الدكروري يكتب عن الموت وفتنة القبر ” جزء 2″
بقلم / محمـــد الدكـــرورى
الموت وفتنة القبر ” جزء 2″
ونكمل الجزء الثاني مع الموت وفتنة القبر، فيؤتى عن يساره فيقول الصيام ما قِبلي مدخل، فيؤتى من رجليه فيقول فعل الخيرات ما قبلي مدخل، فيقال له اجلس، فيجلس، قد مثلت له الشمس قد دنت للغروب، فيقال أخبرنا عما نسألك، فيقول دعني حتى أصلي، فيقال له إنك ستفعل، فأخبرنا عما نسألك، فيقول وعم تسألونني؟ فيقال أرأيت هذا الرجل الذي كان فيكم، ماذا تقول فيه، وما تشهد عليه؟ فيقول أمحمد؟ فيقال له نعم، فيقول أشهد أنه رسول الله صلى الله عليه وسلم وأنه جاءنا بالبينات من عند الله فصدقناه، فيقال له على ذلك حييت، وعلى ذلك متّ، وعليه تبعث إن شاء الله تعالى، ثم يُفسح له في قبره سبعون ذراعا، ويُنور له، ويُفتح له باب إلى الجنة، فيقال له انظر إلى ما أعد الله لك فيها.
فيزداد غبطة وسرورا، ثم تجعل نسمته في النسم الطيب، وهي طير خضر يعلق بشجر الجنة، ويُعاد الجسد إلى ما بدأ من التراب، وعند البخاري ومسلم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال ” المسلم إذا سُئل في القبر، شهد أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله، فذلك قوله” يثبت الله الذين آمنوا بالقول الثابت فى الحياة الدنيا وفى الآخرة ويضل الله الظالمين ويفعل الله ما يشاء” وقال قتادة رحمه الله أما الحياة الدنيا فيثبتهم بالخير والعمل الصالح، وفي الآخرة في القبر ويا طيب كرامة المؤمن في قبره حين ينادي منادي من السماء “أن صدق عبدي” ويا طيب مثواه حين يقول الملكان له “على اليقين كنت، وعليه متّ، وعليه تبعث إن شاء الله” وأخرج الترمذي وابن حبان بسند حسن عن أبي هريرة رضي الله عنه قال
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ” إذا قبر الميت أو قال أحدكم أتاه ملكان أسودان أزرقان، يقال لأحدهما المنكر، والآخر النكير، فيقولان ما كنت تقول في هذا الرجل؟ فيقول ما كان يقول هو عبد الله ورسوله، أشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدا عبده ورسوله، فيقولان قد كنا نعلم أنك تقول هذا، ثم يُفسح له في قبره سبعون ذراعا في سبعين، ثم يُنوّر له فيه، ثم يقال له نم، فيقول أرجع إلى أهلي فأخبرهم، فيقولان نم كنومة العروس الذي لا يوقظه إلا أحب أهله إليه، حتى يبعثه الله من مضجعه ذلك، وإن كان منافقا قال سمعت الناس يقولون، فقلت مثله، لا أدري، فيقولان قد كنا نعلم أنك تقول ذلك، فيقال للأرض التئمي عليه، فتلتئم عليه، فتختلف أضلاعه، فلا يزال فيها مُعذبا حتى يبعثه الله من مضجعه ذلك”
وإن الناس عند الموت على حالين إما محب للقاء الله عز وجل فيحب الله لقائه، وإما كاره للقاء الله فيكره الله لقائه، فقالت السيدة عائشة رضى الله عنها يا رسول الله كلنا يكره الموت قال” لا يا عائشة ليس ذاك لكن هو العبد الصالح، العبد المستقيم، عند سكرات الموت تأتيه ملائكة الرحمن تبشره بروح وريحان ورب راضي غير غضبان فيفرح بلقاء الله فيفرح الله بلقائه، أما العبد العاصي وهو العبد الغافل، فتأتيه ملائكة الرحمن تبشره بسخط وعذاب من الله فيكره لقاء الله فيكره الله لقائه” فاستعدوا للموت قبل أن يفاجئكم، فقد قال أبو الدرداء رضي الله عنه وهو يحتضر”ألا رجل يعمل لمثل مصرعي هذا ألا رجل يعمل لمثل ساعتي هذه؟ ألا رجل يعمل لمثل يومي هذا؟ ثم بكى فقالت له امرأته.
أتبكي وقد صاحبت رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال ومالي لا أبكي ولا أدري علام أهجم من ذنوبي” وبكى أبو هريرة رضي الله عنه في مرضه فقيل له ما يبكيك فقال “أما إني لا أبكي على دنياكم هذه ولكني أبكي على بعد سفري وقلة زادي وإني أصبحت في صعود مهبط على جنة أو نار ولا أدري أيهما يأخذ بي” فتخيل نفسك وأنت على فراش الموت تعاني مرارة الموت، وتخيل ممشاك إلى القبر، وتخيل مبيتك فيه وحيدا فريدا في حفرة ضيقة مظلمة مغلقة محكمة، تخيل أول ليلة تبيتها وأول نزلة تنزلها وأول سؤال تسمعه في القبرمن ربك ما دينك ماذا تقول في الرجل الذي بعث فيكم، تخيل ذلك وتخيل حالك كيف سيكون حينها.