الدكرورى يكتب نبي الله إبراهيم عليه السلام ” جزء 17″
بقلم / محمـــد الدكـــرورى
نبي الله إبراهيم عليه السلام ” جزء 17″
ونكمل الجزء السابع عشر مع نبي الله إبراهيم عليه السلام، فلما جاء إسماعيل كأنه آنس شيئا فقال هل جاءكم من أحد، قالت نعم جاءنا شيخ كذا وكذا فسألني عنك فأخبرته، وسألني كيف عيشتنا فأخبرته أنا في جهد وشدة، قال فهل أوصاك بشيء، قالت أمرني أن أقرأ عليك السلام، ويقول غير عتبة بابك، قال ذاك أبي وقد أمرني أن أفارقك، الحقي بأهلك، فطلقها وتزوج منهم أخرى فلبث عنهم إبراهيم ما شاء الله ثم أتاهم بعد فلم يجده، ودخل على امرأته فسألها عنه فقالت خرج يبتغي لنا، فقال كيف أنتم ؟ وسألها عن عيشهم وهيئتهم فقالت نحن بخير وسعة وأثنت على الله، فقال ما طعامكم ؟ قالت اللحم، قال فما شرابكم ؟ قالت الماء، فقال ” اللهم بارك لهم في اللحم والماء” وقال النبي صلى الله عليه وسلم ” ولم يكن لهم يومئذ حب ولو كان لهم دعا لهم فيه ”
قال فهما لا يخلو عليهما أحد بغير مكة إلا لم يوافقاه، وقال ابن عباس قول إبراهيم فاجعل أفئدة من الناس تهوي إليهم أى أنه سأل أن يجعل الله الناس يهوون السكنى بمكة، فيصير بيتا محرما، وكل ذلك كان والحمد لله، وأول من سكنه قبيلة جرهم، فبعد قوله وإن الله لا يضيع أهله وكان البيت مرتفعا من الأرض كالرابية تأتيه السيول فتأخذ عن يمينه وعن شماله، وكذلك حتى مرت بهم رفقة من جرهم قافلين من طريق كذا، فنزلوا بأسفل مكة، فرأوا طائرا عائفا فقالوا، إن هذا الطائر ليدور على ماء، لعهدنا بهذا الوادي وما فيه ماء، فأرسلوا جريا أو جريين فإذا هم بالماء، فأخبروهم بالماء فأقبلوا، قال وأم إسماعيل عند الماء، فقالوا أتأذنين لنا أن ننزل عندك ؟ قالت نعم ولكن لا حق لكم في الماء، قالوا نعم، وقال ابن عباس قال النبي صلى الله عليه وسلم.
” فألفى ذلك أم إسماعيل وهي تحب الأنس فنزلوا وأرسلوا إلى أهلهم فنزلوا معهم حتى إذا كان بها أهل أبيات منهم، شب الغلام، وماتت أم إسماعيل، فجاء إبراهيم بعد ما تزوج إسماعيل يطالع تركته” ثم جاء بعد ذلك، وإسماعيل يبرى نبلا له تحت دوحة قريبا من زمزم، فلما رآه قام إليه، فصنعا كما يصنع الوالد بالولد والولد بالوالد، ثم قال إن اللهَ أمرني بأمر، قال فاصنع ما أمر ربك، قال وتعيننى ؟ قال وأعينك، قال فإن الله أمرني أن أبني ها هنا بيتا، وأشار إلى أكمة مرتفعة على ما حولها، قال فعند ذلك رفعا القواعد من البيت، فجعل إسماعيل يأتي بالحجارة وإبراهيم يبني، حتى إذا ارتفع البناء، جاء بهذا الحجر، فوضعه له فقام عليه، وهو يبني وإسماعيل يناوله الحجارة، وهما يقولان ” ربنا تقبل منا إنك أنت السميع العليم ” قال فجعلا يبنيان حتى يدورا حول البيت وهما يقولان.
” ربنا تقبل منا إنك أنت السميع العليم ” ولقد سأل إبراهيم الخليل ربه أن يهبه ولدا صالحا، وذلك عندما هاجر من بلاد قومه، فبشره الله عز وجل بغلام حليم، وهو إسماعيل، الذي ولد من هاجر، بينما كان إبراهيم الخليل، في السادسة والثمانين من عمره، فهو أي إسماعيل، أول ولد لإبراهيم وهو الولد البكر ويقول الله عز وجل ” وقال إني ذاهب إلى ربي سيهدين، رب هب لي من الصالحين، فبشرناه بغلام حليم” وعندما كبر إسماعيل، وشب، وصار بمقدوره، أن يسعى ويعمل كما يعمل ويسعى أبوه، رأى إبراهيم الخليل، في المنام أن الله يأمره أن يذبح ولده، ومعلوم أن رؤيا الأنبياء وحي، فقال الله تعالى فى كتابه الكريم ” فلما بلغ معه السعى قال يابني إني أرى في المنام أني أذبحك فانظر ماذا ترى” إنه لأمر عظيم، واختبار صعب، للنبي إبراهيم.
فإسماعيل هذا الولد العزيز البكر، والذي جاءه على كبر، سوف يفقده بعدما أمره الله عز وجل أن يتركه مع أمه السيدة هاجر، في واد ليس به أنيس، ها هو الآن يأمره مرة أخرى، أن يذبحه ولكن الخليل إبراهيم، امتثل لأمر ربه واستجاب لطلبه وسارع إلى طاعته، ثم اتجه إلى ابنه إسماعيل، وعرض الأمر عليه، ولم يرد أن يذبحه قسرا، فماذا كان رد الغلام إسماعيل ” قال يا أبت افعل ما تؤمر ستجدني إن شاء الله من الصابرين” إنه رد يدل على منتهى الطاعة وغايتها للوالد ولرب العباد، لقد أجاب إسماعيل بكلام فيه استسلام لقضاء الله وقدره، وفيه امتثال رائع لأمر الله عز وجل، وأي أمر هذا، إنه ليس بالأمر السهل، وحانت اللحظة الحاسمة بعد أن عزم إبراهيم على ذبح ابنه، انقيادا لأمر الله عز وجل، فأضجعه على الأرض والتصق جبين إسماعيل بالأرض.