أخبار سياسية - اقتصادية - فنية - رياضية - عربية - دولية

مدعية النبوة سجاح الكاهنة ” جزء 5″

الدكرورى يكتب عن مدعية النبوة سجاح الكاهنة ” جزء 5″

بقلم / محمـــد الدكـــرورى

مدعية النبوة سجاح الكاهنة ” جزء 5″

ونكمل الجزء الخامس مع مدعية النبوة سجاح الكاهنة، واجتمعت هناك بمسيلمة الكذاب حيث أحس بخطرها الداهم واستشار قومه ولكنه لم يجد لديهم، فعزم على أن يجعلها تقع في غرامه، وبالفعل خرج مسيلمة إلى قومه وقال لهم إضربوا لها خيمة بعيدا عن منزلي، وأكثروا فيها الطيب والصندل والبخور فإن النساء إذا شممن رائحة البخور إشتقن إلى الباءة، وفعل القوم ما أمرهم مسيلمة، وحين وصلت سجاح وقومها لليمامة تقابلت مع مسيلمة بعيدا عن تلك الخيمة التي قد أعدها لها، وكانت مصرة على أن تعرف منه حقيقة إدعائه للنبوة، ولم يكن من مسيلمة إلا أن قال لها نعم لقد أنزل علي مثل الذى قد أنزل على نبي قريش، فقالت له سجاح إذن أسمعنى من ذلك شيئا، فقرأ عليها مسيلمة سجعا من عنده.

ثم عرض عليها نصف الأرض، ثم عرض عليها الزواج فقبلت به زوجا وجعل مهرها وضع صلاتين مما فرضه الرسول الكريم محمد صلى الله عليه وسلم صلاة الفجر وصلاة العشاء وهناك من قال أن مهرها كان إسقاط صلاة العصر عشرين عاما، وبالفعل كان أصحاب الرملة لا يصلون صلاة العصر في ذلك العهد وكانوا يقولون هذا مهر نبيتنا، وصارت هي أيضا تنشيء ألفاظا سجعية كمسيلمة، وهكذا فإن فى ظل هذه الظروف ونتيجة لانتشار الإسلام في ربوع الجزيرة العربية قَدم وفد بنى تميم إلى المدينة في عام تسع من الهجرة النبوية، لتقديم الطاعة والولاء وإعلان دخول التميميين في الإسلام، وضم الوفد بعض أشرافهم مثل عطارد بن حاجب بن زرارة، والأقرع بن حابس.

والزبرقان بن بدر، وقيس بن عاصم، ولم يكن مالك بن نويرة ضمن أعضاء الوفد، والإشارات التي تذكر أنه توجّه بمفرده إلى النبى صلى الله عليه وسلم لاعتناق الإسلام قد تكون صحيحة لأن النبى صلى الله عليه وسلم عينه عاملا على صدقات عشيرته بني يربوع، وردهم النبي صلى الله عليه وسلم إلى قومهم راضية نفوسهم، وقد اختلف بنو يربوع بعد وفاة النبى صلى الله عليه وسلم حول أداء الزكاة إلى أبي بكر الصدبق أو قسمتها بين الناس، وفاجأتهم سجاح في هذا الوقت مقبلةً من أرض الجزيرة بالعراق يُحيط بها رهطها من بني تغلب على رأس جيش من ربيعة والنمر وأياد وشيبان تريد غزو المدينة، مما أدى إلى ازدياد الانقسام فيما بينهم، فكانت سجاح قد تنبأت بعد وفاة النبى صلى الله عليه وسلم.

أسوة بغيرها من المتنبئين، بدافع العصبية أو بحب الظهور، فاستجاب لها الهذيل بن عمران في بني تغلب وترك التنصر، ولم تجد إلا القليل من التجاوب عند قومها، ولما وصلت إلى الحزن، راسلت بطون تميم ودعتهم إلى الموادعة والمعاضدة، واستقطبت بما بشّرت به من ادعاءات بني مالك برئاسة وكيع بن مالك، وبني يربوع بزعامة مالك بن نويرة، واستغل مالك بن نويرة هذه القوة للقضاء على خصومه من عشائر بني تميم، فصرفها عن مهاجمة المدينة وأقنعها بمهاجمة بني الرباب، غير أنها منيت بهزيمة قاسية وتكبّد الطرفان خسائر فادحة مما دفعهما إلى التفاهم وتبادل الأسرى، ونتيجة لهذا الفشل انفصل مالك بن نويرة عنها، وقد سعت سجاح بعد فشلها في إخضاع الرباب إلى مهاجمة المدينة.

ودعت قومها بني يربوع إلى مساندتها فطلبوا منها أن تؤلف بطون تميم إلى دينها قبل الزحف نحو الحجاز لمحاربة المسلمين، فلم يتفق بنو تميم على رأيٍ واحد، عندئذ خرجت بجندها حتى بلغت النباج، فتصدى لها أوس بن خزيمة الهجيمي وهزمها، ومنع جندها من المرور في أراضيه، ثم تحاجز الفريقان واتفقا على تبادل الأسرى على أن تنصرف عنهم ولا تتخذ طريقا إلى المدينة إلا من ورائهم، ولما رأت إحجاما من قومها التفتت نحو اليمامة حيث كان مسيلمة الكذاب يتحفز كذلك للخروج على الإسلام، وانتشرت أخبار دعوته في الجزيرة العربية، إلا أنه وجد نفسه في وضعٍ حرج فقد خشى أن تشغله سجاح عن قتال أبي بكر الصديق رضى الله عنه، فى الوقت الذى كان يترقب فيه زحف المسمين إليه.