها فأدخلتها على النبي صلى الله عليه وسلم، في نسوة فما وجدنا عنده قرى إلا قدح من لبن فتناوله فشرب منه ثم ناوله عائشة فاستحيت منه فقلت لا تردي يد رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأخذته فشربته ثم قال “ناولي صواحبك” فقلت لا نشتهيه فقال النبى صلى الله عليه وسلم “لا تجمعن كذبا وجوعا” فقلت إن قالت إحدانا لشيء تشتهيه لا أشتهي أيعد ذلك كذبا؟ فقال النبى صلى الله عليه وسلم ” إن الكذب يكتب كذبا حتى الكذيبة تكتب كذيبة ” وقيل أن فاطمة قالت لأسماء بنت عميس إني أستقبح ما يصنع بالنساء يطرح على المرأة الثوب فيصفها.
قالت يا ابنة رسول الله صلى الله عليه وسلم ألا أريك شيئا رأيته بالحبشة فدعت بجرائد رطبة فحنتها ثم طرحت عليها ثوبا فقالت فاطمة ما أحسن هذا وأجمله إذا مت فغسليني أنت وعلي ولا يدخلن أحد علي، وعن ابن عباس قال بينما رسول الله صلى الله عليه وسلم جالس وأسماء بنت عميس قريبة إذ قال “يا أسماء هذا جعفر مع جبريل وميكائيل مر فأخبرني أنه لقي المشركين يوم كذا وكذا فسلم فردي عليه السلام” وقال “إنه لقي المشركين فأصابه في مقاديمه ثلاث وسبعون فأخذ اللواء بيده اليمنى فقطعت ثم أخذ باليسرى فقطعت”، قال فعوضني الله من يدي جناحين أطير بهما مع جبريل وميكائيل في الجنة آكل من ثمارها، وقالت أسماء بنت عميس حججت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم تلك الحجة فبينما نحن نسير إذ تجلى له جبريل على الراحلة.
فلم تطق الراحلة من ثقل ما عليها من القرآن فبركت فأتيته فسجيت عليه برداء كان علي، وعن أسماء بنت عميس أنها ولدت محمد بن أبي بكر بالبيداء فذكر أبو بكر لرسول الله صلى الله عليه وسلم فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم “فلتغتسل ثم لتهل” وأيضا عن أسماء بنت عميس قالت قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم “ألا أعلمك كلمات تقولينهن عند الكرب أو في الكرب، الله الله ربي لا أشرك به شيئا” وروي أن أسماء بنت عميس رجعت من الحبشة مع زوجها جعفر بن أبي طالب، فدخلت على نساء النبي صلى الله عليه وسلم فقالت هل نزل فينا شيء من القرآن؟ قلن لا، فأتت النبي صلى الله عليه وسلم فقالت يا رسول الله إن النساء لفي خيبة وخسار، قال “ومم ذاك؟” قالت لأنهن لا يذكرن بخير كما يذكر الرجال، فأنزل الله هذه الآية.
“إن المسلمين والمسلمات والمؤمنين والمؤمنات والقانتين” وقيل أنه دخل نفر من بني هاشم، دخلوا على أسماء بنت عميس، فدخل أبو بكر الصديق وهي تحته يومئذ، فرآهم فكره ذلك، ثم ذكره لرسول الله صلى الله عليه وسلم وقال لم أري إلا خيرا، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم “إن الله قد برأها من ذلك” ثم قام رسول الله صلى الله عليه وسلم على المنبر فقال “لا يدخلن رجل بعد يومي هذا على مغيبة إلا ومعه رجل أو اثنان” وقال الشعبي تزوج الإمام علي بن أبي طالب السيدة أسماء بنت عميس فتفاخر ابناها، محمد بن جعفر، ومحمد بن أبي بكر، فقال كل منهما أبي خير من أبيك، فقال علي، يا أسماء اقضي بينهما، فقالت ما رأيت شابا كان خيرا من جعفر، ولا كهلا خيرا من أبي بكر، فقال علي، ما تركت لنا شيئا، ولو قلت غير هذا لمقتك.
فقالت والله إن ثلاثة أنت أخسهم لخيار، وقالت السيدة عائشة رضى الله عنها، كان لأسماء بنت عميس علي دينار وثلاثة دراهم فكانت تدخل علي فأستحي أن أنظر في وجهها لأني لا أجد ما أقضيها فكنت أدعو بذلك فما لبثت إلا يسيرا حتى رزقني الله رزقا ما هو بصدقة تصدق بها علي ولا ميراث ورثته فقضاه الله عني وقسمت في أهلي قسما حسنا وحليت ابنة عبد الرحمن بثلاث أواق ورق وفضل لنا فضل حسن، وعن أسماء بنت عميس قالت، قلت يا رسول الله إن فاطمة بنت أبي حبيش استحيضت منذ كذا وكذا فلم تصلي فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم “سبحان الله هذا من الشيطان لتجلس في مركن فإذا رأت صفارة فوق الماء فلتغتسل للظهر والعصر غسلا واحدا وتغتسل للمغرب والعشاء غسلا ثم توضأ فيما بين ذلك” فسلام لكى منا يا صحابية رسول الله صلى الله عليه وسلم يا زوجة ذي الجناحين جعفر الطيار يا أم عبدالله بن جعفر الكريم الذي عُد من أجواد العرب وسلام لكى منا يا زوجة الخليفتين أبي بكر وعليّ رضي الله عنكم أجمعين .