الدكروري يكتب مقياس الرجولة عند البشر ” جزء 3″
بقلم / محمـــد الدكـــرورى
مقياس الرجولة عند البشر ” جزء 3″
ونكمل الجزء الثالث مع مقياس الرجولة عن البشر، قال فتلقاهم النبي صلى الله عليه وسلم على فرس لأبي طلحة عُري، وهو متقلد سيفه، فقال “لم تراعوا، لم تراعوا” ثم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم “وجدته بحرا” ويعني الفرس” وفي هذا الحديث ما يدل على أن النبي صلى الله عليه وسلم كان قد جمع له من جودة ركوب الخيل، والشجاعة، والشهامة، والانتهاض الغائي في الحروب، والفروسية وأهوالها ما لم يكن عند أحد من الناس، ولذلك قال أصحابه عنه إنه كان أشجع الناس، وأجرأ الناس في حال الباس، ولذلك قالوا إن الشجاع منهم كان الذي يلوذ بجنابه إذا التحمت الحروب، وناهيك به؛ فإنه ما ولى قط منهزما، ولا تحدث أحد عنه قط بفرار، وعن عبدالله بن مسعود رضي الله عنه قال “إن النبي صلى الله عليه وسلم لما رأى من الناس إدبارا.
قال “اللهم سبع كسبع يوسف” فأخذتهم سنة حصت كل شيء، حتى أكلوا الجلود والميتة والجيفة، وينظر أحدهم إلى السماء، فيرى الدخان من الجوع، فأتاه أبو سفيان، فقال يا محمد، إنك تأمر بطاعة الله، وبصلة الرحم، وإن قومك قد هلكوا، فادع الله لهم” فالنبي صلى الله عليه وسلم رغم عداوة قريش وإيذائها للمؤمنين، لما جاءه أبو سفيان يطلب منه الاستسقاء لم يرفض لحُسن خلقه، وشهامته، ورغبته في هدايتهم، فإن الشهامة ومكارم الأخلاق مع الأعداء لها أثَر كبير في ذهاب العداوة، أو تخفيفها، ويتمتع البشر بالكثير من الصفات التي تعد حكرا عليه وحده وتميزه عن باقي الكائنات، حتى لو ظهرت هذه الصفات في بعض الكائنات الأخرى أحيانا فهي تظهر على أنها تجلي غريب لدى إحدى الكائنات وليس بشكل تام غالباً.
أي إنها تظهر بنسب معينه لا تضاهي تلك التي لدى البشر، ويمتاز الكائن البشري بجمعه لكل الصفات داخل منظومته الشعورية والعقلية، وفي بعض الأحيان يظهر أحدها على حساب الآخر فمثلا من الممكن أن نجد أن صفة الإيثار موجودة لدى فرد من البشر وفي فرد آخر تتجلى صفة الأنانية، وذلك يعود لعدة عوامل أهمها التربية والبيئة الاجتماعية، والصفات الشخصية التي يصقلها المرء في ذاته ويعمل على تنميتها، وعوامل بيئية واجتماعية لأن الإنسان عبر مر التاريخ في مجتمعاته دائما ما يكون هناك صفات سائدة يشتهر بها مجتمع ما على حساب صفات أخرى، فمثلا يشتهر المجتمع الألماني بعمليته ونشاطه والتزامه تجاه عمله ومجتمعه، بينما يشتهر الياباني بأخلاقه العالية التي عملت على بناء دولة عظيمة بعد كارثة لا يمكن توقع أن تقوم بعدها دولة.
ألا وهي الحرب التي تعرض فيها هذا البلد لظلم هائل أدى إلى دمارها تماما، فضلا عن الزلازل التي تحصل فيها والأعاصير والكوارث الطبيعية بشكل عام، بينما يمتاز العربي بصفات عدة كأي مجتمع آخر منها الإيجابية ومنها السلبية، ويستمد كل مجتمع صفاته من ظروف عيشه ومعتقداته وما يمر به من تجارب تجعله يصوغ قوانينه، ولقد كان النبي صلي الله عليه وسلم رحيما بالاطفال يعطف عليه ويرق لهم، حتي كان بالنسبة لهم كالوالد أو احن، يضمهم ويحن عليهم ويلاطفهم ويحنكهم بالتمر، كما فعل مع عبد الله بن الزبير رضي الله عنه عند ولادته، وفي يوم من الايام جاءه اعرابي فرآه يُقبّل الحسن بن علي رضي الله عنهما فتعجب الأعرابي وقال تقبلون صبيانكم ؟ فما نقبلهم، فقال له رسول الله صلي الله عليه وسلم “أو أملك أن نزع الله من قلبك الرحمة ؟”
وكان رسولنا الكريم صلي الله عليه وسلم اذا دخل في الصلاة وسمع بكاء الصبي، خفف الصلاة واسرع في ادائها، والدليل علي ذلك ما ورد عن أبي قتادة عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال “إني لأقوم في الصلاة أريد أن أطول فيها، فأسمع بكاء الصبي، فأتجوز في صلاتي كراهية أن أشق على أمّه” رواه البخاري ومسلم، ومن رحمة رسول الله صلي الله عليه وسلم بالنساء فانه من المعروف أن طبيعة النساء الضعف وعدم القدرة علي تحمل المشقات والصعاب، فكان صلي الله عليه وسلم يعتني بهن أعظم عناية، وكان يرفق بهن كثيرا وقد ظهر هذا الامر واضحا في سيرته صلي الله عليه وسلم، حيث حضّ رسول الله صلي الله عليه وسلم علي رعاية النساء والاحسان إليهن كما شدد في الوصية بحق الزوجة ورعايتها والاهتمام بكافة أمورها.