الدكرورى يكتب عن الطفل ودور الأسرة ” جزء 4″
بقلم / محمـــد الدكـــرورى
الطفل ودور الأسرة ” جزء 4″
ونكمل الجزء الرابع مع الطفل ودور الأسرة، بل الإسلام دين الرحمة والرأفة، لاسيما الرحمة ببني الإنسان، فاتقوا الله أيها الآباء في فلذات الأكباد، ولا يقودنكم الغضب لظلم أبنائكم والإساءة إليهم، ثم تطلبون صلاحهم وطاعتهم، فذلكم النقيض وضده ولا يلتقى النقيضان، وربما كان هناك آباء فقدوا زمام التربية، فانحل أبناؤهم وضاع أولادهم فلم ينصاعوا لأوامرهم، وهذا أمر مشاهد وملموس، فهؤلاء الشباب الذين تجاوزوا العشرين من أعمارهم أو أقل، تراهم في الطرقات، وفي السيارات، ضياع وتيه تعرفهم بسيماهم، قبلتهم الملاعب، وتجارتهم المثالب، شرهم أكثر من خيرهم، آذوا الجار، وامتحنوا القريب وبعيد الدار، إذا سألت عن أخبارهم تنبؤك عنها طواقيهم وقبعاتهم، غطرسة وعربدة، أينعت رؤوسهم وحان قطافها، فأين عنا عمر بن الخطاب رضي الله عنه.
لقد فقدت الأمة درته، وسُلبت هيبته، فمن ضعف أمام أبنائه، فلا يتركهم هملا وسبهللا، وقال ابن القيم رحمه الله ” من أهمل تعليم ولده ما ينفعه وتركه سدى، فقد أساء إليه غاية الإساءة، وأكثر الأولاد إنما جاء فسادهم من قبل الآباء وإهمالهم لهم، وترك تعليمهم فرائض الدين وسننه، فأضاعوهم صغارا فلم ينتفعوا بأنفسهم، ولم ينفعوا آباءهم ” ولقد بيّن أن الذين فقدوا شرع الله هم شر حتى من البهائم، البهائم أهدى منهم سبيلا، هذا الإنسان الذى فقد الدين، فقد تعاليم الإسلام، فعاد قاسي القلب، غليظ الطبع، لا يبالي بأى إنسان كائنا من كان، لماذا؟ لأنه في حياته لا دين يركن إليه، ولا مبدأ يؤمن به بل هو مجرم بطبيعته، ظالم بنفسه، سيئ فقد الإيمان، فقد الدين، فكل شر وبلاء هو مصدره، وهو منطلق من ذلك لأن الإسلام هو الذي يلين القلوب.
ويجعلها تحترم الدماء والأموال والأعراض، لكن فاقد الدين لا قيمة للإنسان عنده، الدماء وسفكها قلت أو كثرت أمر عادى وطبيعى، لماذا؟ لأن هذه الفئة لا علاقة لها بالإسلام، إذا فالإجرام مهما تضاعف وتعاظم فليس غريبا أن يصدر منهم، فتسمعون دائما وتنقل الأخبار لنا أحداثا جساما، ودماء تراق، ودمارا كثيرا، وشيئا يهول الإنسان ويقض مضجعه من دماء تسفك بلا مبرر ولا سبب، لماذا؟ لأن هذه الأمة هي التي صنعت أسلحة الدمار، وأنشأتها بنفسها، فعاد شرها على مجتمعها، وعاد سلاحها على نحورها، صنعت أسلحة الدمار، وتنافست في صنع أسلحة الفتك بالبشرية، وتربي أجيالا على هذا الإجرام، تربى فئات على هذا الإجرام وعلى هذا الفساد، لا يهنأ لها عيش حتى ترى الفساد منتشرا فى الخلق، فكل فساد وظلم إنما مصدره عندما يُفقد الإيمان.
الإيمان الصحيح الذى بعث الله به محمدا صلى الله عليه وسلم هو الدين الذي أرسى دعائم العدل، وبسط الرحمة والخير، فالرحمة التي بُعث بها محمد صلى الله عليه وسلم هي الرحمة التي عاش الناس في ظلالها في عدل الإسلام وأمان الإسلام، الدماء والأموال والأعراض محترمة بكل الوجوه، لماذا؟ لأن دين الإسلام دين الرحمة، دين العدل، دين الخير، دين لأهله رقة في قلوبهم ومحبة الخير لأنفسهم وللبشرية أجمع، لكن هذا العدوان والظلم إنما مصدره من أمة ضائعة لا دين ولا شرع يحكمها، فهي ضالة مضلة، هذه أسلحة الدمار التي صنعها الأعداء وسخروها وتنافسوا في إبداعها، وتسابقوا أيهم الذى يصنع سلاحا مدمرا، وأيهم الذى ينشر الجريمة، وأيهم الذي يفتك بالبشرية، وأيهم المستطيع لأن يجعل البشر مجالا لتدريب الأسلحة، واختبارا لقوتها من ضعفها
وتأثيرها من عدمه، هكذا الأعداء، ولهذا فنبينا صلى الله عليه وسلم أخبرنا بأن هذا الأمر سيقع في آخر الزمان، عندما يرفع العلم، ويثبت الجهل، ويكثر الهرج أى القتل، وأخبرنا نبينا صلى الله عليه وسلم في آخر الزمان يقتل القاتل، لا يدرى فيما قتل، ولا يدرى المقتول لماذا قتل، لماذا؟ لأنها شرور عظيمة عامة، القاتل الذي ينفذ ما أمر به لا يدري لأي سبب فعل، والمقتول الذي ذهب لا يدرى لأى شيء ذهب إنما هي فتنة، وإنما هي مصائب، وإنما هي بلايا، إنما هي أحداث جسام، عندما يسمعها الإنسان ويتصورها يرى العجب العجاب، في دول تدعي الحضارة والرقى في نفسها، لكن الله حكيم عليم فيما يقضي ويقدّر، وإنما المسلم لا يرضى بذلك، ولا تقر عينه بذلك لأنه يعلم أن دين الإسلام يرفض كل الإجرام على اختلافه، وعلى وقوعه في أى البشرية كان.