الدكرورى يكتب نبي الله إبراهيم عليه السلام ” جزء 16″
بقلم / محمـــد الدكـــرورى
نبي الله إبراهيم عليه السلام ” جزء 16″
ونكمل الجزء السادس عشر مع نبي الله إبراهيم عليه السلام، وجاء في الصحيح أن أبا ذر الغفارى رضي الله عنه اجتزأ به ثلاثين بين يوم وليلة، وقال أبو ذر رضى الله عنه ما كان لي طعام إلا ماء زمزم فسمنت حتى تكسرت عكني، وما أجد على كبدي سخفة جوع، وعن ابن عباس رضى الله عنهما قال، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم “ماء زمزم لما شرب له إن شربته تشتفي به شفاك الله وإن شربته لشبعك أشبعك الله به وإن شربته لقطع ظمئك قطعه وهي هزمة جبريل وسقيا الله إسماعيل” رواه الدارقطني، وروي أيضا عن عكرمة قال، كان ابن عباس رضى الله عنهما إذا شرب من زمزم قال ” اللهم إني أسألك علما نافعا، ورزقا واسعا، وشفاء من كل داء” وقال ابن العربي وهذا موجود فيه إلى يوم القيامة لمن صحت نيته، وسلمت طويته، ولم يكن به مكذبا.
ولا يشربه مجربا، فإن الله مع المتوكلين، وهو يفضح المجربين، وقال الترمذي وحدثني أبي رحمه الله، قال دخلت الطواف في ليلة ظلماء فأخذني من البول ما شغلني، فجعلت أعتصر حتى آذاني، وخفت إن خرجت من المسجد أن أطأ بعض تلك الأقدام، وذلك أيام الحج، فذكرت هذا الحديث، فدخلت زمزم فتضلعت منه، فذهب عني إلى الصباح وروي عن عبد الله بن عمرو إن في زمزم عينا في الجنة من قبل الركن، وأما قوله تعالى ومن ذريتي وكلمة “من ” في قوله تعالى من ذريتي للتبعيض أي أسكنت بعض ذريتي، يعني إسماعيل وأمه لأن إسحاق كان بالشام وقيل هي صلة، أي أسكنت ذريتي، وأما عن قوله تعالى “عند بيتك المحرم” هو يدل على أن البيت كان قديما على ما روي قبل الطوفان، وقد مضى هذا المعنى في سورة البقرة، وأضاف البيت إليه لأنه لا يملكه غيره.
ووصفه بأنه محرم، أي يحرم فيه ما يستباح في غيره من جماع واستحلال، وقيل محرم على الجبابرة، وأن تنتهك حرمته، ويستخف بحقه، وأما عن قوله تعالى ربنا ليقيموا الصلاة فقد خصها من جملة الدين لفضلها فيه، ومكانها منه، وهي عهد الله عند العباد، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم “خمس صلوات كتبهن الله على العباد ” واللام في ليقيموا الصلاة لام كي، هذا هو الظاهر فيها وتكون متعلقة ب ” أسكنت ” ويصح أن تكون لام أمر، كأنه رغب إلى الله أن يأتمنهم وأن يوفقهم لإقامة الصلاة ، وقد تضمنت هذه الآية أن الصلاة بمكة أفضل من الصلاة بغيرها لأن معنى ربنا ليقيموا الصلاة أي أسكنتهم عند بيتك المحرم ليقيموا الصلاة فيه وقد اختلف العلماء هل الصلاة بمكة أفضل أو في مسجد النبي صلى الله عليه وسلم ؟ فذهب عامة أهل الأثر إلى أن الصلاة.
في المسجد الحرام أفضل من الصلاة في مسجد الرسول صلى الله عليه وسلم بمائة صلاة، واحتجوا بحديث عبد الله بن الزبير قال، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ” صلاة في مسجدي هذا أفضل من ألف صلاة فيما سواه من المساجد إلا المسجد الحرام، وصلاة في المسجد الحرام أفضل من صلاة في مسجدي هذا بمائة صلاة ” وعن جابر بن عبد الله قال، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ” صلاة في مسجدي هذا أفضل من ألف صلاة فيما سواه إلا المسجد الحرام وصلاة في المسجد الحرام أفضل من مائة ألف فيمن سواه” وأما قوله تعالى فاجعل أفئدة من الناس تهوي إليهم، الأفئدة جمع فؤاد وهي القلوب، وقد يعبر عن القلب بالفؤاد فكأنه قال واجعل وفودا من الناس تهوي إليهم، أي تنزع، ويقال هوي نحوه إذا مال، وقوله تهوي إليهم مأخوذ منه
وقال ابن عباس ومجاهد لو قال أفئدة الناس لازدحمت عليه فارس والروم والترك والهند واليهود والنصارى والمجوس، ولكن قال من الناس فهم المسلمون فقوله تهوي إليهم أي تحن إليهم، وتحن إلى زيارة البيت، وقال مجاهد ” تهوى إليهم ” أي تهواهم وتجلهم، وارزقهم من الثمرات لعلهم يشكرون فاستجاب الله دعاءه، وأنبت لهم بالطائف سائر الأشجار، وبما يجلب إليهم من الأمصار، وعن ابن عباس رضى الله عنهما قال فجاء إبراهيم بعد ما تزوج إسماعيل يطالع تركته فلم يجد إسماعيل، فسأل امرأته عنه فقالت خرج يبتغي لنا ثم سألهم عن عيشهم وهيئتهم فقالت نحن بشر، نحن في ضيق وشدة، فشكت إليه، قال فإذا جاء زوجك فاقرئي عليه السلام وقولي له يغير عتبة بابه، فلما جاء إسماعيل كأنه آنس شيئا فقال هل جاءكم من أحد، قالت نعم جاءنا شيخ كذا وكذا فسألني عنك فأخبرته.