الدكرورى يكتب عن مدعية النبوة سجاح الكاهنة ” جزء 2″
بقلم / محمـــد الدكـــرورى
مدعية النبوة سجاح الكاهنة ” جزء 2″
ونكمل الجزء الثانى مع مدعية النبوة سجاح الكاهنة، وتقع منازل بني تميم على مقربة من بنى عامر إلى الجنوب، وتجاور المدينة من الشرق، وتمتد نحو الخليج العربي، وتتصل بمصب نهر الفرات من ناحية الشمال، وكانت فروع من القبيلة تتمتع بحقول الرعي في أنحاء تمتد إلى الفرات الأوسط، وكان لبنى تميم مكانة كبيرة بين قبائل العرب في الجاهلية وفي عصر النبوة، واشتهر التميميون بالشجاعة والكرم، ونبغ من بينهم شعراء وأبطال تلقبوا بلقب الملوك، والواضح أن هذا الامتداد الجغرافى لقبيلة بنى تميم أدى إلى تنقل بطونها بين الجزيرة العربية والعراق في ميدان واسع يشيع فيه التوتر بين كلا المركزين الكبيرين الحيرة ومكة، لكنهم اتخذوا موقف الحياد في علاقاتهم السياسية مع كليهما.
وكان من الواضح أن العلاقات المنظمة والمنضبطة بين بني تميم كانت تبلغ الأهمية عند أمراء الحيرة وبالتالي الفرس من واقع ضمان مرور القوافل التجارية دونما عائق، والمعروف أن تجارة فارس كانت تنطلق من المدائن حتى تصل إلى الحيرة حيث يتولى النعمان بن المنذر حراستها بقوى من بني ربيعة ثم يتسلمها هوذة بن عليّ الحنفي، فيسير بها في أرض تهامة إلى أن تبلغ اليمن وذلك لقاء أجر وعليه كانت العلاقات جيدة بين الفرس وبين البطون الضاربة على هذا الطريق التجاري، وحاولت فارس ربطهم بها عن طريق منح يربوع وظيفة الردافة، ومن جهة أخرى أقامت بطون متفرقة من تميم علاقات مكثفة مع مكة في العصر الجاهلي من واقع تنظيم الخمس، وعهود الإيلاف.
والحصول على السلطة، والتقدم في الأسواق، وفي أداء شعائر الحج، ومنهم من ارتبط في الفضائل العسكرية التي كانت تقدمها القبائل لحراسة مكة، فكان هناك انتشار النصرانية في ربوع بني تميم بتأثير ما كان سائدا من مذاهب نصرانية في الجزيرة الفراتية وشمال بلاد الشام، وتعدد الولاءات في صفوف القبيلة سياسيا بين الاستقلالية وبين الهيمنة الفارسية أو البيزنطية، ودينيا بين الوثنية والنصرانية، وأيضا ظل المركز الممتاز لبني تميم محفوظا حتى السنين الأخيرة من العصر الجاهلي، بدليل أن التميمي الأخير الذى كان يُمارس وظيفة القاضي الفخرية في سوق عكاظ هو الأقرع بن حابس، وكان ممن استجاب لها هو مالك بن نويرة التميمى وعطارد بن حاجب وجماعة من سادات أمراء بني تميم.
وتخلف آخرون منهم عنها، ثم اصطلحوا على أن لا حرب بينهم إلا أن مالك بن نويرة لما وادعها ثناها عن عودها وحرضها على بني يربوع ثم اتفق الجميع على قتال الناس وقالوا بمن نبدأ؟ فقالت لهم فيما تسجعه ” أعدوا الركاب واستعدوا للنهاب ثم أغيروا على الرباب فليس دونهم حجاب ” ثم إنهم تعاهدوا على نصرها فقال قائل منهم أتتنا أخت تغلب في رجال جلائب من سراة بنى أبينا، وأرست دعوة فينا سفاها وكانت من عمائر آخرينا، فما كنا لنرزيهم زبالا وما كنت لتسلم إذ أتينا، ألا سفهت حلومكم وضلت عشية تحشدون لها ثبينا، وقال عطارد بن حاجب التميمي في ذلك أمست نبيتنا أنثى نطيف بها وأصبحت أنبياء الناس ذكرانا، وأما عن مالك بن نويره وهو مالك بن نويرة بن جمرة بن شداد اليربوعى التميمى يكنى أبا حنظلة.
وكان يلقب بالجفول لكثرة شعره، وكان شاعرا معدودا في فرسان بنى يربوع في الجاهلية وأشرافهم، ولقد أدرك الإسلام وأسلم، وولاه النبى صلى الله عليه وسلم صدقات قومه وهم بنى اليربوع، فهو مالك بن نويرة بن حمزة بن شداد بن عبيد بن ثعلبة بن يربوع بن حنظلة بن مالك بن زيد مناة بن تميم بن مر بن إد بن طابخة بن إلياس بن مضر بن نزار بن معد بن عدنان، وقد أدرك الإسلام وأسلم وولاه رسول الله صلى الله عليه وسلم صدقات قومه وبعد وفاة الرسول صلى الله عليه وسلم امتنع عن دفعها، وكان مالك بن نويرة من كبار بني يربوع من بني تميم، وصاحب شرف رفيع وأريحية عالية بين العرب، حتى ضرب به المثل في الشجاعة والكرم والمبادرة إلى إسداء المعروف والأخذ بالملهوف.