الدكرورى يكتب عن الطفل ودور الأسرة ” جزء 5″
بقلم / محمـــد الدكـــرورى
الطفل ودور الأسرة ” جزء 5″
ونكمل الجزء الخامس مع الطفل ودور الأسرة، وأن دين الإسلام يرفض كل الإجرام على اختلافه، وعلى وقوعه في أى البشرية كان إذ الظلم في الإسلام محرّم ديننا دين الإسلام لم يكن سفاكا للدماء، ولا حريصا على ذلك بل كان حريصا على حقن الدماء ما وجد لذلك سبيلا، كل ذلك لأن دين الإسلام دين الرحمة، دين العدل، دين الخير، الدين الذى يصلح البشرية فى حاضرها ومستقبلها، وعندما فقدت معظم البشرية هذا الدين وهذا النور العظيم رأينا ما وقع، ونعوذ بالله من الشرور الآتية والمستقبلة فإن المسلم حينما يتأمّل هذه الجرائم الشنيعة يعلم أن هناك فئة من الناس قاسية قلوبهم، غليظة طباعهم، فاسدا تصوّرهم، إنما يطمئنون ويرتاحون عندما يدبرون هذه المؤامرات الدنيئة، وعندما تقع هذه الجرائم الكبيرة، التى يذهب ضحيتها في لحظة من اللحظات مئات من البشر.
بلا سبب ولا مبرر ولا داع، لكنها والعياذ بالله دليل على عُمق الجرم في النفس، وبعدهم عن الهدى والخير، فإن شريعة الإسلام التي عاش المسلمون في ظلها قرونا عديدة كان العدل والرحمة والخير يسود البشرية، فالدماء محترمة فقال صلى الله عليه وسلم “لا يحل دم امرئ مسلم يشهد أن لا إله إلا الله إلا بإحدى ثلاث، الثيب الزاني، والنفس بالنفس، والتارك لدينه المفارق للجماعة” وأن من قتل نفسا، فكأنما قتل الناس جميعا، ومن حافظ على حياة نفس واحدة فكأنما أحيا الناس جميعا، فاحترمت دماء الأمة مسلمها ومعاهدها، احترمت في الإسلام، وروعيت حقوق البشرية جمعاء، هكذا عدالة الإسلام، وهكذا حقوق الإنسان في الإسلام، كلها الخير والعدل والهدى، أمّا ما نسمعه الآن وما تحمله لنا وكالات الأنباء من هذه الجرائم المتعددة.
التي أصبح الإنسان لا يأمن في جو ولا بحر ولا أرض إنما هي والعياذ بالله نتيجة تلك القلوب القاسية المجرمة الآثمة، التي لا ترتبط بأى دين، ولكن تريد بث الفساد في العالم، أعاذنا الله وإياكم من الفتن ما ظهر منها وما بطن، وطهّر مجتمعات المسلمين من كل سوء، وحفظهم من كل بلاء، إنه على كل شيء قدير، وإن من أهم الوسائل لتربية الطفل ثقافيا وعلميا دور الحضانة والمدرسة، وينضم إليهما ما يسمى بالكتاتيب، فهي لا زالت موجودة في بعض القرى، ويجب على الوالد أن يحسن اختيار دار الحضانة التى يودع فيها ابنه، وأقصد هنا الحضانة التعليمية التثقيفية، وليس حضانة الرضع والصغار دون سن الرابعة، والطفل في سن الحضانة يحب جدا المعلمة ويتخذها قدوة، وهى عنده بمنزلة الأم خصوصا إذا كانت عطوفة عليه، وتقوم بواجب رعايته بأمانة.
ومن ثم فهى تؤثر في شخصيته بدرجة كبيرة، وكلما كانت المعلمة قدوة حسنة، وملتزمة بأخلاق الإسلام وآدابه وتعاليمه، كلما خرج الطفل وتعلم بطريقة أفضل، وكلما كانت المعلمة ذات ثقافة وعلم كلما كانت أكثر قدرة على بث الآداب والفضائل في الأولاد، وأشد تأثيرا فيهم، فتعليم الأطفال يحتاج إلى دراسة واعية وإلى خبرة وعلم، وقد افتتحت في كثير من كليات التربية أقسام للطفولة، لتخرج معلمات لدور الحضانة يكن على درجة كبيرة من الثقافة والعلم بطبيعة تلك المرحلة، وسُبل التعامل مع الأطفال الصغار، ولا بأس إن كان الوالد يقدر أن يجلب لولده معلما يعلمه القرآن، والآداب، والفضائل في المنزل، وهكذا كان يفعل قديما الأمراء والخلفاء والأعيان، وكل من لديهم مقدرة مالية على ذلك، وقد جلب عتبة بن أبي سفيان لأولاده معلما.
وكان مما أوصاه به”ليكن أول ما تبدأ به من إصلاح بنيّ إصلاح نفسك، فإن أعينهم معقودة بعينك، فالحسن عندهم ما استحسنت، والقبيح عندهم ما استقبحت، وعلمهم كتاب الله، ولا تكرههم عليه فيملوه، ولا تتركهم منه فيهجروه، ثم روهم من الشعر أعفه، ومن الحديث أشرفه، ولا تخرجهم من علم إلى غيره حتى يحكموه، فإن ازدحام الكلام في السمع مضلة للفهم” ويروى أن المفضل بن زيد رأى مرة ابن امرأة من الأعراب فأعجبه، فسألها عن حاله فقالت “إذا أتم خمس سنين أسلمته إلى المُؤدب، فحفظ القرآن فتلاه، وعلمه الشعر فرواه، ورغب في مفاخر قومه، ولقن مآثر آباءه وأجداده، فلما بلغ الحلم حملته على أعناق الخيل، فتمرس وتفرس، ولبس السلاح، ومشى بين بيوت الحي، وأصغى إلى صوت الصّارخ”