الدكرورى يكتب نبي الله إبراهيم عليه السلام ” جزء 19″
بقلم / محمـــد الدكـــرورى
نبي الله إبراهيم عليه السلام ” جزء 19″
ونكمل الجزء التاسع عشر مع نبي الله إبراهيم عليه السلام، وقال بعض المفسرين أي ويولد لهذا المولود ولد في حياتكما، فتقر أعينكما به كما قرّت بوالده، فإن الفرح بولد الولد شديد لبقاء النسل والعقب، ولما كان ولد الشيخ والشيخة قد يتوهّم أنه لا يعقب لضعفه، وقعت البشارة به وبولده باسم يعقوب، الذي فيه اشتقاق العقب والذرية، وكان هذا مجازاة لإبراهيم عليه السلام، حين اعتزل قومه وتركهم، ونزح عنهم وهاجر من بلادهم ذاهبا إلى عبادة الله في الأرض، فعوضه الله عز وجل عن قومه وعشيرته بأولاد صالحين من صلبه على دينه، لتقر بهم عينه، ولهذا تكونت من ذرية الخليل إبراهيم عليه السلام أمم وشعوب، فكان هو الأب الثالث للعالم كما قيل بعد آدم ونوح، بل لم يأت نبي بعده إلا من ذريته، فقال الله تعالى فى كتابه العزيز فى سورة العنكبوت.
” ووهبنا له إسحاق ويعقوب وجعلنا فى ذريته النبوة والكتاب وآتيناه أجره فى الدنيا وإنه فى الآخرة لمن الصالحين” فكل نبي أرسله الله، وكل كتاب أنزله الله بعد إبراهيم، ففي ذريته صلوات الله وسلامه عليه، ولقد ورد عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في وصف خلقة أبيه إبراهيم أنه كان رجلا طويلا بائن الطول، وأن أشبه الناس به في صورته نبينا محمد صلى الله عليه وسلم فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم ” أتاني الليلة آتيان، فأتينا على رجل طويل لا أكاد أرى رأسه طولا، وإنه إبراهيم صلى الله عليه وسلم” وقال صلى الله عليه وسلم ” أما إبراهيم، فانظروا إلى صاحبكم” ويعني نفسه صلى الله عليه وسلم، وقد جاء عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قوله ” اختتن إبراهيم عليه السلام وهو ابن ثمانين سنة بالقدوم” وقال بعض العلماء إن الخليل إبراهيم عليه السلام.
هو أول من اختتن، ولم يزل ذلك سنة عامة معمولا بها في ذريته وأهل الأديان المنتمين إلى دينه، وهو حكم التوراة على بني إسرائيل كلهم، ولم تزل أنبياء بني إسرائيل يختتنون حتى نبى الله عيسى صلى الله عليه وسلم، ولقد اصطفى الله تعالى الخليل إبراهيم لنبوته، فجعله حاملا لرسالته إلى خلقه، بعد أن ألهمه الحق والهدى من صغره كما قال تعالى فى سورة الأنبياء ” ولقد آتينا إبراهيم رشده من قبل وكنا به عالمين” وقال تعالى عن الخليل إبراهيم فى سورة النحل ” اجتباه وهداه إلى صراط مستقيم ” وقد كلفه الله سبحانه وتعالى بالإخلاص له والاستسلام والانقياد، فأجاب إلى ذلك شرعا وقدرا، كما قال الله تعالى فى سورة البقرة ” إذ قال له ريه أسلم قال أسلمت لرب العالمين ” وقد أمره الله تبارك وتعالى بالقيام بتكاليف وأوامر عديدة، فقام بها خير قيام
فلذلك قال الله تعالى عنه فى سورة البقرة ” وإبراهيم الذى وفى ” وقال تعالى ” وإذ ابتلى إبراهيم ربه بكلمات فأتمهن ” وإن الخليل إبراهيم عليه السلام حينما وصل إلى تلك الدرجة السامية من التوحيد وكمال الطاعة، جعله الله تعالى إماما للناس في الخير يقتدون به، وجعل ما عليه من الدين هو الملة التي أمر باتباعها، فإنه عليه الصلاة والسلام قد جرد توحيد ربه تبارك وتعالى، فلم يدع معه غيره، ولا أشرك به طرفة عين، وتبرأ من كل معبود سواه، وخالف في ذلك سائر قومه حتى تبرأ من أبيه، فقال الله تعالى في إعطائه الإمامة فى سوررة البقرة ” إنى جاعلك للناس إماما ” وقد ذكر الله تعالى أن من عدل عن هذه الملة الإبراهيمية بعد أن بين الله صلاحها وأثنى على إمامها فإن ذلك المائل عنها جاهل أهان نفسه، فقال تعالى فى كتابه الكريم فى سورة البقرة
” ومن يرغب عن ملة إبراهيم إلا من سفه نفسه ” وقال الله تعالى آمرا باتباعه، ومبينا سلامة معتقده وطريقه فى سورة النحل ” ثم أوحينا إليك أن اتبع ملة إبراهيم حنيفا وما كان من المشركين ” وذكر الله تعالى أن أحسن الدين هو الانقياد التام لله تعالى، مع الإحسان في ذلك واتباع ملة نبى الله إبراهيم، فقال تعالى فى سورة النساء ” ومن أحسن دينا ممن أسلم وجهه لله وهو محسن واتبع ملة إبراهيم حنيفا ” ولقد كان المشركون وأهل الكتاب يدعون أنهم على ملة إبراهيم، فكذبهم الله جميعا بسبب شركهم وكفرهم، وبيّن أن أتباعه على الحقيقة، هم نبينا محمد صلى الله عليه وسلم والذين آمنواوهذا نبينا ورسولنه الكريم محمد صلى الله عليه وسلم، يعلمه الله أن يقول كما فى كتابه الكريم فى سورة الأنعام ” قل إننى هدانى ربى إلى صراط مستقيم دينا قيما ملة إبراهيم حنيفا وما كان من المشركين “