الدكرورى يكتب عن خلافة الدوله الأموية ” جزء 5″
بقلم / محمـــد الدكـــرورى
خلافة الدوله الأموية ” جزء 5″
ونكمل الجزء الخامس مع خلافة الدوله الأموية، وإذ هما في منتصف النهر، أغرتهما الشرطة أن يرجعا ولهما الأمان، فرجع أخوه خشية الغرق، وغرر به وقتله العباسيون، وكان عمر أخيه ثلاث عشرة سنة، بينما نجح عبد الرحمن بالوصول إلى الضفة الأخرى، ثم ألحقت به أخته أم الأصبغ مولاه بدر ومولاها سالما بمال وشيء من الجواهر، فتوجه عبد الرحمن بالموليين صوب إفريقية، فاستغل عبد الرحمن بن حبيب الفهري والي إفريقية سقوط الدولة الأموية ليستقل بحكم إفريقية، وينحدر عبد الرحمن من نسل عقبة بن نافع الفهري القائد الذي ولي إفريقية للأمويين، وساهم في الفتح الإسلامي للمغرب، وأسس مدينة القيروان، فهو عبد الرحمن بن حبيب بن أبي عبيدة بن عقبة بن نافع الفهري.
وقد شارك عبد الرحمن مع أبيه حبيب بن أبي عبيدة الفهري سنة مائة واثنين وعشرين من الهجرة في حملة للمسلمين على صقلية، التي عبرت البحر وحاصرت عاصمتها سرقوسة حتى استسلمت على أن تؤدي الجزية، بعد اندلاع ثورة البربر في المغرب، اضطر المسلمون إلى وقف تلك الحملة والعودة إلى إفريقية للمساعدة في إخماد تلك الثورة انضم عبد الرحمن وأبيه إلى حملة كلثوم بن عياض القشيري التي بعثها الخليفة هشام بن عبد الملك لإخضاع ثورة البربر في المغرب، لكنهم انهزموا أمام البربر في معركة بقدورة بالقرب من نهر سبو سنة مائة وثلاثة وعشرين للهجرة، التي قتل فيها كلثوم بن عياض ووالد عبد الرحمن حبيب بن أبي عبيدة.
ونجا عبد الرحمن مع فلول جيش المسلمين الذين قادهم بلج بن بشر القشيري إلى سبتة حيث هربوا عبر المضيق إلى الأندلس، بعد أن أذن لهم عبد الملك بن قطن الفهري والي الأندلس بالعبور إلى الأندلس، ولكن بعد العبور، دبّ الخلاف بين بلج وعبد الملك، وانتهى الصراع بينهما إلى مقتل عبد الملك، وولاية بلج على الأندلس، فثار أهل البلاد من عرب الأندلس رافضين حكم بلج، وقاتلوه قرب سرقسطة ولكنهم انهزموا أمام بلج وجند الشام هزيمة ساحقة في معركة أقوة برطورة، وجرح فيها بلج جروحا أودت بحياته، فخلفه ثعلبة بن سلامة العاملي قائد جند الأردن، وحاول عبد الرحمن أن يقدّم نفسه لحكم الأندلس، إلا أنه لم يجد من يسانده.
فعاد إلى إفريقية سنة مائة وستة وعشرين للهجرة، فولاه حنظلة بن صفوان الكلبي حامية تونس، وخشي الفهري ظهور الأمويين الفارّين من المشرق على ولايته، فتتبعهم بالقتل، فقتل منهم ابنين للوليد بن يزيد، لذا، ظل عبد الرحمن يتنقل من مكان إلى مكان مدة خمس سنين، بدءا من نزوله على أخواله بني نفزة، وهم من بربر طرابلس، ثم نزل على مكناسة وقيل مغيلة، حيث آواه أبو قرّة وانسوس المغيلي، لحمايته من متعقبيه ثم منها إلى قوم من زناتة منازلهم قرب البحر في سبتة ومكناسة هي قبيلة أمازيغية مستوطنة في المغرب تازة وغرب الجزائر، وأصل المكانسة من إقليم طرابلس وجنوبي تونس، ولكنهم نزحوا في وقت ما قبل الإسلام إلى الغرب.
واستقروا في الجزائر الحالية وهى المغرب الأوسط، ووسط المغرب الحالي المغرب الأقصى، و ما يشهد لوجودهم، لعديد من الأمور منها، اسم مدينة مكناس، وبعد فتح المسلمين لبلاد المغرب، اعتنق المكانسة الإسلام، وشاركت مجموعة من أعضاء هذه القبيلة تحت قيادة طارق بن زياد في فتح بلاد قوط غربيون بمعركة سهل البرباط، استوطنوا شمال قرطبة في الأندلس ، وأسسوا في القرن الحادى عشر سلالة بنو الأفطس في بطليوس، وهناك مجموعة أخرى من المكانسة شاركت في انتفاضة ميسرة، واعتنقوا إسلام الخوارج و أقاموا على الحافة الشمالية للصحراء إمارة سجلماسة، كما اكسب هذا تتويجا للمنطقة الغربية في تجارتها عبر الصحراء مع السودان و أدى إلى الازدهار الاقتصادي الكبير.