ماقل ودل للدكتور عبدالكريم الوزان «ياهلي اللي ضيعوني “!!
متابعة حامد خليفة
كنا منذ نعومة أظفارنا نسمع آباءنا وأمهاتنا وكبار السن يرددون بألم وهم يلوون رؤوسهم يمينا وشمالا عبارة (ياهلي اللي ضيعوني) لدرجة قد يكون ذلك مصحوبا في بعض الأحيان بنحيب أو عبرات خانقة. وكنا نستغرب تصرفاتهم هذه ونظن انهم أضاعوهم بالفعل وتاهوا عنهم في المدن أو الطرقات!!.. وحينما أمتدت بنا سنين العمر وضعنا في متاهات الحياة ،ولوعتنا الأقدار ، وفتكت بنا الأمراض ، وتقطعت بنا السبل ، وأيقنا ماذا تعني صلة الرحم وكيف هي لوعة الفراق ، فهمنا أخيرا معنى الألم والندم اللذين يتحققان نتيجة الإبتعاد عن الأهل والحرمان من حنانهم ورعايتهم.
فارقتكم مكرهاً لا كارهاً ويدي … أعضُّها ندماً إذ لم أمت كمدا
والله لو أنَّ أيامي تطاوعني … على اختياريَ ما فارقتكم أبدا *
بنتم وبنا فما ابتلتْ جوانحُنا … شوقاً إليكم ولا جفتْ مآقينا
تكادُ حينَ تناجيكم ضمائرُنا … يقضي علينا الأسى لولا تأسينا
إنَّ الزمانَ الذي ما زالَ يُضحكنا … أُنساً بقربكم قد عادَ يبكينا
لا تحسبوا نأيكم عنَّا يُغيرنا … إذْ طالما غيَّر النأيُ المحبِّينا
واللهِ ما طلبتْ أرواحنا بدلاً … منكم ولا إنصرفتْ عنكم أمانينا
اليوم وفي جانب أكبر وأعم وأنا أرى ملايين العراقيين ومنهم عشرات الالوف من الكفاءات والطاقات في الشتات ، بعضهم من وجد فرصته في العمل ( وخيره لغيره ) ، وكثير منهم لزم محل سكناه إما لعدم حصوله على العمل أو لأن المرض أقعده أو بشكل عام لم يحالفه الحظ ، وجميعهم يحدثون أنفسهم بحسرة ، وأنظارهم متجهة للعراق : ( ياهلي اللي ضيعوني)!!.
ياترى متى يتم وضع دراسة مبنية على أسس علمية منطقية انسانية عادلة لاحتواء هؤلاء وإعادتهم لأرض الوطن وضمهم إلى حنايا الصدور ، وهي أولوية إستراتيجية لإعادة بناء عراق مستقل أبي يحيا بعز وكرامة بمنأى عن الكراهية و الضغائن والأحقاد .
يقينا فإن إعادة البلاد لسابق عهدها لايتم بتعبيد طرق وانارة شوارع وبناء عمارات شاهقة ، بل بتهدئة النفوس وتبصير ذوي العقول وتحكيم لغة التسامح وأحكام أسوار الوطن ورفع شإن أهل الدار، أما ان ركب ابن آدم رأسه وأدار ظهره لما ورد وهو ولي أمر بني جلدته وفي آذانه وقرا، فليعلم أن دوام الحال من المحال وستنقلب الأحوال ، عندها لن تنفع ولولته وقد بات في الشتاة ( ياهلي اللي ضيعوني)!!.