الدكرورى يتكلم عن السنة النبوية الشريفة ” جزء 2″
بقلم / محمـــد الدكـــروري
السنة النبوية الشريفة ” جزء 2″
ونكمل الجزء الثاني مع السنة النبوية الشريفة، وإنه لما بعد الزمان وطال بالناس العهد، وضعف الإيمان وكثر الخبث والنفاق وقلّ الورع ، تجرأ كثير من الناس على القول والكلام، فقال كل بهواه، وتكلم بما لا يرضاه الله ورسوله صلى الله عليه وسلم، وفي هذا الزمان زمان الفتن التي يرقق بعضها بعضا رأينا العجائب والعظائم، رأينا أمورا لا يسع أحد السكوت عنها بحال، فمن ذلك السخرية والاستهزاء بالسنة النبوية، ومعارضتها بالعقول والآراء، والرغبات والعادات، متناسين قول رسول الله صلى الله عليه وسلم” وإن العبد ليتكلم بالكلمة من سخط الله لا يلقي لها بالا يهوي بها في جهنم ” ولقد كانت هذه الأمة مرحومة في أول عهدها، جمعها الله على الهدى، وحماها من اتباع الهوى، ولم يكن جيل صحابة رسوله صلى الله عليه وسلم يعرفون غير محبته وطاعته وتوقيره.
واتباع النور الذي أنزل معه، يتعلمونه ويعملون به ويدعون إليه في كل شؤونهم دقيقها وجليلها، صغيرها وكبيرها، وكلما ابتعد الناس عن زمن الوحي ضعفت السنة في قلوبهم ونقص الإيمان في أفئدتهم، فخير القرن قرنه صلى الله عليه وسلم المائة سنة الأولى، ثم الذين يلونهم ثم الذين يلونهم، ولئن كان الصحابة رضي الله عنهم قد أنكروا محدثات ظهرت في وقتهم، وبكوا على سُنن ماتت في حياتهم، فما بالك بمن جاء بعدهم، وفي اتباعها الفوز بورود حوضه صلى الله عليه وسلم، يوم الحشر والظمأ والنصب لأن الحوض يردُه كل مؤمن من أمته لم يخالف السنة ولم يتدنس بالإحداث والبدعة فإنه يرد عليه الحوض رجال من أمته فيذبون عن الحوض كما يذب البعير الضال فيسأل النبي صلى الله عليه وسلم عن السبب فيقول ” فيما هذا ؟ فيقال إنك لا تدري ما أحدثوا بعدك، فأقول سحقا” رواه مسلم.
وقال صلى الله عليه وسلم لعبدالله بن عمرو ” اكتب فوالذي نفسي بيده ما خرج مني الا حق” أي اكتب كل ما تسمعه مني من الحديث، وإذا كانت السنة وحيا كالقرآن الكريم فيجب الإيمان بها والتصديق بأخبارها والعمل بأحكامها متى ثبتت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ولهذا أمر الله بتعلم السنة ومدارستها وتفهمها كالقرآن الكريم حتى يعمل الناس بها، ومتى ثبتت السنة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يجز لأحد أن يردها لأنها لم تذكر في القرآن أو لكونها تخالف العقل أو تخالف القياس أو تخالف رأي الإمام فلان بل الواجب الإيمان والتسليم والانقياد لها، ومن جاءته السنة بحكم أو خبر فرده لأنه لم يذكر في القرآن فإنه يدخل فيمن ذمهم رسول الله صلى الله عليه وسلم بقوله حين قال “يوشك الرجل متكئا على أريكته، يُحدّث بحديث من حديثي”
“فيقول بيننا وبينكم كتاب الله عز وجل، فما وجدنا فيه من حلال استحللناه، وما وجدنا فيه من حرام حرمناه، ألا وإن ما حرّم رسول الله صلى الله عليه وسلم مثل ما حرّم الله ” رواه ابن ماجه، وإن السنة لشرفها وصى النبي صلى الله عليه وسلم في آخر أيامه بالتمسك بها، والتشبث بعراها، فعن العرباض بن سارية رضي الله عنه قال أقبل علينا رسول الله صلى الله عليه وسلم ذات يوم بوجهه فوعظنا موعظة بليغة، ذرفت منها العيون، ووجلت منها القلوب فقال رجل يا رسول الله كأنها موعظة مودع فأوصنا فقال ” أوصيكم بتقوى الله، والسمع والطاعة وإن كان عبدا حبشيا، فإنه من يعش منكم فسيرى اختلافا كثيرا ، فعليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين تمسكوا بها، وعضوا عليها بالنواجذ، وإياكم ومحدثات الأمور فإن كل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة ”
فاحرصوا على سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم تعلموها واعملوا بها، استضيئوا بنورها في حوالك الشبهات، وتزينوا بها عند انتشار الشهوات، فهي زينة العمل الصالح وبهاؤه، وسناؤه وجماله ، والمتمسكون بها أكمل الناس عملا، وأقربهم صوابا، وتذكروا قول نبيكم صلى الله عليه وسلم ” تركت فيكم ما إن تمسكتم به لن تضلوا أبدا كتاب الله وسنتي” وكونوا دعاة إلى سنته، لتحضوا ببركة دعائه الذي قال فيه ” نضر الله امرأ سمع مقالتي فوعاها فأداها كما سمعها ” وهذا هو رسول الله محمد صلي الله عليه وسلم يعيش صلى الله عليه وسلم كريما معطاء باذلا منفقا, يسألونه كل شيء، فلا يقول لا، حتى ثوبه الذي على جنبه، فعن سهل بن سعد قال “أن امرأة أتت إليه صلي الله عليه وسلم أو رجلا، فسأله ثوبه فأعطاه” فكان صلي الله عليه وسلم لا يعرف لا, إلا في لا إله إلا الله محمد رسول الله.