الدكرورى يكتب عن نبي الله عيسي علية السلام ” جزء 4″
بقلم / محمــــد الدكــــرورى
نبي الله عيسي علية السلام ” جزء 4″
ونكمل الجزء الرابع مع نبي الله عيسي عليه السلام، وأما الروايات فتحتاج إلى تثبت ودليل وسند صحيح، وما أحسن قول الشاعر عندما قال، ألم تر أن الله أوحى لمريم، وهزي إليك الجذع يساقط الرطب، ولو شاء أدنى الجذع من غير هزه، إليها ولكن كل شيء له سبب، وأما قوله تعالى ” فكلى واشربى وقرى عينا ” أي فكلي من ذلك الرطب، واشربى من ذلك الماء، وطيبي نفسا ولا تحزني وقرّى عينا برؤية الولد النبي، فإن الله قدير على صون سمعتك، والإرشاد إلى حقيقة أمرك، وقد قال عمرو بن ميمون، ما من شيء خير للنفساء من التمر والرطب، ثم تلا هذه الآية الكريمة، وكانت من معجزات نبى الله عيسى عليه السلام بعد ولادته هو الكلام وكما ذكر في الآيات السابقة بأنه قد امر الله تعالى السيدة مريم عليها السلام أن تصوم عن الكلام وكان هذا في شرعهم طاعة وعبادة.
والا تكلم أحد من البشر، فقال الله تعالى لنا مصورا لنا هذا المشهد العظيم فى كتابه العزيز فى سورة مريم ” فأتت به قومها تحمله قالوا يا مريم لقد جئت شيئا فريا، يا أخت هارون ما كان أبوك امرأ سوء وما كانت أمك بغيا، فأشارت إليه قالوا كيف نكلم من كان فى المهد صبيا، قال إنى عبد الله آتانى الكتاب وجعلنى نبيا، وجعلنى مباركا أين ما كنت وأوصانى بالصلاة والزكاة ما دمت حيا، وبرا بوالدتى ولم يجعلنى جبارا شقيا، والسلام علي يوم ولدت ويوم أموت ويوم أبعث حيا ” وهكذا جاءت السيدة مريم عليها السلام به تحمله في المهد صبيا لم تمر عليه ليالي ولا أيام وهنا تصدى لها عداء الأنبياء من قومها ورموها في شرفها وعرضها فلم تنطق ببنت بأى كلام لهم وإنما أشارت إلى عيسى عليه السلام وهنا تأتي المعجزة المسكتة لتلك الألسن الكاذبة فحينئذ قال عيسى عليه السلام.
وهو في المهد صبي ” قال إنى عبد الله آتانى الكتاب وجعلنى نبيا” فخاطبهم بوصفه بالعبودية، وأنه ليس فيه صفة يستحق بها أن يكون إلها، أو ابنا للإله، تعالى الله عن قول النصارى المخالفين لعيسى في قوله ” إنى عبد الله ” وأما عن قوله آتانى الكتاب، أي قضى أن يؤتيني الكتب وجعلنى نبيا، فأخبرهم بأنه عبد الله، وأن الله علمه الكتاب، وجعله من جملة أنبيائه، فهذا من كماله لنفسه، ثم ذكر تكميله لغيره فقال وجعلنى مباركا أين ما كنت، أي في أي مكان، وأي زمان، فالبركة جعلها الله فيّ من تعليم الخير والدعوة إليه، والنهي عن الشر، والدعوة إلى الله في أقواله وأفعاله فكل من جالسه، أو اجتمع به، نالته بركته، وسعد به مصاحبه، وأما عن قوله ” وأوصانى بالصلاة والزكاة ما دمت حيا” أي أوصاني بالقيام بحقوقه، التي من أعظمها الصلاة، وحقوق عباده.
التي أجلها الزكاة، مدة حياتي، أي فأنا ممتثل لوصية ربي سبحانه وتعالى، عامل عليها، منفذ لها، ووصاني أيضا، أن أبر والدتي فأحسن إليها غاية الإحسان، وأقوم بما ينبغي له، لشرفها وفضلها، ولكونها والدة لها حق الولادة وتوابعها، ولم يجعلنى جبارا، أي متكبرا على الله، مترفعا على عباده، ومعنى ” شقيا ” في دنياي أو أخراي، فلم يجعلني كذلك بل جعلني مطيعا له خاضعا خاشعا متذللا متواضعا لعباد الله، سعيدا في الدنيا والآخرة، أنا ومن اتبعني، فلما تم له الكمال، ومحامد الخصال قال” والسلام علي يوم ولدت ويوم أموت ويوم أبعث حيا ” أي من فضل ربي وكرمه، حصلت لي السلامة يوم ولادتي، ويوم موتي، ويوم بعثي، من الشر والشيطان والعقوبة، وذلك يقتضي سلامته من الأهوال، ودار الفجار، وأنه من أهل دار السلام، فهذه معجزة عظيمة، وبرهان باهر.
على أنه رسول الله، وعبد الله حقا، وعن أبي هريرة رضي الله عنه، عن النبي الكريم محمد صلى الله عليه وسلم، قال ” لم يتكلم في المهد إلا ثلاثة، عيسى ابن مريم، وصاحب جريج ” وأما الكلام أو الحديث عن معجزات نبي الله عيسى عليه السلام مع قومه فكثيرة نذكر منها ما ذكره الله تعالى في كتابه الكريم، فى سورة آل عمران فقال الله تعالى حوار عيسى عليه السلام مع قومه مصورا لنا هذا المشهد ” ورسولا إلى بنى إسرائيل أنى جئتكم بآية من ربكم أنى أخلق لكم من الطين كهيئة الطير فأنفخ فيه فيكون طيرا بإذن الله وأبرئ الأكمه وأحيى الموتى بإذن الله وأنبئكم بما تأكلون وما تدخرون فى بيوتكم إن فى ذلك لآية لكم إن كنتم مؤمنين ” فقد اشتملت الآيات على معجزات باهرات وبراهين قاطعات، فكانت المعجزة الأولى هو أنه عليه السلام يخلق من الطين كهيئة الطير كصورة الطير فينفخ فيها فيتحول إلى طائر يطير.