الدكرورى يكتب عن خلافة الدوله الأموية ” جزء 4″
بقلم / محمـــد الدكـــرورى
خلافة الدوله الأموية ” جزء 4″
ونكمل الجزء الرابع مع خلافة الدوله الأموية، وتأسست هذه الدولة نتيجة سقوط الدولة الأموية في المشرق على يد بني العباس، الذين أخذوا بعد قيام دولتهم بمُلاحقة بني أمية وقتلهم، ولذلك فقد فر الكثير منهم بعيدا محاولين النجاة بأنفسهم، وقد كان من بين هؤلاء عبد الرحمن الداخل، الذي فر إلى الأندلس، وأعلن استقلاله بها وقد تمكن الأمويون من البقاء بهذه الطريقة، فأسسوا دولتهم الجديدة في الأندلس، وظلوا يحكمونوها زهاء ثلاثة قرون، هو عبد الرحمن بن معاوية بن هشام بن عبد الملك بن مروان بن الحكم بن أبي العاص بن أمية بن عبد شمس بن عبد مناف بن قصي بن كلاب، وكانت كنيته أبو المطرف وقيل أبا زيد وقيل أبا سليمان.
وكانت أمه سبية بربرية من قبيلة نفزة اسمها راح أو رداح، ولد سنة مائة وثلاثة عشر للهجرة، في خلافة جده هشام بن عبد الملك، في بلاد الشام عند قرية تعرف بدير حنا، ودير حنا هي مجلس محلي تقع في منطقة الجليل وإداريا في المنطقة الشمالية شمال فلسطين، وتقع على تلال الجليل السفلي، وقيل ولد بالعليا من أعمال تدمر، وقد توفي أبوه شابا عام مائة وثمانى عشر للهجرة في خلافة أبيه هشام بن عبد الملك، فنشأ عبد الرحمن في بيت الخلافة الأموي بدمشق حيث كفله وإخوته جده هشام، وكان جده يؤثره على بقية إخوته ويتعهده بالصلات والعطايا في كل شهر حتى وفاته، ويروى أن عم أبيه الفارس مسلمة بن عبد الملك والذي كان له باع طويل في علم الحدثان.
قد وصلته نبوءة تقول بأن عدوا سيأتي من الشرق ويقضي على الحكم الأموي، إلا أن فتى أمويا سوف يتمكن من إقامته من جديد في بلاد الأندلس وعندما نظر مسلمة إلى عبد الرحمن لأول مرة في رصافة هشام بعد وفاة أبيه رأى في وجهه العلامات التي تدل على أنه الأموي المقصود، ومسلمة بن عبد الملك بن مروان بن الحكم بن أبي العاص بن أمية الأموي القرشي هو أمير أموي، وقائد عسكري، ووالي، وسياسي ورجل دولة، برز ما بين عام ستة وثمانين حتى عام مائة وواحد وعشرون، بخوضه الكثير من المعارك والغزوات والحملات العسكرية على كل من الإمبراطورية الرومية البيزنطية وإمبراطورية الخزر والخوارج والجراجمة.
وكانت معظم حروبه وأغلبها على الدولة الرومية البيزنطية، وخلال فترات متفرقة من حياته تولى العديد من المناطق والمدن، مثل مكة، وحلب، والعراق، وخراسان، وتولى إمارة أرمينية وأذربيجان وهى منطقة جنوب القوقاز ثلاث مرات بأوقات مختلفة، وعندما أقام العباسيون دولتهم على أنقاض الدولة الأموية، هدفوا إلى تعقب الأمويين والقضاء عليهم خشية أن يحاولوا استرداد ملكهم، فقتلوا بعضهم مما جعل الباقين منهم يستترون، حينئذ، أظهر العباسيون الندم على ما كان منهم، وأشاعوا أنهم أمّنوا من بقي من الأمويين حتى اجتمع منهم بضع وسبعون رجلا منهم أخ لعبد الرحمن يدعى يحيى، فأفنوهم، وحين بلغ عبد الرحمن بن معاوية ذلك.
هرب من منزله بدير حنا من أعمال قنسرين، وأوصى بأن يتبع بولده سليمان وأختيه أم الأصبغ وأمة الرحمن، حتى بلغ قرية على الفرات، اختبأ بها وذات يوم، اشتكى فيه عبد الرحمن الرمد، فلزم ظلمة داره، وإذا بابنه سليمان وهو ابن أربع سنين يدخل عليه فزعا باكيا، فتوجس عبد الرحمن وإذا برايات العباسيين في القرية، ودخل عليه أخ له صغير يخبره الخبر، فعمد عبد الرحمن إلى دنانير تناولها، ثم أعلم أختيه بمتوجهه، وفر هو وأخوه، بعدئذ، وشى به عبد من عبيده، تعقبته فرسان العباسيين، فلم يجدا أمامهما مهربا إلا عبور النهر، وإذ هما في منتصف النهر، أغرتهما الشرطة أن يرجعا ولهما الأمان، فرجع أخوه خشية الغرق، وغرر به وقتله العباسيون.