الدكرورى يكتب نبي الله إبراهيم عليه السلام ” جزء 20″
بقلم / محمـــد الدكـــرورى
نبي الله إبراهيم عليه السلام ” جزء 20″
ونكمل الجزء العشرون مع نبي الله إبراهيم عليه السلام، وكان هذا ردا على المشركين، وكان النبي الكريم محمد صلى الله عليه وسلم يقول إذا أصبح ” أصبحنا على فطرة الإسلام، وكلمة الإخلاص، ودين نبينا محمد صلى الله عليه وسلم، وملة أبينا إبراهيم حنيفا وما كان من المشركين ” فإن خليل الرحمن إبراهيم عليه السلام قد نال نصيبا وافرا من ثناء الله تعالى عليه جزاء لتمام انقياده وتسليمه، وكمال توحيده وإيمانه، وحُسن قيامه بأوامر ربه، فأثنى عليه بإتمام طاعته، ووفائه بحق عبادته، فقال تعالى فى سورة البقره ” وإذ ابتلى إبراهيم ربه بكلمات فأتمهن ” وقال عنه سبحانه وتعالى فى سورة النجم ” وإبراهيم الذى وفى ” وهكذا فإن الله تعالى شكور كريم، يكافئ عبده الصالح على صلاحه في دنياه وآخرته، مكافأة حسية، ومكافأة معنوية.
فإبراهيم عليه السلام لما صار إلى المنزلة العالية من تمام الانقياد والقيام بكل ما أمر ربه به، أوصله الله إلى درجة الخلة، وهي أعلى درجات المحبة فأحبه الله حبا عظيما فقال الله تعالى فى سورة النساء ” واتخذ الله إبراهيم خليلا ” وعن عمرو بن ميمون أن معاذا رضي الله عنه لما قدم اليمن صلى بهم الصبح، فقرأ قول الحق من سورة النساء ” واتخذ الله إبراهيم خليلا ” فقال رجل من القوم لقد قرّت عين أم إبراهيم، فمن أراد لنفسه صلاح الدنيا والآخرة، فليقم بطاعة الله كما أحب الله منه، ومن زرع خيرا في هذه الحياة ابتغاء وجه الله، نال جناه في حياته وبعد مماته، وفي هذه السيرة العطرة النضرة الطيبة قد تبيّن لنا جليّا أن من ترك شيئا لله عوّضه الله خيرا منه، فمن قدم مرضاة الله على شهوات نفسه، أعطاه الله كفاء ذلك ثوابا عاجلا وثوابا آجلا.
وأن البيئات والأقارب إذا كانوا حائلا بين المؤمن وطاعة الله وتوحيده، فالمفارقة إلى أرض التوحيد، ورفقاء الطاعة هو سبيل النجاة، وأن البلاء الذي يرافقه صبر صاحبه واحتسابه ذلك عند الله، يعقب فرجا وتيسيرا ونعما متتابعة، وأن المكروه الملازم للمرء لا يجعل صاحب الإيمان ييئَس من تغير الأحوال بذهاب المكروهات وحصول المحبوبات، وأن على الرجل إذا كانت زوجته عقيما أن يصبر عليها، ولا مانع أن يتزوج أخرى، وتعينه زوجته الأولى على ذلك، بل لعل إعانتها له على ذلك تكون سببا لحملها أيضا، فيسعدها الله بالولد كما أسعدت زوجها بإعانتها له، وعلى المؤمن أن يكون قلبه سليما من مزاحمة محبوباته لحب الله وما يحبه الله، فيقدم رضا مولاه على رضاه، وعلى المسلم أن يتصف بالصفات الحميدة، والخلال الكريمة.
وأن يكون انقياده لشرع الله انقيادا كاملا، لا انقيادا انتقائيا حسب الأهواء والشهوات، وأن يحرص على أن يكون قدوة حسنة لمن بعده، وأن يُبقي له بعد موته ما يستحق عليه الثناء والدعاء من أهل الخير والصلاح، وعلينا جميعا أن نعلم أن الخيرات للمؤمن قد تأتي متأخرة، وربما تجيء في أواخر مراحل العمر، فليتفاءل الإنسان ما دامت الحياة، وقد مر الخليل إبراهيم عليه السلام بمراح صعبه فكانت هناك قصتة عليه السلام مع النمرود وكيف أثبت الخليل إبراهيم عجز عدو الله؟ واتبع الخليل إبراهيم في مناظرته مع النمرود الحجة والبيان المعتمدان على العقل، وكان النمرود جبارا في الأرض في ذلك الزمان، فناظره الخليل إبراهيم عليه السلام، بما اقتضى الحال حينها، فقال إبراهيم عليه السلام عندما سأله النمرود من ربك، فقال ” ربى الذى يحيى ويميت ”
وهذه كانت الحجة الأولى التي أقامها إبراهيم عليه السلام على النمرود، فقال النمرود وأنا أحيي وأميت فأتى بسجينين من عنده فأطلق سراح أحدهما وأبقى على الآخر وقتله، فعلم إبراهيم أن القلب الذي اعتاد الضلال لن يقبل النور، ولن يدخل معه بجدال عقيم لا نهاية له، فطرح الخليل إبراهيم حجته الثانية وقال ” فإن الله يأتى بالشمس من المشرق فأت بها من المغرب فبهت الذى كفر والله لا يهدى القوم الظالمين ” وهذا تحدى صريح من الخليل إبراهيم للنمرود، فبهت النمرود من قول إبراهيم عليه السلام، ولكنَه لم يؤمن فهو اعتاد على أن يتجبّر في الأرض من دون أن يردعه أحد، وكان للخليل إبراهيم قصة كبيره مع فداء ابنه إسماعيل عليه السلام بالكبش وكيف يجزي الله من أسلم لأمره؟ فلقد أنعم الله تعالى على الخليل إبراهيم عليه السلام، بولد بعد طول زمن.