الدكرورى يكتب عن مدعية النبوة سجاح الكاهنة ” جزء 9″
بقلم / محمـــد الدكـــرورى
مدعية النبوة سجاح الكاهنة ” جزء 9″
ونكمل الجزء التاسع مع مدعية النبوة سجاح الكاهنة، فقال بذلك أوحي إلي، وأقامت عنده ثلاثة أيام، ثم رجعت إلى قومها فقالوا ما أصدقك ؟ فقالت لم يصدقني شيئا فقالوا إنه قبيح على مثلك أن تتزوج بغير صداق، فبعثت إليه تسأله صداقها، فقال أرسلي إلي مؤذنك، فبعثته إليه، وهو شبث بن ربعي، فقال نادى في قومك إن مسيلمة بن حبيب رسول الله قد وضع عنكم صلاتين مما أتاكم به محمد، وهو يعني صلاة الفجر وصلاة العشاء الآخرة، وقيل بل قال لهم إني وضعت عنكم ما أتاكم به محمد من الصلوات، وأبحت فروج المؤمنات، وشرب الخمر في الكاسات، فكان هذا صداقها عليه، لعنهما الله، ثم انشمرت سجاح راجعة إلى بلادها، وذلك حين بلغها دنو خالد بن الوليد من أرض اليمامة، فكرت راجعة إلى الجزيرة.
بعدما قبضت من مسيلمة نصف خراج أرضه، فأقامت في قومها بني تغلب إلى زمان معاوية، فأجلاهم منها عام الجماعة، وأما عن عكرمة بن أبي جهل فإن أبوه عمرو بن هشام بن المغيرة بن عبد الله بن عمر بن مخزوم بن يقظة بن مرة بن كعب بن لؤي، الشريف الرئيس الشهيد، أبو عثمان القرشى المخزومي المكي وكان لما قتل أبوه، تحولت رئاسة بني مخزوم إلى عكرمة، ثم إنه أسلم وحسن إسلامه بالمرة، فقال ابن أبي مليكة كان عكرمة إذا اجتهد في اليمين قال لا والذي نجاني يوم بدر، ولما دخل رسول الله صلى الله عليه وسلم، هرب منها عكرمة وصفوان بن أمية بن خلف، فبعث النبي صلى الله عليه وسلم يؤمنهما، وصفح عنهما، فأقبلا إليه، وإن من الأوهام التي حاولت الكثير من المصادر العربية الإسلامية غرسها في الأذهان.
أن الإسلام قد حرر المرأة من الرق والعبودية وأن العرب قبل الإسلام كانوا لا يقيمون وزنا للمرأة وكانت حججهم ضئيلة باهتة لهذا فقد كان الخطاب الإسلامي لا يكف عن الإستشهاد بوأد الأنثى في ما يسمى بعصر الجاهلية ليؤكد فقهاء اليوم ذلك ثم تأتي العامة لتعلك هذا البهتان كما يعلكون العلك أبو السهم، استنادا لعقلية لا تريد أن تنضج ألا وهي القبول بالمطروح من آراء مشايخ الدين، قبوله على أساس الثقة من دون تعمق أو فحص فالوأد كان محدودا ونادر الوقوع وكان لدى بعض القبائل البدوية فقط، وتبعا ذلك يُعتبر طرحهم هذا تعارضا صارخا للواقع تكشفه أول من تكشفه خديجة بنت خويلد السيدة الثرية ذات الشأن الكبير والمكانة الإجتماعية المرموقة قبل الإسلام وهند بنت عتبة أم الخليفة معاوية ذات الفصاحة.
والثقة بالنفس وغيرهما وغيرهما، وهنا أيضا الحديث عن امرأة كانت لها منزلة سامقة وصار لها أتباع من قبيلتها وقبائل أخرى وأعني سجاح الشاعرة الحالمة، فهذه المرأة إذا كذب العرب المسلمون رسالتها السماوية فلن يستطيعوا تكذيب رسالتها الإنسانية والأخلاقية في تحدي سلطة الرجل وإعادة الإعتبار لمكانة المرأة ومهما كانت المؤاخذات التي تنسب لها وأغلبها كاذبة فما من أحد كان يعيش في مثل ظروفها إلا وأصابته الحيرة في شأن خطورة التحديات التي واجهتها، فقد ظهرت سجاح التميمية على مسرح الأحداث بعد وفاة النبي صلى الله عليه وسلم، فظهرت شرقى نجد وسعت إلى غزو اليمامة بجيشها البالغ تعداده أربعين ألفا، قائلة لجيشها سجعا عليكم باليمامة، دفوا دفيف الحمامة، فإنها غزوة صرامة، لا تلحقكم بعدها ملامة.
وحين علم مسيلمة الكذاب بذلك عرض عليها أن تنضم إليه في مواجهة المسلمين، فكانت هذه السيدة التي ولدت عام ستمائة وخمسة وسبعون ميلادى وجيهة رفيعة الشأن في قبيلتها، ولمعت شخصيتها في فترة الردة وكانت على معرفة مسبقة بظهور نبي جديد ودين جديد وعلى معرفة بالأديان التي سبقت الإسلام وذلك بسبب ثقافتها العراقية النصرانية فعشيرتها كانت تسكن العراق منذ القدم، وحين أعلنت نبوتها تبعها جمع من قبيلتها وكان منهم بعض كبار تميم كالزبرقان ين بدر، وعطار بن حاجب، وشبث بن ربعي الرياحي وعمرو بن الأهتم وقد بلغت بها الجرأة أن طلبت من أتباعها السير إلى الحجاز وغزو مكة والإستيلاء على دولة الخلافة.