الدكرورى يتكلم عن أسامة بن زيد ” جزء 1″
بقلم / محمـــد الدكـــرورى
أسامة بن زيد ” جزء 1″
أسامة بن زيد بن حارثة الكلبي، أبوه زيد بن حارثة، وكان مولى للسيدة خديجة بنت خويلد رضي الله عنهما فوهبته لرسول الله صلى الله عليه وسلم فأعتقه رسول الله صلى الله عليه وسلم وزوجه السيدة أم أيمن وهي حاضنة النبي صلى الله عليه وسلم واسمها بركة، فولدت له أسامة بن زيد رضي الله عنه، فهو مولى لرسول الله صلى الله عليه وسلم من أبويه، ويكنى أبا محمد، وكان يسمى حِبّ رسول الله صلى الله عليه وسلم وقد ولد رضي الله عنه بمكة في السنة السابعة قبل الهجرة، ونشأ حتى أدرك ولم يعرف إلا الإسلام لله تعالى ولم يدن بغيره، وهاجر مع رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى المدينة، وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يحبه حبا شديدا.
وكان عنده كبعض أهله، وقد اشترى الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم حلة كانت لذي يزن، اشتراها بخمسين دينارا ثم لبسها رسول الله صلى الله عليه وسلم، وجلس على المنبر للجمعة، ثم نزل رسول الله صلى الله عليه وسلم، فكسا الحُلة أسامة بن زيد، وقد كان أبوه زيد بن حارثة رضي الله تعالى عنه، شديد البياض، ولكنه لما تزوج أم أيمن، وهي امرأة حبشية سوداء جاء أسامة رضي الله تعالى عنه شديد السواد، فكان سواده كالليل، ولهذا كان يطعن في نسبه المنافقون، ويقولون هذا ليس من هذا، وتعرفون خبر ذلك الرجل الذي يعرف في القيافة، فلما رأى أسامة وأباه في المسجد قد ناما والتحفا ببرد، ولم تظهر إلا أرجلهما، فقال إن هذه الأقدام بعضها من بعض.
ففرح بذلك النبي صلى الله عليه وسلم وسر به، وكان نقش خاتم أسامة بن زيد رضي الله عنه “حِبّ رسول الله” وقد زوّجه النبي صلى الله عليه وسلم وهو ابن خمس عشرة سنة، وقد استشهد والده زيد بن حارثة رضي الله عنه زوج أم أيمن ووالد أسامة في غزوة مؤتة، واستشهد أيمن ابنها وأخو أسامة من أمه في غزوة حُنين، وعلى الرغم من حداثة سن أسامة رضي الله عنه الا أنه كان مؤمنا صلبا، قويا، يحمل كل تبعات دينه في ولاء كبير، ولقد كان مفرطا في ذكائه، مفرطا في تواضعه، وحقق هذا الأسود الأفطس ميزان الدين الجديد، وقبل وفاة الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم بعامين خرج أسامة بن زيد أميرا على سرية للقاء بعض المشركين، وهذه كانت أول امارة يتولاها.
وقد أخذ فيها درسه الأكبر من رسول الله صلى الله عليه وسلم، وعلى صغر سنه، فقد ولاه النبي صلى الله عليه وسلم قيادة جيش المسلمين المتوجه لغزو الروم في الشام، وجلس أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه يقسّم أموال بيت المال على المسلمين، وجاء دور عبد الله بن عمر، فأعطاه عمر نصيبه، ثم جاء دور أسامة بن زيد، فأعطاه عمر ضعف ما أعطى ولده عبد الله، وإذا كان عمر يعطي الناس وفق فضلهم، وبلائهم في الإسلام، فقد خشي عبد الله بن عمر أن يكون مكانه في الإسلام آخرا، وهو الذي يرجو بطاعته، وبجهاده، وبزهده، وبورعه، أن يكون عند الله من السابقين، وهنالك سأل عبد الله بن عمر رضي الله عنهما أباه قائلا” لقد فضّلت عليّ أسامه
وقد شهدت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ما لم يشهد؟ فأجابه عمر رضي الله عنه إن أسامة كان أحبّ إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم منك، وأبوه كان أحب إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم من أبيك” فمن هذا الذي بلغ هو وأبوه من قلب الرسول صلى الله عليه وسلم وحبه ما لم يبلغه ابن عمر، وما لم يبلغه عمر بذاته ؟