الدكرورى يكتب نبي الله إبراهيم عليه السلام ” جزء 11″
بقلم / محمـــد الدكـــرورى
نبي الله إبراهيم عليه السلام ” جزء 11″
ونكمل الجزء الحادي عشر مع نبي الله إبراهيم عليه السلام، ويقول رسول الله صلى الله عليه وسلم ” عرض على الأنبياء فإذا موسى ضرب من الرجال كأنه من رجال شنوءة، ورأيت عيسى بن مريم فإذا أقرب الناس شبها عروة بن مسعود ورأيت ابراهيم فإذا أقرب من رأيت به شبها صاحبكم يعنى نفسه ورأيت جبرائيل فإذا أقرب من رأيت به شبها دحية ” وأن أول من يُكسى من الخلائق يوم القيامة هو الخليل إبراهيم عليه السلام وذلك في قول رسول الله صلى الله عليه وسلم ” وإن أول الخلائق يكسى يوم القيامة إبراهيم” أتدرون لماذا؟ لأنه أول من عُري في ذات الله حين أرادوا إلقاءه في النار، وقيل لأنه أول من استن التستر بالسراويل، وقيل لأنه لم يكن في الأرض أخوف لله منه فعجلت له كسوته أمانا له ليطمئن قلبه واختار هذا الأخير الحليمي.
وقيل في ذلك أول من يكسى إبراهيم يقول الله اكسوا خليلي ليعلم الناس فضله عليهم، ولكن هل تعلم لماذا خصص الله عز وجل سيدنا إبراهيم في التشهد دون سائر الأنبياء؟ وقد قيل أنه قد يكون ذلك لأنه دعا الله قائلا ” واجعل لى لسان صدق فى الآخرين ” أي واجعل لي ذكرا جميلا بعدي أذكر به ، ويقتدى بي في الخير، كما قال الله سبحانه وتعالى فى سورة الصافات ” وتركنا عليه في الآخرين، سلام على إبراهيم كذلك نجزي المحسنين ” فاستجاب الله لدعائه، وقد أشار ابن القيم في كتابه جلاء الأفهام في الصلاة على خير الأنام إلى أن تخصيص إبراهيم عليه السلام بالذكر هنا، لما وهبه الله تعالى لآل إبراهيم من الخير حيث قال والمقصود الكلام على قوله وبارك على محمد وعلى آل محمد كما باركت على آل إبراهيم، فهذا الدعاء يتضمن إعطاءه من الخير.
ما أعطاه لآل إبراهيم، وإدامته وثبوته له، ومضاعفته له وزيادته، هذا حقيقة البركة، وللعلامة بدر الدين العيني الحنفي رحمه الله رأى آخر في توجيه سبب ذلك، فيقول ” فإن قيل لم خُص إبراهيم عليه السلام من بين سائر الأنبياء عليهم السلام بذكرنا إياه في الصلاة؟ فيقال إن نبى الله إبراهيم عليه السلام لما فرغ من بناء الكعبة دعا الله قائلا ” ربنا وابعث فيهم رسولا منهم يتلوا عليهم آياتك ويعلمهم الكتاب والحكمة ويزكيهم، إنك انت العزيز الحكيم ” ثم دعا لأمة محمد صلى الله عليه وسلم، وقال اللهم من حج هذا البيت من أمة محمد فهبه مني السلام، وكذلك دعا أهله وأولاده بهذه الدعوة، فأمرنا بذكرهم في الصلاة مُجازاة على حُسن صنيعهم” ولقد قال رسول الله محمد صلى الله عليه وسلم ” إنى عند الله لخاتم النبيين، وإن آدم لمنجدل فى طينته، وسأنبئكم بأول ذلك دعوة أبى إبراهيم.
وبشارة عيسى بى ورؤيا أمى التى رأت، وكذلك أمهات النبيين يرين” وقيل لأن كل الأنبياء جاءوا بالتوحيد ، فقال الله تعالى فى سورة الأنبياء ” وما أرسلنا من قبلك من رسول إلا نوحى إليه أنه لا إله إلا أنا فاعبدون” ولكن الخليل إبراهيم عليه السلام هو أبو العرب، وأبو الإسرائيليين، وهو يدعو إلى التوحيد الخالص، واليهود والنصارى ادعوا أنهم أتباعه، والمسلمون هم أتباعه، فكان هو عليه الصلاة والسلام قد خُص بأنه أبو الأنبياء، وأنه صاحب الحنيفية، وأمرنا باتباعه، لأننا نحن أولى بإبراهيم، كما قال الله عز وجل فى سورة آل عمران ” إن أولى الناس بإبراهيم للذين اتبعوه وهذا النبى والذين آمنوا ” وقيل لأن النبي الكريم محمد صلى الله عليه وسلم، رأى ليلة المعراج جميع الأنبياء والمرسلين، وسلم على كل نبي، ولم يسلم أحد منهم على أمته غير إبراهيم عليه السلام.
فأمرنا النبي الكريم محمد صلى الله عليه وسلم، أن نصلي عليه في آخر كل صلاة إلى يوم القيامة، مجازاة على إحسانه، وأن نبي الله إبراهيم أرسل لك سلاما مع رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ فقال النبى الكريم محمد صلى الله عليه وسلم ” لقيت إبراهيم ليلةَ أُسري بي فقال يا محمد، أقرئ أمتك منى السلام وأخبرهم أن الجنة طيبة التربة عذبة الماء، وأنها قيعان، وأن غراسها سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر ” فهذا هو سيدنا إبراهيم عليه السلام وهو إبراهيم بن تارخ بن ناخور بن ساروغ بن أرغو بن فالغ بن غابر بن شالخ بن قينان بن أرفخشذ ابن سام بن نوح عليه السلام”، وقد ولد في بابل، وقيل في الأهواز، وقيل إنه وُلد بدمشق، وقيل بحران، وذلك في زمن النمرود الحاكم المستبد، وقد اصطفى الله عز وجل، إبراهيم عليه السلام، بالنبوة .