الدكرورى يكتب عن السيدة الربيع بنت معوّذ ” جزء 2″
بقلم / محمــــد الدكـــرورى
السيدة الربيع بنت معوّذ ” جزء 2″
ونكمل الجزء الثاني مع السيدة الربيع بنت معوّذ، وعن عبد الله بن محمد بن عقيل عن الربيع بنت معوذ ابن عفراء أن النبي صلى الله عليه وسلم ” مسح برأسه مرتين بدأ بمؤخر رأسه ثم بمقدمه وبأذنيه كلتيهما ظهورهما وبطونهما ” وتروي لنا كتب السّير والتاريخ أن قصة إسلام الربيع قد بدأت حين سمعت وهي صبية صغيرة عمها معاذ ابن الحارث يحدث أخاه معوذ والد الربيع، حين عاد من مكة، عما فعل في موسم الحج عامهم ذلك، قال بينما كنا عند العقبة، أقبل محمد بن عبد الله ويقصد النبى صلى الله عليه وسلم، فقال لنا من أنتم؟ قالوا من الخزرج، قال أفلا تجلسوا أكلمكم، قالوا نعم ، فدعاهم إلى الله، وعرض عليهم الإسلام، وتلا عليهم القرآن وكان مما صنع الله لهم أن اليهود كانوا معهم فى بلادهم، وكانوا أهل كتاب، وكان الأوس والخزرج أكثر منهم.
فكانوا إذا كان بينهم شئ قالوا إن نبيا سيبعث الآن قد أظل زمانه نتبعه فنقتلكم معه، فلما كلمهم النبى صلى الله عليه وسلم، عرفوا النعت، فقال بعضهم لبعض لا تسبقنا إليه يهود، فآمنوا وصدقوا وأنصرفوا، إلى بلادهم ليدعوا قومهم، فلما أخبروهم لم يبقى دور من قومهم إلا وفيها ذكر رسول الله محمد صلى الله عليه وسلم، حتى إذا كان الموسم وافاه منهم اثنا عشر رجلا، فقال معوذ بن الحارث لأخيه معاذ فُزتم ورب الكعبة، علمني يا أخي مما علمكم محمد بن عبد الله، فأخذ معاذ بن عفراء يقرأ بعض آيات من القرآن، ويُرغّب في الإسلام، فقال معوذ وابنته الربيع نشهد أن لا إله إلا الله، وأن محمدا عبده ورسوله، وهكذا كانت الربيع وأبوها والمؤمنون من أهل المدينة يتابعون أخبار النبي صلى الله عليه وسلم، في مكة، ويعملون في المدينة بالدعوة إلى الإسلام.
ليمهّدوا أجواء المدينة لمجيء النبي صلى الله عليه وسلم، إليهم، وكان عمّها معاذ أحد اثني عشر رجلا خرجوا لمبايعة النبي صلى الله عليه وسلم، في بيعة العقبة الأولى، على الالتزام بتعاليم الإسلام، وما هي إلا سنة أخرى حتى كان والدها معوذ ضمن سبعين من الأنصار، خرجوا من جديد لمبايعة النبي صلى الله عليه وسلم، بيعة العقبة الثانية على الإسلام ونصرة النبي صلى الله عليه وسلم، وإعانته على تبليغ دعوته إلى العالمين، وقد عمل الأنصار بجد واجتهاد على نشر الإسلام في المدينة قبل قدوم النبي صلى الله عليه وسلم، والمهاجرين إليهم، وأثمرت جهودهم عن انتشار الإسلام في المدينة إلى درجة أن أهل المدينة حين علموا أن النبي صلى الله عليه وسلم، في طريقه إليهم اعتلوا أسطح المنازل والنخل في شوق لرؤيته، وألفوا الأناشيد لاستقباله الاستقبال اللائق
فلما اقترب الرسول صلى الله عليه وسلم، من المدينة استقبلوه استقبالا يليق بمقامه الشريف، ويليق بكرم الأنصار وصادق إيمانهم به ومحبتهم له، وفي هذه الأجواء عاشت الربيع بنت معوذ أجمل أيام حياتها، وأعذب ذكرياتها، فتمكن الإيمان أكثر وأكثر في قلبها وعقلها، ثم بدأت الاختبارات والأحداث الصعبة تتوالى على الأنصار، فها هو النبي صلى الله عليه وسلم، يخرج لقتال المشركين في بدر، وذلك رغم قلة عدد المسلمين، وينجح الأنصار في الاختبار، ويُثبتون صدق بيعتهم للنبي صلى الله عليه وسلم، ثم يخرج بهم بعدها إلى غزوة أحد، فيخرجون معه، ويقاتلون قتال الأسود، بل وتخرج بعض نساء الأنصار لسقي العطشى ومداواة الجرحى، وتقول الربيع عن ذلك كنا نغزو مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، نسقى القوم ونخدمهم.
ونرد أي نعيد ونرجع، القتلى والجرحى إلى المدينة، وعندما حان الأجل وانتهى العمر، فقد توفيت الربيع بنت معوذ الصحابيه الجليله المجاهده، في خلافة عبد الملك بن مروان سنة بضع وسبعين من الهجره الشريفه، رضي الله عنها.