الدكرورى يكتب عن مدعية النبوة سجاح الكاهنة ” جزء 7″
بقلم / محمـــد الدكـــرورى
مدعية النبوة سجاح الكاهنة ” جزء 7″
ونكمل الجزء السابع مع مدعية النبوة سجاح الكاهنة، وأن هناك ثمة أسبابا سياسية دفعت إلى هذا التمرد الكبير الذى اجتاح القبائل العربية التى أسلمت وأطاعت النبى صلى الله عليه وسلم، وإن كتب التراث ذاتها تذكر أن هؤلاء المرتدين كانوا يصفون أنفسهم بالمسلمين، ما يعنى أن الصراع فى جوهره شكل امتدادا لأحداث السقيفة التى شهدت صراعا مكيا ومدنيا، على الحكم، والواضح أن الكثير من القبائل العربية لم ترضى عن النتيجة التى تمخضت عنها مفاوضات السقيفة بتولية أبى بكر الصديق رضى الله عنه، وجعل الحكم حكرا على قريش فاندلع هذا التمرد السياسى الكبير الذى دمغت كتب التراث رموزه بادعاء النبوة، وإن قبيلة بني تميم هى واحدة من أكبر وأشهر القبائل العربية في الجاهلية والإسلام.
وعُرف عنهم الكرم والشجاعة ولقب بعض ساداتها من الشعراء والفرسان بلقب الملوك، وقدم وفدهم على النبي صلى الله عليه وسلم في عام الوفود معلنين إسلامهم بزعامة عطارد بن حاجب وهم الذين نزلت فيه سورة الحجرات، وبعد وفاة النبي صلى الله عليه وسلم ارتدّ بنو تميم عن الإسلام وامتنعوا عن دفع الزكاة بتحريض من مالك بن نويرة، وظهور سجاح التميمية كواحدة من الذين ادعوا النبوة قبيل وبعد وفاة الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم مع استدعى إرسال جيش بقيادة خالد بن الوليد رضي الله عنه لحربهم وإخضاعهم، وإن سجاح بنت الحارث بن سويد التميمية، تنتمي إلى بني يربوع من بطون بني تميم، وهي التي ضُرب بها المثل في الكذب فقيل أكذب من سُجاح، وقد اعتنقت الديانة النصرانية.
نتيجة زواجها من أحد رجال بني تغلب القاطنين في أرض العراق، وكانت امرأة تجيد القراءة والكتابة وهو أمر نادر في زمانها إلى جانب مقدرتها على تطويع اللغة لصالحها فكانت كثيرة الأسجاع فصيحة اللسان تجذب إليها الأسماع مما أهَّلها لقيادة قومها قيادة حربية بعزمها على غزو حاضرة الخلافة الراشدة في المدينة ومحاربة أبي بكر الصديق رضي الله عنه وكذلك غزو مكة، ولقد كانت بداية تمرد بني تميم على خلافة أبي بكر الصديق رضى الله عنه حين امتنعوا عن دفع الزكاة إليه أو تقسيمها بين مستحقيها، وتزامن ذلك مع قدوم سجاح التميمية إليهم قادمة من أرض العراق على رأس جيش مكوّن من ربيعة وبني تغلب وإياد وشيبان والنمر، قاصدة غزو المدينة المنورة وذلك بعد إدعائها النبوة.
أسوة بغيرها من المتنبئين الذين ظهروا قبيل أو بعد وفاة النبي صلى الله عليه وسلم، وعندما وصلت سجاح التميمية بجيشها إلى منطقة قريبة من قبيلتها بدأت في مراسلة بطون بني تميم طالبة منهم الدعم والمساندة فاستجاب لها بنو مالك لها بقيادة وكيع بن مالك وبنو يربوع بزعامة مالك بن نويرة الذى انفصل عنها بعد الهزيمة التي مُنيا بها في حربهم ضد أحد بطون بني تميمٍ يقال لهم بنو الرباب، ونتيجة لذلك عادت إلى طلب المساندة من بطون بني تميم لغزو المدينة لكنها فشلت فى التأليف بين تلك البطون المتناحرة أصلا لأسباب سياسية وسيادية عندئذ قررت التوجه نحو اليمامة لمحاربة مسيلمة الكذاب، في تلك الأثناء كان مسيلمة الكذاب منشغلا بمحاربة القبائل المجاورة، كما كان يتأهب لصد جيش المسلمين المرتقب مما دفعه إلى مهادنة سجاح التميمية.
والإتفاق معها طالما أن هدفهما واحد وهو محاربة مقر الخلافة والقضاء عليه، ونتج عن ذلك الإتفاق زواج مسيلمة الكذاب من سجاح، ودمج الجيشين معا لمحاربة المسلمين، ودفع نصف غلات اليمامة إلى سجاح، وبعد ثلاثة أيام من الزواج عادت سجاح إلى قومها بني تغلب حاملة معها الغلات وتاركة خلفها مندوبا عنها ثم غزا جيش المسلمين مسيلمة ووقعت معركة اليمامة التي انتصر فيها المسلمون وقتل مسيلمة الكذاب وانتهت نبوته، أما سجاح فعاشت بقية حياتها حتى وفاتها في خلافة معاوية بن أبي سفيان سنة خمسة وخمسين من الهجرة، في قبيلة بني تغلب مغمورة لا يذكرها أحد، وقيل أنها أسلمت وحَسُن إسلامها هي وقومها في نهاية المطاف، ويرى المؤرخون أن ما دفع سجاح إلى إدعاء النبوة وغزو المدينة هو الدافع الدينى.