الدكرورى يتكلم عن السنة النبوية الشريفة ” جزء 5″
بقلم / محمـــد الدكـــروري
السنة النبوية الشريفة ” جزء 5″
ونكمل الجزء الخامس مع السنة النبوية الشريفة، فعن أنس بن مالك رضي الله عنه قال بينما نحن في المسجد مع رسول الله صلى الله عليه وسلم إذ جاء أعرابي ، فقام يبول في المسجد، فقال أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم مه مه، قال، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم “لا تزرموه، دعوه” فتركوه حتى بال ثم إن رسول الله صلى الله عليه وسلم دعاه فقال له “إن هذه المساجد لا تصلح لشيء من هذا البول، ولا القذر، إنما هي لذكر الله، والصلاة، وقراءة القرآن” قال فأمر رجلا من القوم فجاء بدلو من ماء فشنه عليه” رواه مسلم، وكان صلي الله عليه وسلم فيه من الرقة والرحمة، فقيل أنه كان يري العجوز المسن فتدمع عيناه صلي الله عليه وسلم ويرى الشيخ الكبير، فيحترمه ويوقره ويقف معه, ويرى الطفل فيحمله ويضمه ويشمه ويقبله ويمازحه ويمسح رأسه صلي الله عليه وسلم.
فتوقفه امرأة عجوز في طريق من طرق المدينة في حرارة الشمس فيقف معها ساعة كاملة, يقف معها حتى تنتهي وهو إمام العالمين، وهو صلي الله عليه وسلم الإنسان الذي أتى إلى الأمة الضعيفة المسلوبة المنهوبة المظلومة, فرفع رأسها بين الرءوس, وبنى منبرها بين المنابر, بل أعلى منارتها على كل المنارات، فقد كانوا في ضلال ما بعده ضلال, أتى إليها صلي الله عليه وسلم إلى هذه الأمة وهي ترعى إبلها وبقرها وغنمها في الصحراء القاحلة, صحراء الجوع والظمأ واليأس, فأخرجها بلا إله إلا الله إلى الدنيا وأسمعها بلا إله إلا الله مشارق الدنيا، فقد أخرج النبي صلي الله عليه وسلم هذه الأمة بلا إله إلا الله من النهب والسلب والتشريد والفتك, إلى الإخاء والحب والوئام والصفاء، فكانت هذه الأمة تأكل الميتة, وتعاقر الخمر, وتعبد الصنم, وتطوف بالأوثان.
فجعلها صلي الله عليه وسلم بلا إله إلا الله أمة تخطب في الحرمين, والأزهر الشريف، وكان النبي الكريم صلى الله عليه وسلم يجيب دعوتهم دعوة الحر والعبد والغني والفقير ويعود المرضى في أقصى المدينة ويقبل عذر المعتذر، وكان صلى الله عليه وسلم سيد المتواضعين ، يتخلق ويتمثل بقوله تعالى كما جاء في سورة القصص ” تلك الدار الآخرة نجعلها للذين لا يريدون علوا في الأرض ولا فسادا والعاقبة للمتقين” فكان أبعد الناس عن الكبر، كيف لا وهو الذي يقول صلى الله عليه وسلم “لا تطروني كما أطرت النصارى ابن مريم، إنما أنا عبدٌ فقولوا عبد الله ورسوله” رواه البخاري، ولما لا وهو الذي كان يقول صلى الله عليه وسلم “آكل كما يأكل العبد وأجلس كما يجلس العبد” ولما لا وهو صلى الله عليه وسلم يقول “لو أهدي إليّ كراع لقبلت ولو دعيت عليه لأجبت” رواه الترمذي.
كيف لا وهو الذي كان صلى الله عليه وسلم يحذر من الكبر أيما تحذير فقال “لا يدخل في الجنة من كان في قلبه مثقال ذرة من كبر” رواه مسلم، ومن تواضعه صلى الله عليه وسلم أنه كان يجيب الدعوة ولو إلى خبز الشعير ويقبل الهدية، فعن انس رضي الله عنه قال كان صلى الله عليه وسلم يدعى إلى خبز الشعير والإهالة السنخة فيجيب” رواه الترمذي، ومعني الإهالة السنخة أي الدهن الجامد المتغير الريح من طوال المكث، وكان رسول الله صلي الله عليه وسلم يعيش الحياة, وأيام العمر في الأعمال والمهن, فتاجر النبي صلي الله عليه وسلم بالمال, وباع واشترى, ورعى الغنم ورعى الأمم, وحلب الشاة، وخصف النعل، ورقع الثوب, واغتنى فشكر, وافتقر فصبر, وحارب فكان هو الشجاع الذي يهابه الأبطال, وتنهزم أمامه الجيوش.
وكان صلي الله عليه وسلم الوفي الملتزم بالمعاهدات, فقد سافر وأقام, فسقم وشفي صلي الله عليه وسلم وبكى وضحك, ليكون لك قدوة في هذه المراحل جميعا، ذاك هو محمد رسول الله صلي الله عليه وسلم ربّى الأطفال وضاحكهم, ومازح الأهل وسامرهم, في الصلاة الفريضة، وقيل عنه صلي الله عليه وسلم أنه كان يأخذ أمامة بنت بنته زينب وهي طفلة, فيحملها في الصلاة ويصلي بالناس، وهو بالفريضة والطفلة على كتفه, فإذا سجد وضعها، وإذا قام رفعها, ويأتي وهو ساجد فيأتي الحسن فيرتقي على ظهره, والحسن عمره ثلاث سنوات أو أربع, فلا يرفع رأسه من السجود حتى ينزل الحسن, فلما سلم، صلي الله عليه وسلم يلتفت للناس ويقول صلي الله عليه وسلم “لعلي أطلت عليكم إن ابني هذا ارتحلني” أي صعد على ظهري، وخشيت أن أؤذيه فمكثت حتى نزل”