أخبار سياسية - اقتصادية - فنية - رياضية - عربية - دولية

نبي الله إبراهيم عليه السلام ” جزء 18″

الدكرورى يكتب نبي الله إبراهيم عليه السلام ” جزء 18″

بقلم / محمـــد الدكـــرورى

نبي الله إبراهيم عليه السلام ” جزء 18″

ونكمل الجزء الثامن عشر مع نبي الله إبراهيم عليه السلام، وهم إبراهيم أن يذبح ابنه، فلما أسلما وتله للجبين ولكن السكين لم تقطع، بإرادة الله عز وجل، عندها فداه الله عز وجل، بكبش عظيم، من الجنة، أبيض الصوف ذي قرنين كبيرين، وهكذا أصبحت الأضحية سنة الخليل إبراهيم، وهى سنة للمسلمين كافة، يؤدونها أيام الحج إلى البيت العتيق بمكة، وهكذا فإن الإنسان ميال بطبعه إلى الاقتداء بالآخرين، والأخذ من صفات المعظمين في نفسه، المحبوبين إلى قلبه، حينما يجد منهم خلالا يستحسنها، وأعمالا طيبة يحبها، ولهذا كان الاقتداء طريقا من طرق الهداية أو الضلال، ولأجل ذلك حذر الله تعالى من الاقتداء بالضالين، وبين مآلهم ومآل من تبِعهم، وقد أمر الله تبارك وتعالى بالاقتداء بالمهتدين، فقال بعد أن ذكر ثمانية عشر نبيا فى كتابه الكريم.

فى سورة الأنعام ” أولئك الذين هدى الله فبهداهم اقتده ” وقال تعالى عن نبينا ورسولنا محمد صلى الله عليه وسلم خصوصا فى كتابه الكريم فى سورة الأحزاب ” لقد كان لكم فى رسول الله أسوة حسنة لمن كان يرجو الله واليوم الآخر وذكر الله كثيرا” ومن هنا نقول على كل إنسان يريد السلامة في الدنيا والآخرة، أن يكون اقتداؤه بأهل الصلاح والتقوى، خاصة من مات منهم، وعلى رأسهم أنبياء الله ورسله عليهم الصلاة والسلام، وإن المتأمل في القرآن الكريم يجد أن الله تعالى ذكر لنا من قصص الأنبياء وأخبارهم وصفاتهم، والثناء عليهم بما امتازوا به من أعمال حسنة، وخلال صالحة ما فيه مادة غنية كافية في باب الأسوة الحسنة، فحري بمن أراد الاهتداء أن يسلك طريق الاقتداء بأولئك الأنبياء عليهم الصلاة والسلام، وقد كان من أولئك النبيين الذين أثنى الله عليهم في القرآن.

وجعلهم مثلا للاقتداء، بما ذكر من نعوتهم الحسنة، وأعمالهم الطيبة، هو خليل الرحمن إبراهيم عليه الصلاة والسلام، فقد ورد في ذكره آيات كثيرة في سور متعددة، وإن إبراهيم كما قال بعض أهل العلم هو اسم قديم ليس بعربي، بل هو اسم سرياني قيل في معناه أب رحيم، وقيل أنه مشتق من البرهمة، وهي شدة النظر، وهو ابن آزر، ويصل نسبه إلى سام بن نوح، وأبوه آزر بقي على دين قومه وأبى أن يُسلم، وقد دعاه إبراهيم فلم يستجب، وكان آزر قد وعد إبراهيم بالإيمان، فكان إبراهيم يستغفر له، فلما تبين له عدم إيمان أبيه، وأنه سيموت كافرا ترك الاستغفار له، وتبرأ منه، وقال الله تعالى فى كتابه الكريم فى سورة التوبة ” وما كان استغفار إبراهيم لأبيه إلا عن موعده وعدها إياه فلما تبين له أنه عدو لله تبرأ منه إن إبراهيم لأواه حليم”

وقد ولد إبراهيم عليه السلام في أرض الكلدانيين في بابل من بلاد العراق، وخرج عنها مع أبيه إلى حوران، ثم هجر قومه، فتنقل بين بيت المقدس ومصر والحجاز، وقد تزوج بالسيدة سارة وقدم بها مصر لجلب الطعام، فوشي بحسنها إلى ملك تلك البلاد، فأراد انتزاعها من إبراهيم، فكف الله يد الفاجر عنها، وأعطاها خادما لها وهي السيدة هاجر، فخرج إبراهيم عليه السلام بأهله من مصر، ولكنه ظل مدة طويلة لا يولد له، فقد كانت زوجته السيدة سارة عقيما، فلما أُهديت لها هاجر أهدتها لزوجها إبراهيم، فولدت هاجر إسماعيل عليه السلام، فكان بذلك بشارة عظيمة لإبراهيم بعد طول انتظار، فقد جاءه بكره إسماعيل وعمر الخليل عليه السلام آنذاك ست وثمانون سنة، وكان ذلك مكافأة من الله تعالى له حينما هجر وطنه وقومه وعشيرته من أجله

فأبدله الله أرضا خيرا من أرضه، ووهب له بدل أهله من البنين نسلا صالحا وذرية مباركة جعل فيها النبوة والكتاب، ومرت سنون وما زالت سارة على عقمها، وهي مشتاقة إلى ولد منها، فلما رأى تعالى شوقها وصبرها وإيمانها، بشّرها بولادة إسحاق وقد كان بين إسماعيل وإسحاق ثلاث عشرة سنة وزادها الله مع زوجها إبراهيم في البشارة مجيء يعقوب من إسحاق، فهي بشارة بالابن والحفيد في وقت واحد، وهي بشارة كذلك بحياة إسحاق حتى يتزوج ويولد له فقال الله تعالى فى سورة هود ” وامرأته قائمة فضحكت فبشرناها بإسحاق ومن وراء إسحاق يعقوب، قالت يا ويلتا أألد وأنا عجوز وهذا بعلى شيخا إن هذا لشئ عجيب، قالوا أتعجبين من أمر الله رحمة الله وبركاته عليكم أهل البيت إنه حميد مجيد”