الدكرورى يكتب عن العماليق فى كتب التاريخ “جزء 5”
بقلم/ محمـــد الدكـــرورى
العماليق فى كتب التاريخ “جزء 5”
ونكمل الجزء الخامس مع العماليق فى كتب التاريخ، ومن المؤكد أن العماليق وجدوا في يثرب قديما، وأنهم عرب، وقد أنشأ العماليق في يثرب مجتمعا زراعيا ناجحا يحقق الإكتفاء الذاتي، وانهمكوا في زراعة أراضيهم الخصبة وتربية ماشيتهم، وعاشوا حياتهم مستمتعين بوفرة محاصيلهم أول الأمر، وعندما نمت التجارة أسهموا فيها، ووصلت قوافلهم إلى غزة، ولكن تجارتهم بقيت محدودة لاتعادل تجارة أهل مكة، وآثروا عليها الزراعة بسبب خصب أراضيهم وكثرة مياههم، وقد درّت عليهم أعمالهم الناجحة أموالا طائلة، وخافوا من عدوان القبائل الأخرى التي تجدب أرضهم وتشح مواردهم فبنوا الآطام، وهي حصون صغيرة لبضع عائلات وتحميهم من غارات الأعداء.
وقد عمر العماليق في يثرب ماشاء الله، ثم وفدت عليهم قبائل أخرى ساكنتهم، فالوفرة التي وصل إليها العماليق جعلتهم يقبلون مساكنة الوافدين إليهم ليستفيدوا من العمالة الطارئة، فيخفف عنهم القادمون أعباء العمل في الأرض، ويجد أصحاب الأرض فرصة للتمتع بثرواتهم، وما لبث الوافدون أن استثمروا بعض الأراضي التي لم يستثمرها العماليق في المنطقة، وتحولوا إلى ملاّك وأثروا وجاروا العماليق في حياتهم، وإلى حين قام الملك البابلي الكلداني نابونيد بشن حملة عسكرية في الجزيرة العربية، وقد سيطر فيها على مدن العماليق وهي تيماء، خيبر، مدين، فدك، ديدان، يثرب، وخلال رحلة السنين الطويلة، حصل تزاوج وتمازج بين العماليق من يثرب والقبائل الوافدة.
وظهرت أجيال جديدة تحمل دماء مختلطة، وما لبث العماليق المتميزون بضخامة الأجسام أن قل عددهم تدريجيا، ولكنهم لم ينقرضوا تماما، بل بقيت منهم بقية وكانت لاتزال من العماليق بقية إلى عصر النبوة في يثرب، حيث يذكر أن بني أنيف، وهم حي أقاموا مع اليهود قبل وصول الأوس والخزرج، كانوا منهم، وعندما وصل الإسلام إلى يثرب لم يكن قد بقي منهم إلا أفراد قلائل تميزوا بطول القامة، وقد هاجر الكنعانيون والعموريين، وهما شعبان من العماليق وهم من أقدم الأمم كانت تسكن الحجاز، وقد جاء ذكرهم في بعض الكتب العربية ككتاب الكامل في التاريخ لابن الأثير حيث قال، أن عميلق وهو أبو العماليق ومنهم كانت الجبابرة بالشام الذين يقال لهم الكنعانيون.
والفراعنة بمصر وكان أهل البحرين وعمان منهم ويسمون جاسم وكان منهم بنو أميم بن لاوذ أهل وبار بأرض الرمل وهي بين اليمامة والشحر، وكذلك يعتبر الأموريين من العماليق، ومن أول الشعوب السامية القديمة التي هاجرت من الجزيرة العربية باتجاه العراق وسوريا، فانتشروا في أواسطها وشمالها وشرقها، وأسسوا عدة ممالك ومدن من أشهرها، هى يمحاض وكانت عاصمتها مدينة حلب، ومن أشهر ملوكها يارم ليم وابنه حمورابي معاصر حمورابي ملك بابل، ومملكة آسين التي تأسست في بلاد مابين النهرين، والدولة البابلية الأمورية، ومملكة ماري وهى قرب البوكمال، وكانت أقدم أكادية سومرية وكانت حضارتها تشبه، حضارة السومريين، وقد أخذ الأموريون حضارة السومريين والأكاديين.
فازدهرت مملكة ماري ازدهارا عظيما وسيطرت على طرق المواصلات التي تصل الخليج العربي بسوريا والأناضول قرابة قرنين من الزمان، أما حضارة الأموريين فهي حضارة البابليين في جميع وجوهها، وقد هاجر الكنعانيون مع الأموريين لكنهم استوطنوا سوريا الجنوبية، ولاختلاف موضع الشعبين تأثر الأموريون بالحضارة السومرية، وهى الأكادية وتأثر الكنعانيون بالحضارة المصرية وحضارة مغرب البحر المتوسط، وقد انتشر الكنعانيون على طول الساحل الشمالي لسوريا، وتعد لغة الآموريين والكنعانيين لهجتين من فرع واحد وأما الخلاف بين لهجتين لا يختلف عن أكثر مما تختلف اللهجات الشامية اليوم، وقد أطلق اليونانيون اسم فينيقيا المشتق من فينيقيين أي الأحمر الأرجواني.