قصة وعبرة
كتب: محمد عبود
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله أما بعد،
كان سهيل بن عمرو في سفر هو وزوجته، وأثناء الطريق إعترضهم قُطّاع الطُرق، وأخذوا ما معهم من مال وطعام، وجلس اللصوص يأكلون ما حصلوا عليه .
فانتبه سهيل أن قائد اللصوص لايشاركهم الأكل !
فسأله : لم لا تأكل معهم ؟
فقال اللص : إني صائم !
فدُهش سهيل وقال له : تسرق و تصوم ؟!
فقال اللص :
( إني أترك باباً بيني وبين الله، لعلّي أن أدخل منه إلى الجنّة )
ثم ترك اللص سهيل بن عمرو وزوجته بعد أن أخذ أموالهم وقال لهم : إذهبوا .
وبعدها بعامين كان سهيل بن عمرو في الحج عند الكعبة، فالتقى بزعيم اللصوص الذي سرقه قبل سنتين وعرفه من وجهه، وكان هذا اللص قد تاب، وترك ما كان عليه، وأصبح عابداً لله، فضحك سهيل وقال :
( من ترك بينه وبين الله باباً دخل منه يوماً ما )
العبرة :
يعني لا تفهم من القصة أنه لا بأس من الجمع بين الصيام والسرقة .. لا
ولا تفهم من القصة أنه ما دمت تصلي فافعل ما شئت من المعاصي ..
ولا تفهم منها أن هناك حجٌّ إذا ذهبت إليه، سترجع من ذنوبك كما ولدتك أمك، فاعمل ما شئت من الذنوب !
( كلّا )
العبرة من القصة :
إذا لم تستطع أن تترك معصيةً ما، فزاحمها بالطاعة .
لإن إحدى أساليب الشيطان الخبيثة التي يدخل بها على الإنسان، أن يقنعه أنه لا جدوى من الطاعة ما دام هناك معاصي، يريد أن يقنعك أنك منافق إذ تفعل طاعة بعد معصية، ومعصية بعد طاعة !
أغلقوا هذا الباب بوجه الشيطان !
ما دمت تشعر بالسعادة بعد الطاعة، وبالحزن والإنكسار بعد المعصية، فأنت على خير .
إياك ثم إياك أن تترك طاعة تفعلها ولو كنت تفعل ألف معصية .
يعني مثال :
-الحجاب فريضة، ولكن هذا لا يعني أنكِ إذا لم تقدري عليه أن لا تصلي !!
صلّي وصومي وتصدّقي ثم اسألي الله الهداية، والله عزّ وجلّ سيأتي بقلبكِ يوماً ما ويهديكي .
– الصلاة فريضة، ولكن إذا قصّرت فيها، وضيّعت بعضها أو كلّها، هذا لا يعني أن تترك الصيام!!
إمشي إلى الله على أي حالٍ كنت فيه، حتى لو كنت أعرجاً، إمشي إلى طريق الله ولو حبواً ..
والله، خطوة واحدة إلى الله بالقلب، ويكون القلب صادق، سيهيئ الله سبحانه وتعالى لك بها خطوةً أخرى .
الله لا يغلق بابه في وجهك ولو بلغت ذنوبك عنان السماء، المهم ألا تُكابر ، وألا تتجبّر ..
ما دمت منكسراً وخجلاً من نفسك بسبب المعاصي، وتحب الخير، ولو لم تفعل الخير، وتكره الشر ولو فعلت الشر .. فأبشـر .. أنت على خير .
إعلموا أنه أحياناً يفتح الله لك باب طاعة، حتى تأتي من هذا الباب إلى الجنّة، فلا تغلق الباب وإن كنت مقصراً .
ما يدريك، ربما تمشي بسيارتك تُدمن على الإستغفار والتسبيح، فيغفر الله لك ويجعلك من الذاكرين ويفتح لك باباً إلى الجنّة .
ربما تقع في الذنوب والمعاصي، ولكن ربما تستيقظ في ليلةٍ ظلماء فيحنُّ قلبك وينكسر لله، فتتوضأ وتصلي ركعتين وتبكي وتنام، فيكتب الله عزّ وجلّ لك القبول إلى يوم تلقاه .
تمسّك بطاعتك مهما رأيتها في عينك صغيرة، وحاول أن تتغير وتستغفر وتتوب من ذنوبك مهما رأيت ذنوبك كبيرة .
فلا صغيرة مع الإصرار.. ولا كبيرة مع الإستغفار .
(إن هيأ الله لك طاعة، وفتح بينه وبينك باباً، فلا تُغلق هذا الباب بيديك، لعلَّ باباً واحداً يفتح لك أبواباً كثيرة )
إلي لقاء يتجدد أترككم في معية الله وعنايته.