أخبار سياسية - اقتصادية - فنية - رياضية - عربية - دولية

ثمار لا نتمنى حصادها

بقلم د – خالد السلامي

تمنيت ألا أثير هذا الموضوع مجددا، على أمل أن أقنع نفسي بأن تلك الظاهرة قد اختفت من مجتمعنا. حتى تلقيت مكالمة أزعجتني وأثارت حفيظتي. طفل من أبناءنا أصحاب الهمم يتعرض للتنمر من رفاقه، بل وصل الموضوع للاعتداء الجسدي وإصابة الطفل بجروح في الرأس والحاجة لرعاية صحية في أحد المستشفيات. انتقلت على الفور للاطمئنان على ابننا، وقدمت له ولأسرته الاعتذار اللائق. شعرت حين رأيت الولد والضرر النفسي والجسدي الذي تعرض له أننا بحاجة لوقفة حقيقية مع أنفسنا.

نحن الزارعون
دعونا نكون أكثر وضوحا وصراحةً وجرأةً في طرح موضوع التنمر هذه المرة. للأسف العديد من الأسر مفهوم التربية عندهم هو صحة الجسد ونظافة الملابس وسعادة النفس. الأب حريص على توفير كل احتياجات الأبناء وتلبية رغباتهم، والأم شغلها الشاغل الهندام الخارجي، والصحة الجسدية والنفسية من خلال منح الأبناء كل ما يُدخل عليهم السعادة. يتربى الطفل على أنه هو الأفضل، الأهم، والذي دائما على صواب. طفل لا يرى لمن حوله حق في قبل حقه، ولا رغبة تخالف رغباته، فقد تربى على أن سعادته هي الأهم. لم نربي أبناءنا على أن الاختلافات بيننا موجودة، ومقبولة، بل وضرورية. لم نربيهم على أن سعادتنا إن بنيناها على أحزان غيرنا فهي جريمة. لم نربيهم على أن إدخال الفرح على غيرنا هو جوهر السعادة. لم نربي أبناءنا على أن الرحمة هي قلب الإنسان النابض. فلنبحث سويا في بيت كل فرد متنمر، سنجد هناك خلل اقترفه الأب والأم. إما من خلال الإفراط في التدليل، أو الجفاء والإهمال. كثير من المتنمرين تربوا في بيوت تزرع فيهم الكبر والانانية فيتكبر على غيره ويستقل من شانه، والكثير أيضا تربوا في بيوت تسلبهم ثقتهم في أنفسهم فيسعى الطفل لتعويض ذلك بالاستقواء على الأخرين. لا يولد الطفل متنمرًا، نحن من نزرع بذور التنمر في أبناءنا، لكنها للأسف بذور لا نتمنى حصاد ثمارها.

نزعة شخصية
حتى لو وُلد الطفل فيه نزعة عدوانية في شخصيتهم، هنا أيضا يكون دور الأهل والمربين في تقويم سلوك الأطفال والتحكم بردة فعلهم تجاه الحرمان، فعندما يحسن الأهل التعامل مع سلوك أطفالهم العدواني دون إضعاف شخصيتهم سيتعلم الأطفال أن العدوانية ليست الطريقة الأفضل في الحصول على الأشياء وتحقيق الرغبات. وعندما يرضخ الأهل لغضب أطفالهم بتلبية رغباتهم، أو يدخلون معهم في صراع ندي وعدوانية متبادلة أو مساومة؛ يترسخ السلوك العدواني عند الطفل وينتقل معه إلى المدرسة وقد يصبح سمة من سمات الشخصية ترافق الطفل على مدى حياته، وتكون الدافع الأساسي لممارسة التنمر.

الصمت المدمر
أحد الأمور التي أزعجتني كثيرا ليس التنمر في حد ذاته، فنحن نبذل كل جهدنا لعلاج هذه الظاهرة منذ سنوات، لكن الأكثر ازعاجا هو صمت الضحية. كثير من ضحايا التنمر يعانون في صمت دون أن يخبروا أي أحد بمشكلتهم. تتعدد أسباب التزام الصمت وتختلف من شخص لآخر، لكن التنمر غالبًا ما يكون مخيفًا ومربكًا. تترك هذه الحقيقة معظم الأطفال غير متأكدين من كيفية التعامل مع الموقف. التنمر يتعلق بالسلطة والسيطرة؛ يمكن أن يتسبب الاستهداف في شعور الأطفال بالعجز أو الضعف. بالنسبة للعديد من الأطفال، تخلق هذه الديناميكية شعورًا بالخجل الشديد والإحراج. فعادةً يتعرض الأطفال للتنمر بسبب شيء يكونون حساسين تجاهه بالفعل، مثل صفة جسدية أو إعاقة. في حالات أخرى، قد يأخذ سوء المعاملة شكل اتهام بشأن شيء فعلوه. في كلتا الحالتين، غالبًا ما يكونون محرجين جدًا من مناقشة الأمر مع أي شخص. في كثير من الأحيان، يشعر الأطفال أن الإبلاغ عن المتنمر لن يحدث فرقًا. لا يشعرون بالعجز فحسب، بل إنهم قلقون أيضًا من أن المتنمر سيجعل حياتهم أسوأ إذا تحدثوا، وسيسعى للانتقام منهم. يفضل العديد من الأطفال الصمود في وجه العاصفة بمفردهم على المخاطرة بتفاقم المشكلة. قد يعتقدون حتى أنهم إذا التزموا الصمت ، سينتهي التنمر في النهاية. إذا تحدثوا إلى شخص بالغ ، فغالبًا ما يكون ذلك بوعد ألا يبلغ الشخص البالغ عن الحوادث أو يتخذ أي إجراء آخر.
أدوار وأسوار

أعتقد أن الوقت لن أقول حان، بل نحن متأخرين بالفعل على أن يتولى كل فرد من دوره. نحن بحاجة لأن نلتزم بالأدوار التي نحن منوطون بها. وأن يسعى كل رب أسرة لتحطيم الأسوار بينه وبين أبناءه، وأن يشجع ضحية التنمر على أن يتكلم معه لو تعرض لذلك يوما ما، وأن يشجع المتنمر أن يبوح له بكل ما يعكر أفكاره ويدفعه لفعل ذلك.

المستشار الدكتور/ خالد السلامي رئيس مجلس إدارة جمعية أهالي ذوي الإعاقة و رئيس مجلس ذوي الهمم والاعاقه الدولي في فرسان السلام عضو مجلس التطوع الدولي افضل القاده الاجتماعيين في العالم وذلك لسنة 2021 رئيس مجتمع الانترنت الرقمي في دولة الامارات العربيه المتحده مؤسس تفاصيل للاستشارات والدراسات الاداريه