أخبار سياسية - اقتصادية - فنية - رياضية - عربية - دولية

نبي الله عيسي علية السلام ” جزء 3″

الدكرورى يكتب عن نبي الله عيسي علية السلام ” جزء 3″

بقلم / محمــــد الدكــــرورى

نبي الله عيسي علية السلام ” جزء 3″

ونكمل الجزء الثالث مع نبي الله عيسي عليه السلام، فإعلموا أن من موجبات الجنة هو الإيمان بأن عيسى عبد الله ورسوله وكلمته ألقاها إلى مريم وروح منه فعن عُبادة بن الصامت رضى الله عنه قال، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ” من شهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأن محمد عبده ورسوله، وأن عيسى عبد الله وكلمته إلقاها إلى مريم وروح منه والجنة والنار حق، أدخله الله الجنة على ما كان من العمل” رواه البخارى، ونبى الله عيسى عليه السلام أنه لا يشبهه في الخلق إلا أبونا آدم عليه السلام، حيث أن الله عز وجل خلق آدم من تراب وخلق عيسى عليه السلام من غير أب يقول الله تعالى فى كتابه الكريم فى سورة آل عمران ” إن مثل عيسى عند الله كمثل آدم خلقه من تراب ثم قال له كن فيكون ” ولكن كان بعد ذلك أن بين الله سبحانه وتعالى.

خلق عيسى ومجيئه بالآيات وما كان من أمر قومه في الإيمان والكفر به، كشف شبهة المفتونين بخلقه على غير السنة المعتادة والمحاجين فيه بغير علم، ورد على المنكرين لذلك فقال تعالى ” إن مثل عيسى عند الله كمثل آدم” أي إن شبه عيسى وصفته في خلق الله إياه على غير مثال سبق كشأن آدم في ذلك، ثم فسر هذا المثل بقوله تعالى ” خلقه من تراب” أي قدر أوضاعه وكون جسمه من تراب ميت أصابه الماء فكان طينا لازبا ذا لزوجة ثم قال له كن فيكون أي ثم كونه تكوينا آخر بنفخ الروح فيه، ولقد كان نبى الله عيسى عليه السلام هو معجزه عند ولادته، فإن أصعب ما تمر به المرأة عندما يأتيها المخاض فتكون المرأة في ضعف ووهن شديد فكيف إذا انضم إلى ذلك الرمي بالفاحشة والوحدة فليس معها أم ولا أخت ولا سند، فكان هذا هو حال السيدة مريم عليها السلام.

وعندها تداركتها العناية الربانية بالمنح والمعجزات التي تشد العضد وتزيل الهم ولقد قال الله تعالى في شأن السيدة البتول مريم عليها السلام وهو يصف لنا حالها فى كتابه الكريم فى سورة مريم ” فأجاءها المخاض إلى جذع النخلة قالت يا ليتنى مت قبل هذا وكنت نسيا منسيا، فنادها من تحتها ألا تحزنى قد جعل ربك تحتك سريا وهزى إليك بجزع النخلة تساقط عليكى رطبا جنيا، فكلى واشربى وقرى عينا فإما ترين من البشر أحد فقولى إنى نذرت للرحمن صوما فلن أكلم اليوم أنسيا” وهنا يصور الله عز وجل لنا حالة السيدة مريم عليها السلام عندما جاءها المخاض، أي فاضطرها وألجأها وجع الولادة وألم الطلق إلى الاستناد إلى جذع النخلة والتعلق به، لتسهيل الولادة، فتمنت الموت قبل ذلك الحال، استحياء من الناس، وخوفا أن يظن بها السوء في دين الله

أو أن تكون شيئا لا يبالي به، ولا يعتد به أحد من الناس كالوتد والحبل، أو لم تخلق ولم تك شيئا، وقال ابن كثير، أنه فيه دليل على جواز تمني الموت عند الفتنة، فإنها عرفت أنها ستبتلى وتمتحن بهذا المولود الذي لا يحمل الناس أمرها فيه على السداد، ولا يصدقونها في خبرها، وبعد ما كانت عندهم عابدة ناسكة، تصبح عندهم فيما يظنون عاهرة زانية، فهنا كان النداء ” فنادها من تحتها ألا تحزنى قد جعل ربك تحتك سريا” أي فناداها جبريل من تحت الأكمة أو من تحت النخلة، وقيل المنادي هو عيسى عليه السلام، وقد أنطقه الله بعد وضعه تطييبا لقلبها وإيناسا لها، قائلا، لا تحزني، فقد جعل ربك تحتك جدولا أو نهرا صغيرا، أجراه الله لها لتشرب منه، وقيل المراد بالسري هنا عيسى عليه السلام، والسري هو السيد العظيم الخصال من الرجال.

فقد قال ابن عباس رضى الله عنهما، أن المراد بمن تحتها هو جبريل، ولم يتكلم عيسى حتى أتت به قومها، فكان في هذا لها آية وأمارة أن هذا من الأمور الخارقة للعادة التي لله تعالى فيها مراد عظيم، وهذا هو الأصح، وأما قوله تعالى ” وهزى إليك بجزع النخلة تساقط عليكى رطبا جنيا ” أي حركي جذع النخلة، تسقط عليك رطبا طريا طيبا، صالحا للاجتناء والأكل من غير حاجة إلى تخمير وصناعة، وهذه آية أخرى، وقيل أنه كان جذع نخلة يابسة في الصحراء، ليس لها رأس ولا ثمر ولا خضرة، وكان الوقت شتاء، وقيل أنها كانت النخلة مثمرة، والمهم في الأمر هو وجوب اتخاذ الأسباب لتحصيل الرزق، والاعتقاد بأن الفاعل الحقيقي في تيسير الرزق هو الله سبحانه وتعالى، وأنه على كل شيء قدير، وأما التفاصيل فلا يجب علينا أن نعتقد إلا بما أخبر به القرآن الكريم صراحة.