الدكرورى يكتب نبي الله إبراهيم عليه السلام ” جزء 22″
بقلم / محمـــد الدكـــرورى
نبي الله إبراهيم عليه السلام ” جزء 22″
ونكمل الجزء الثاني والعشرون مع نبي الله إبراهيم عليه السلام، فلما أرسل إليه الملك وسأله عن المرأة التي معه قا لها بأنه أخته، وذلك لأن المؤمنين إخوة، وهي أخته في الإيمان، فلما أراد الملك أن يأخذها توضأت سارة ثم صلت ودعت ربها ألا يسلط عليها ذلك الكافر فاستجاب لها ربها حتى أتت ذلك الجبار نوبة من الألم يكاد يصرع فيها، وحدث ذلك ثانية وثالثة فقال الجبار، ارجعوها إلى إبراهيم وأعطوها هاجر، فكان ذلك، فوهبت سارة هاجر إلى إبراهيم فحملت هاجر من الخليل إبراهيم، وولدت له إسماعيل ففرح إبراهيم فرحا عظيما، فرحت سارة بالطفل مع إبراهيم ولكن بعد ذلك أصابتها غيرة شديدة، فطلبت من إبراهيم أن يبعدهم إلى أقصى الأماكن فلا تسمع صوتهم، واستجاب لها نبي الله إبراهيم عليه السلام، وكأن الله تعالى، قد أوحى له بذله
فسار على دابته مع زوجته وابنه وشاء الله تعالى أن ينزلهما في ذلك المكان القفر في مكة في الصحراء، وكان أيضا هناك قصة عظيمه للخليل إبراهيم وبناء الكعبة ومن أول شخص أذن لحج بيت الله الحرام؟ وكان ذلك لما ترك الخليل إبراهيم عليه السلام، أم ولده هاجر وإسماعيل عليهما السلام في ذلك الموضع شاء الله تعالى، أن ينبع ماء زمزم، فتجمع هنالك بعض من الناس، وبدأ الخليل إبراهيم بزيارة إسماعيل عليهما السلام، وفي الزيارة الثالثة قال إبراهيم لإسماعيل عليهما السلام، إن الله سبحانه وتعالى، قد أمره أن يبني بيتا، فأجابه إسماعيل عليه السلام، أن يطيع ربه، فأخبر إبراهيم ابنه عليهما السلام، أن الله تعالى، قد أمره بأن يعينه ابنه، يعني إسماعيل، فقال إسماعيل إذا أفعل، فجعل إبراهيم يبني البيت وإسماعيل يناوله الحجارة، وهما يرددان.
” ربنا تقبل منا إنك أنت السميع العليم ” فلما فرغا فقد أمر الله تعالى نبيه إبراهيم عليه السلام، أن يؤذن في الحج، وهنا يجب علينا أن نعلم إن توكل الخليل إبراهيم عليه السلام على ربه أنجاه من نار الدنيا وحماه من ضررها بل وكانت بردا وسلاما عليه، وإن الخضوع والاستسلام لله تعالى، من شأنه أن ينجي من المخاطر حتى ولو كان العقل البشري يرى أن الذي اختاره الله تعالى فيه خطر وشر، ولكن المتبصر يجد أن الخير فيما يختاره الله له، وإن شأن الطاغية والمتكبر في الأرض أن يجادل دون وجه حق ودون إعمال عقله، وللخروج من تلك المتاهة يجب إعطاءه أدلة أكثر قوة تبهته حتى يكف لسانه عن الجدال مثلما حدث في قصة الخليل إبراهيم عليه السلام، مع النمرود، وإن جبر الله تعالى، ليس له وقت أو أوان، فقد جبر الله تعالى، السيدة سارة.
مع أنها قد بلغت من الكبر عتيا، وقد كانت في الأصل عاقر، وأما عن وفاة الخليل إبراهيم عليه السلام وما قيل في عمره، فقد ذكر ابن جرير في تاريخه، أن مولده كان في زمن النمرود بن كنعان، وهو فيما قيل الضحاك الملك المشهور، الذي يقال إنه ملك ألف سنة، وكان في غاية الغشم والظلم، وقد ذكر بعضهم أنه من بني راسب الذين بعث إليهم نوح عليه السلام، وأنه كان إذ ذاك ملك الدنيا، وذكروا أنه فى يوم طلع نجم أخفى ضوء الشمس والقمر، فهال ذلك أهل ذلك الزمان، وفزغ النمرود، فجمع الكهنة والمنجمين وسألهم عن ذلك، فقالوا يولد مولود في رعيتك يكون زوال ملكك على يديه، فأمر عند ذلك بمنع الرجال عن النساء، وأن يقتل المولودون من ذلك الحين، فكان مولد إبراهيم الخليل في ذلك الحين، فحماه الله عز وجل، وصانه من كيد الفجار.
وشب شبابا باهرا، وأنبته الله نباتا حسنا، حتى كان من أمره ما تقدم، وكان مولده بالسوس، وقيل ببابل، وقيل بالسواد من ناحية كوثى، وتقدم عن ابن عباس رضى الله عنهما أنه ولد عليه السلام ببرزة شرقي دمشق، فلما أهلك الله نمرود على يديه، وهاجر إلى حران، ثم إلى أرض الشام، وأقام ببلاد إيليا كما ذكرنا، وولد له إسماعيل وإسحاق، وقد ماتت السيدة سارة قبله بقرية حبرون التي في أرض كنعان، ولها من العمر مائة وسبع وعشرون سنة، فيما ذكر أهل الكتاب، فحزن عليها إبراهيم عليه السلام، ورثاها رحمها الله، واشترى من رجل من بني حيث، يقال له عفرون بن صخر مغارة بأربع مائة مثقال، ودفن فيها السيدة سارة هنالك، وقالوا ثم خطب الخليل إبراهيم على ابنه إسحاق، فزوجه رفقا بنت بتوئيل بن ناحور بن تارح، وبعث مولاه فحملها من بلادها، ومعها مرضعتها وجوارها على الإبل، وقالوا ثم تزوج إبراهيم عليه السلام قنطورا، فولدت له زمران، ويقشان، ومادان، ومدين، وشياق، وشوح، وذكروا ما ولد كل واحد من هؤلاء أولاد قنطورا.