الدكرورى يكتب عن خلافة الدوله الأموية ” جزء 3″
بقلم / محمـــد الدكـــرورى
خلافة الدوله الأموية ” جزء 3″
ونكمل الجزء الثالث مع خلافة الدوله الأموية، وقد بلغت الدولة الأموية أوج قوتها وعظمتها وإتساعها في عهد الخليفة العاشر هشام بن عبد الملك إذ امتدت من الصين والهند شرقاً حتى بلاد الغال غربا وهى فرنسا حاليا، ومن بلاد القوقاز والأناضول، وهى جورجيا وتركيا حاليا، وسواحل إيطاليا شمالا حتى أرض الحبشة وهى إثيوبيا حاليا، وغابات إفريقيا جنوبا، وكما أنشأ ديوان الخاتم ونظام البريد، وكان بعد وفاة يزيد اضطربت الأمور، فطالب ابن الزبير بالخلافة، ثم تمكن عبد الملك بن مروان بن الحكم من هزمه وقتله في مكة سنة ثلاثه وسبعين من الهجره، فاستقرت الدولة مجددا، وقد جرت أكبر الفتوحات الأموية في عهد الوليد بن عبد الملك.
فاستكمل فتح المغرب، وفتحت الأندلس بكاملها، وفتحت السند بقيادة محمد بن القاسم الثقفي وبلاد ما وراء النهر بقيادة قتيبة بن مسلم الباهلي، خلفه سليمان بن عبد الملك الذي توفي مرابطا في مرج دابق لإدارة حصار القسطنطينية، والفسطنطينيه هى عاصمة الإمبراطورية الرومانية وهى أيضا كانت عاصمة الدولة البيزنطية حين فُتحت على يد العثمانيين بعد محاولات عدة، فدخل محمد الفاتح القسطنطينية، وأطلق عليها إسلامبول أو الآستانة، وبدخوله أصبحت المدينة عاصمة السلطنة العثمانية، ثم الخليفة الزاهد عمر بن عبد العزيز، الذي يعد من أفضل الخلفاء الأمويين سيرة، وخلفه بعده ابن عمه يزيد، ثم هشام، الذي فتح في عهده جنوب فرنسا.
وكان عهده طويلا وكثير الاستقرار، وبعد موته دخلت الدولة في حالة من الاضطراب الشديد، حتى سيطر مروان بن محمد على الخلافة، فأخذ يتنقل بين الأقاليم ويقمع الثورات والاضطرابات، ثم التقى مع العباسيين في معركة الزاب فهُزم وقتل، وكانت نهاية الدولة الأموية، وكان بعد سقوط الدولة الأموية وقيام الدولة العباسية على أنقاضها، قد فرَّ عبد الرحمن بن معاوية الداخل إلى الأندلس وأسس الدولة الأموية فيها من جديد وحكم بصفته كأمير، وظل على ذلك هو وأبناءه وأحفاده، حتى عهد حفيده عبد الرحمن بن محمد الذي أعلن نفسه خليفة في قرطبة ولقب نفسه بالناصر لدين الله في غرة ذي الحجة من عام ثلاث مائه وستة عشر من الهجره.
وبقي على ذلك حتى وفاته، ثم خلفه أبناءه وحكموا بنفس النظام حتى سقوط الدولة نهائيا في عام ربعمائه واثنين وعشرين من الهجره، وكان آخر خلفاءها هشام المعتد بالله، وكان عبد الرحمن الداخل هو أبو المطرف عبد الرحمن بن معاوية بن هشام بن عبد الملك الأموي القرشي، وهو المعروف بلقب صقر قريش وعبد الرحمن الداخل، والمعروف أيضا في المصادر الأجنبية بلقب عبد الرحمن الأول، وقد أسس عبد الرحمن الدولة الأموية في الأندلس عام مائة وثمانى وثلاثون من الهجرة، بعد أن فر من الشام إلى الأندلس في رحلة طويلة استمرت ست سنوات، إثر سقوط الدولة الأموية في دمشق عام مائة واثنين وثلاثون من الهجرة.
وتتبع العباسيين لأمراء بني أمية وتقتيلهم، فدخل الأندلس وهي تتأجج بالنزاعات القبلية والتمردات على الولاة حيث قضى عبد الرحمن في فترة حكمه، التي استمرت ثلاثة وثلاثون عاما، في إخماد الثورات المتكررة على حكمه في شتى أرجاء الأندلس، تاركا لخلفائه إمارة استمرت لنحو ثلاثة قرون، والدولة الأموية في الأندلس هى إمارة إسلامية أسسها عبد الرحمن بن معاوية الأموي، في الأندلس وأجزاء من شمال أفريقيا وكانت عاصمتها قرطبة، وتحولت إلى خلافة بإعلان عبد الرحمن الناصر لدين الله نفسه خليفة قرطبة بدلا من لقبه السابق أمير قرطبة، وهو اللقب الذي حمله الأمراء الأمويون منذ أن استقل عبد الرحمن الداخل بالأندلس.