الدكرورى يكتب عن مدعية النبوة سجاح الكاهنة ” جزء 1″
بقلم / محمـــد الدكـــرورى
مدعية النبوة سجاح الكاهنة ” جزء 1″
لقد كانت هناك شخصيات عديدة ادعت النبوة قبيل وبعيد وفاة النبى الكريم محمد صلى الله عليه وسلم، من بينهم طليحة بن خويلد الأسدى، والأسود العنسى، ومسيلمة بن حبيب الحنفى، وبلغ الأمر تنبؤ امرأة تدعى سجاح الكاهنة، وقد تزوجت من مسيلمة فيما بعد، وإن الثابت فى أكثر كتب التراث أن هذه الشخصيات زعمت لنفسها النبوة، ونسبت إليها نسجا ركيكا حاولوا من خلاله تقليد كلام الله تعالى، وأعادوا النظر فى بعض ما فرضه الإسلام، كما حدث مع مسيلمة، الذى منع السجود فى الصلاة، ثم رفع عن أتباعه صلاة الفجر والعشاء، وإن هناك اتهامات وسخريات كثيرة تجدها فى كتب التراث من هذه الشخصيات، وهو أمر طبيعى فى ضوء الاتجاه نحو تشويه وتقبيح ما أتته من أفعال.
وإن ادعاء النبوة عكس فى جانب منه وجها من أوجه الصراع السياسى مع قريش التى كان العرب جميعا يعلمون أنها سوف تستأثر بالأمر من دونهم جميعا بعد وفاة النبى صلى الله عليه وسلم، لذا ظهر الطابع القبلى بشدة فى حكايات التراث حول مدعى النبوة، ويقول ابن كثير فى البداية والنهاية، لما توفى رسول الله صلى الله عليه وسلم ارتدت أحياء كثيرة من الأعراب ونجم النفاق بالمدينة وانحاز إلى مسيلمة الكذاب بنو حنيفة وخلق كثير باليمامة، والتفت على طليحة الأسدى بنو أسد وطىء وبشر كثير أيضا، وادعى النبوة أيضا كما ادعاها مسيلمة الكذاب، وعظم الخطب واشتدت الحال ونفذ أبو بكر الصديق الصديق جيش أسامة فقل الجند عند الصديق فطمعت كثير من الأعراب.
فى المدينة وراموا أن يهجموا عليها، فجعل أبو بكر الصديق رضى الله عنه على أنقاب المدينة حراسا يبيتون بالجيوش حولها، ومع إمرأة نجدية من بنى تميم، التف حولها بعض قومها، وقد عزموا على غزو الخليفة أبى بكر الصديق رضى الله عنه، وبنو تميم هى قبيلة عربية كانت في الجاهلية وصدر الإسلام تسكن في الدهناء وشمال إقليم نجد واليمامة في السعودية وهي موطنها الأصلي، كما تتواجد فى العراق والكويت وقطر والبحرين، وتعد بنى تميم جمجمة من جماجم العرب الكبرى، وكانوا قبل الإسلام أهل بادية كثيرى الحروب وكانت لهم معارك كثيرة معظمها ضد قبيلة بكر بن وائل وكذلك ضد قبائل هوازن ومذحج وغطفان وغيرها، وإن من الثابت أن النسبة الغالبة من العرب.
ارتدت عن الإسلام بعد وفاة النبى صلى الله عليه وسلم، ولا يستطيع أحد أن يقرر على وجه الدقة هل كان الأمر فى جوهره ارتدادا عن الدين أم عكس سعيا من جانب شخصيات بارزة داخل عدد من القبائل العربية لمنافسة قريش على ملك العرب بعد وفاة النبى صلى الله عليه وسلم، وإن قريش كانت حاضرة بقوة لدى واحد من أبرز مدّعى النبوة وهو مسيلمة الحنفى، أو مسيلمة الكذاب، ويذكر الرواة أن نعت الكذاب وصف به النبى صلى الله عليه وسلم اثنين من مدّعى النبوة، هما مسيلمة بن حبيب، والأسود العنسى، وهو كذاب اليمامة وكذاب صنعاء مثلا تهديدا حقيقيا لدولة الخلافة التى قادها أبوبكر الصديق بعد وفاة النبى صلى الله عليه وسلم.
وقد بدأت إرهاصات هذا التهديد فى الظهور أواخر حياة النبى صلى الله عليه وسلم، وهى الفترة التى سطع فيها سؤال مُلحّ لدى العرب جميعا، خصوصاً من دخل منهم إلى حظيرة الإسلام، وهو الحكم من بعد محمد لمن؟ وكانت هذه المرأة النجدية هى سجاح بنت الحارث بن سويد التميمية، كانت سجاح متنبئة وعرافة، وهي واحدة من طائفة المتنبئين وزعماء القبائل الذين ظهروا في الجزيرة العربية قبل الردة أو خلالها، ونستدل من نسبها الذي اتضح من تاريخها بأنه صحيح، أنها كانت من بني يربوع أحد بطون تميم، وأمها من بني تغلب في العراق وهي قبيلة اعتنق معظم أفرادها النصرانية نتيجة احتكاكهم بسكان إقليم الفرات، أقامت سجاح بينهم، وتزوجت فيهم، وتنصرت مع من تنصر منهم.