الدكرورى يتكلم عن كان خلقه القرآن ” جزء 4″
بقلم / محمــــد الدكــــرورى
كان خلقه القرآن ” جزء 4″
ونكمل الجزء الرابع مع كان خلقه القرآن، ولهذا أكد الإسلام على إصلاح النفوس، وبين أن تغيير أحوال الناس من سعادة وشقاء، ويُسر وعُسر، ورخاء وضيق، وطمأنينة وقلق، وعز وذل، كل ذلك ونحوه تبع لتغير ما بأنفسهم من معان وصفات، فإنه صلي الله عليه وسلم صاحب المقام المحمود الذي يغبطه عليه الأولون والآخرون حتى الملائكة, المقام المحمود يوم يجمع الله الأولين والآخرين، والجن والإنس، والكبار والصغار، والأغنياء والفقراء، والملوك والمملوكين، غرلا بهما جردا حفاة, فينتظرون الله متى يفصل بينهم في القضاء، فيأتون إلى نبي الله آدم عليه السلام يقولون اشفع لنا إلى الله ليحكم بيننا في هذا اليوم وهو يوم الفصل ويوم القيامة ويوم الحساب ويوم الطامة فيقول نفسي نفسي، فلا يستطيع، الأمر أعظم من أن يشفع فيه.
فيأتون نبي الله الخليل إبراهيم عليه السلام فيقول نفسي نفسي ويعتذر نبي الله موسى عليه السلام ويعتذر نبي الله عيسى عليه السلام فيأتون الرسول الكريم محمد صلي الله عليه وسلم فيتخطى الصفوف، ويتقدم التاريخ، ويقف أمام الأجيال، وينحني تحت العرش ويقول صلي الله عليه وسلم أنا لها أنا لها ويسجد أمام رب العالمين, ويثني على الله، ويبكي ويسأل, ويدعو ويتضرع, فيقول الله عز وجل له ارفع رأسك, وسل تعط, واشفع تشفع، فيسأل الله أن يفصل بين الناس, فيفصل الله بين الناس” فيقول الله تعالي ” ومن الليل فتهجد به نافلة لك” أي زيادة في أجرك وأما ذنبك فمغفور, وعيبك مستور, وسعيك مبرور, حيث قال الله عز وجل ” ليغفر لك الله ما تقدم من ذنبك وما تأخر ويتم نعمته عليك ويهديك صراطا مستقيما وينصرك نصرا عزيزا”
فحقا هو نصرا سمعه التاريخ، وأذعنت له البشرية, أتظن أنه نصر على المدينة، أو مكة، أو الحجاز؟ لا إنه نصر دخل به إلى إشبيليا وقرطبة ونهر اللوار وسيبيريا والجنج والهند والسند حتي الصين، وكان صلى الله عليه وسلم خير الناس وخيرهم لأهله وخيرهم لأمته من طيب كلامه وحُسن معاشرة زوجته بالإكرام والاحترام ، حيث قال صلي الله عليه وسلم “خيركم خيركم لأهله وأنا خيركم لأهلي” رواه الترمذي، وكان من كريم أخلاقه صلى الله عليه وسلم في تعامله مع أهله وزوجه أنه كان يحسن إليهم ويرأف بهم ويتلطف إليهم ويتودد إليهم ، فكان يمازح أهله ويلاطفهم ويداعبهم، وكان من شأنه صلى الله عليه وسلم أن يرقق اسم السيدة عائشة رضي الله عنها كأن يقول لها “يا عائش” ويقول لها “يا حميراء” ويكرمها بأن يناديها باسم أبيها.
بأن يقول لها “يا ابنة الصديق” وما ذلك إلا توددا وتقربا وتلطفا إليها واحتراما وتقديرا لأهلها، وكان يعين أهله ويساعدهم في أمورهم ويكون في حاجتهم وكانت السيدة عائشة رضى الله عنها تغتسل معه صلى الله عليه وسلم من إناء واحد، فيقول لها “دعي لي” وتقول له دع لي” رواه مسلم، وكان من أخلاق النبي الكريم صلى الله عليه وسلم مع أهله أنه كان يُسرب إلى عائشة بنات الأنصار يلعبن معها وكان إذا هويت شيئا لا محذور فيه تابعها عليه، وكانت إذا شربت من الإناء أخذه، فوضع فمه في موضع فمها وشرب، وكان إذا تعرقت عرقا وهو العظم الذي عليه لحم أخذه فوضع فمه موضع فمها، وكان يتكئ في حجرها، ويقرأ القرآن ورأسه في حجرها، وربما كانت حائضا، وكان يقبلها وهو صائم، وكان من لطفه وحسن خُلقه مع أهله أنه يمكنها من اللعب.
فعن الأسود قال سألت السيدة عائشة رضى الله عنها ما كان النبي صلى الله عليه وسلم يصنع في بيته؟ قال كان يكون في مهنة أهله، فإذا حضرت الصلاة يتوضأ ويخرج إلى الصلاة” رواه مسلم والترمذي، وعن السيدة عائشة رضي الله عنها قالت كان يخيط ثوبه ويخصف نعله ويعمل ما يعمل الرجال في بيوتهم” رواه أحمد، وقال صلى الله عليه وسلم “إن من أعظم الأمور أجرا النفقة على الأهل” رواه مسلم، وعن السيدة عائشة رضي الله عنها قالت “خرجت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في بعض أسفاره، وأنا جارية لم أحمل اللحم ولم أبدن، فقال للناس اقدموا فتقدموا، ثم قال لي تعالي حتى أسابقك فسبقته، فسكت عني حتى إذا حملت اللحم وبدنت خرجت معه في بعض أسفاره، فقال للناس تقدموا فتقدموا، ثم قال لي تعالي أسابقك فسبقني، فجعل يضحك وهو يقول هذا بتلك” رواه أحمد.