أخبار سياسية - اقتصادية - فنية - رياضية - عربية - دولية

مقياس الرجولة عند البشر ” جزء 7″

الدكروري يكتب مقياس الرجولة عند البشر ” جزء 7″

بقلم / محمـــد الدكـــرورى

مقياس الرجولة عند البشر ” جزء 7″

ونكمل الجزء السابع مع مقياس الرجولة عن البشر، وإن من ثمرات الإيمان بالقضاء والقدر أنه يدفع الإنسان إلى العمل والإنتاج، والقوة والشهامة، فالمجاهد في سبيل الله يمضي في جهاده ولا يهاب الموت لأنه يعلم أن الموت لا بد منه، وأنه إذا جاء لا يؤخر، لا يمنع منه حصون ولا جنود، حيث قال تعالى في سورة النساء ” أينما تكونوا يدرككم الموت ولو كنتم في بروج مشيدة” وكما قال سبحانه وتعالي فى سورة آل عمران ” قل لو كنتم في بيوتكم لبرز الذين كتب عليهم القتل إلى مضاجعهم” وهكذا حينما يستشعر المجاهد هذه الدفعات القوية من الإيمان بالقدر، يمضي في جهاده حتى يتحقق النصر على الأعداء، وتتوفر القوة للإسلام والمسلمين، ولقد كان العرب يقولون في التعجب والاستحسان لله درّه ، أي يتعجبون من اللبن الذي رضع منه فأثر فيه هذه النجابة

ولأجل هذا فإن بعض الناس اليوم لما صاروا يرضعون من الحليب الصناعي الذي هو من ألبان البقر، صارت أخلاقهم تشبه أخلاق البهائم، ولا حول ولا قوة إلا بالله، ويقول آحد الصالحين إذا ضاقت في وجهي الدنيا قرأت صفحات من القرآن وما هي إلا أيام ويفتح الله لي من حيث لا أحتسب رزقا، وعلما، وفهما، وعندما نتأمل بداية سورة طه في قوله تعالى “طه ما أنزلنا عليك القرآن لتشقى” نعرف أن القرآن سبب للسعادة والبعد عن الشقاء ولو تأملنا نهاية نفس السورة عند قوله تعالى “ومن أعرض عن ذكري فإن له معيشة ضنكا” نعرف أن من أهم أسباب الضنك والضيق والكآبة هو البعد عن كتاب الله وذكره، ولقد حدّث الأعمش رحمه الله فقال خرجت أنا وإبراهيم النخعي ونحن نريد الجامع، فلما صرنا في خلال طرقات الكوفة قال لي يا سليمان، قلت لبيك.

قال هل لك أن تأخذ في خلال طرقات الكوفة كي لا نمر بسفهائها فينظرون إلى أعور وأعمش فيغتابونا ويأثمون؟ قلت يا أبا عمران، وما عليك في أن نؤجر ويأثَمون؟ قال يا سبحان الله، بل نسلم ويسلمون، خير من أن نؤجر ويأثمون، وعن سلمة بن الأكوع قال “بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم بظهره مع رباح غلام رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأنا معه، وخرجت معه بفرس طلحة أنديه مع الظهر، فلما أصبحنا إذا عبدالرحمن الفزاري قد أغار على ظهر رسول الله صلى الله عليه وسلم، فاستاقه أجمع، وقتل راعيه، قال فقلت يا رباح، خذ هذا الفرس فأبلغه طلحة بن عبيدالله، وأخبر رسول الله صلى الله عليه وسلم أن المشركين قد أغاروا على سرحه، قال ثم قمت على أكمة، فاستقبلت المدينة، فناديت ثلاثا يا صباحاه، ثم خرجت في آثار القوم أرميهم بالنبل وأرتجز.

أقول أنا ابن الأكوع، واليوم يوم الرضع، فألحق رجلا منهم فأصك سهما في رحله، حتى خلص نصل السهم إلى كتفه، قال قلت خذها وأنا ابن الأكوع واليوم يوم الرضع، قال فوالله ما زلت أرميهم وأعقر بهم، فإذا رجع إليّ فارس أتيت شجرة، فجلست في أصلها، ثم رميته فعقرت به، حتى إذا تضايق الجبل، فدخلوا في تضايقه، علوت الجبل فجعلت أرديهم بالحجارة، قال فما زلت كذلك أتبعهم حتى ما خلق الله من بعير من ظهر رسول الله صلى الله عليه وسلم إلا خلفته وراء ظهري، وخلوا بيني وبينه، ثم اتبعتهم أرميهم حتى ألقوا أكثر من ثلاثين بردة، وثلاثين رمحا، يستخفون، ولا يطرحون شيئا إلا جعلت عليه آراما من الحجارة يعرفها رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه، حتى أتوا متضايقا من ثنية، فإذا هم قد أتاهم فلان بن بدر الفزاري.

فجلسوا يتضحون يعني يتغدون وجلست على رأس قرن، قال الفزاري، ما هذا الذي أرى؟ قالوا لقينا من هذا البرح، والله ما فارقنا منذ غلس يرمينا حتى انتزع كل شيء في أيدينا، قال فليقم إليه نفر منكم أربعة، قال فصعد إليّ منهم أربعة في الجبل، قال فلما أمكنوني من الكلام، قال قلت هل تعرفوني؟ قالوا لا، ومَن أنت؟ قال قلت أنا سلمة بن الأكوع، والذي كرّم وجه محمد صلى الله عليه وسلم، لا أطلب رجلا منكم إلا أدركته، ولا يطلبني رجل منكم فيدركني، قال أحدهم أنا أظن، قال فرجعوا، فما برحت مكاني حتى رأيت فوارس رسول الله صلى الله عليه وسلم يتخللون الشجر، قال فإذا أولهم الأخرم الأسدي، على إثره أبو قتادة الأنصاري، وعلى إثره المقداد بن الأسود الكندي، قال فأخذت بعنان الأخرم، قال فولوا مدبرين، قلت يا أخرم، احذرهم لا يقتطعوك حتى يلحق رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه.