الدكرورى يكتب نبي الله إبراهيم عليه السلام ” جزء 14″
بقلم / محمـــد الدكـــرورى
نبي الله إبراهيم عليه السلام ” جزء 14″
ونكمل الجزء الرابع عشر مع نبي الله إبراهيم عليه السلام، لكن عمه قام بطرده من منزله، وغضب غضبا شديدا منه، فخرج من بيته، وهو يقصد المعبد الذي توجد به التماثيل بعد أن كانت الطرق خالية، وجميع الناس يحتفلون، وكان يحمل معه فأسا، وقام بتحطيمهم جميعا، ووضع الفأس بالقرب من كبيرهم، فعند رؤية القوم لمنظر الآلهة المحطمة غضبوا جدا، فأحضروا إبراهيم عليه السلام، وتجمع جميع الناس حوله، وسألوه أفعلت هذا بآلهتنا يا إبراهيم ؟ فأجابهم نبى الله إبراهيم قائلا بل فعله كبيرهم هذا فاسألوهم إن كانوا ينطقون، فقالوا له هذا جماد لا يتكلم، فضحك ساخرا منهم لعبادتهم لهم، فاجتمعوا جميعهم وقرروا إحراق إبراهيم عليه السلام، وحفروا حفرة عميقة تحضيرا لحرقه، وأشعلوا النار بها، ووضع إبراهيم في منتصفها بعد تقييده.
فقال الله تعالى للنار ” يا نار كونى بردا وسلاما على إبراهيم ” وأحرقت النار القيود فقط، وجلس الكهنة والناس يراقبون الذي يحدث، وخروج إبراهيم سليما من النار يتلألأ بالنور والجلال، ولم تحرق حتى ثيابه، فصعق جميع الناس، وتم اتهامه بالسحر والشعوذة، ولقد اشتهر عدد من الأنبياء بأنهم كانوا من أولي العزم من الرسل، ومعنى أنهم أولي العزم أي أنهم أعطوا الرسالة منتهى عزائهمم وجهدهم وقوتهم، ومن بين هؤلاء الأنبياء كان هو نبي الله إبراهيم عليه السلام الذي لقب بخليل الرحمن، وقد تميّز نبي الله إبراهيم عليه السلام بأنه كان حنيفا مسلما عادلا عن الشرك بفطرته إلى التوحيد بجبلته، وقد ذكر القرآن الكريم حال نبى الله إبراهيم عليه السلام وهو يقلب نظره في ملكوت السماوات والأرض حتى يستدل على الخالق سبحانه وتعالى، كما ذكر القرآن الكريم قصته.
مع قومه حينما كاد لهم ولأصنامهم، حيث حطمها في يوم من الأيام ليقيم الحجة على قومه بأنها لا تنفع ولا تضر ولا تملك من أمرها شيئا، فكيف تملك أمرا من أمر البشر، وقد ذكر القرآن الكريم محاورة نبي الله إبراهيم عليه السلام مع أبيه، فقد كان إبراهيم بارا بوالده يخشى عليه ويحرص على نجاته لذلك ساءه ما كان عليه أبوه من الضلال المبين حينما اتخذ مع قومه أصناما يعبدونها من دون الله تعالى، فوقف إبراهيم عليه السلام لينصح أباه بكلمات غاية في الأدب والرقة، فبين له ضلال الطريق الذي كان يسلكه، حيث يعبد أصناما لا تضر ولا تنفع، وبين له عداوة الشيطان الأزلية للإنسان، وكيف يريد خسرانه، وأن الوحيد المستحق للعبادة هو الله سبحانه وتعالى الذي تكفل برزق الإنسان، وإذا مرض كان هو الشافي له من أمراضه وأوجاعه، وقد ورد اسم والد نبى الله إبراهيم عليه السلام.
كذلك في السنة النبوية الشريفة وتحديدا في صحيح البخاري حيث ذكر فيه أن والد إبراهيم آزر يأتي يوم القيامة عليه الغبرة وتعلوه القترة، فيقول له إبراهيم عليه السلام ألم أقل لك لا تعصيني، فيقول آزر، فالآن لا أعصيك، فيقول إبراهيم لربه عز وجل، ألم تعدني يا رب أنك لن تخزيني يوم يبعثون، فيقول الله تعالى ” إني حرمت الجنة على الكافرين” وقد قيل أن اسم والد إبراهيم عليه السلام هو تارح أو تارخ كما جاء في التواريخ والأنساب، وقد تبنى هذا الرأي عدد من العلماء، والصحيح أن اسمه آزر لظاهر الآية الكريمة وتأييد الحديث الشريف، وقد نشأ نبى الله إبراهيم في أرض بابل في العراق قديما في بيئة وثنية شاع فيها ما يُعبد من دون الله، فقسم كان يعبد الأصنام وقسم آخر كان يعبد الكواكب، وقيل أنهم كانوا جميعا يعبدون الكواكب.
لكنهم رمزوا لها بأصنام وتماثيل كانوا يقتربون إليها، وقد ورد في القرآن خلافا لما في العهد القديم أن إبراهيم بن آزر، إلا أنه قيل في تفسير الآية أنه عمه وليس أباه وناداه أبتاه لأنه هو الذي رباه، ويذكر القرآن قصته مع قومه حيث دعاهم إلى ترك عبادة الأصنام وعبادة الله وحده، فأبوا محتجين بتمسكهم بدين آبائهم، لكن إبراهيم كسر أصنامهم باستثناء أكبر تلك الأصنام أثناء غيابهم، وقد تميّز خطاب نبى الله إبراهيم عليه السلام في القرآن الكريم بالصيغ الاستفهامية متعددة الأغراض، وفي ذلك قوة تعبيرية موجزة، ثم هاجر نبى الله إبراهيم عليه السلام إلى فلسطين وسكن قرب قرية أربع وهي مدينة كنعانية في المكان الذي أنشأت فيه فيما بعد مدينة الخليل، وفيها الحرم الإبراهيمي الذي يعتقد أنه مدفون فيه وعندما ذهب إلى مصر تزوج السيدة هاجر وأنجبت له نبى الله إسماعيل عليه السلام.