أخبار سياسية - اقتصادية - فنية - رياضية - عربية - دولية

الموت وفتنة القبر ” جزء 1″

الدكروري يكتب عن الموت وفتنة القبر ” جزء 1″

بقلم / محمـــد الدكـــرورى

الموت وفتنة القبر ” جزء 1″

إن الحياة الطيبة هي مطلب عظيم وغاية نبيلة، وهي مطلب كل الناس وغاية لجميعهم، وعنها يبحثون، وخلفها يركضون، وفي سبيلها يضحون ويبذلون، فما من إنسان في هذه الحياة إلا وتراه يسعى ويكدح ويضني نفسه ويجهدها، كل ذلك بحثا عن الحياة الطيبة، وطمعا في الحصول عليها والناس جميعا على ذلك متفقون، ولكنهم يختلفون في معنى هذه الحياة وفي نوع هذه الحياة الطيبة، وتبعا لذلك فإنهم يختلفون في الوسائل والسبل التي توصلهم إلى هذه الحياة إن وصلوا إليها، مختلفون على كافة مستوياتهم كانوا، أمما أو شعوبا، أو مجتمعات صغيرة أو كبيرة بل حتى الأسرة الواحدة تجد فيها ألوانا شتى فتجد الأب، فتجد أن للحياة الكريمة والحياة الطيبة عند الأب في كثير من الأحيان.

معنى يختلف عن الحياة الطيبة عند ولده، وتجد أن للحياة الطيبة معنى عند الأخ يختلف عن معناها عند أخيه، وقد تجد أن للحياة الطيبة معنى عند الزوجة يختلف عن معنى الحياة الطيبة عند زوجها، وكم قامت من أجل ذلك خصومات ومشاكل، وللناس في كل زمان أفهام حول هذه الحياة الطيبة، وهم تبعا لذلك أصناف فمنهم من يرى الحياة الطيبة في كثرة المال وسعة الرزق، وأنه إذا توفرت له هذه الأمور فإنه في حياة طيبة وحياة كريمة، فهو يسعى في ذلك ويجهد نفسه، ويسلك كل الوسائل التي يرى أنها تمكنه من الحصول على مطلبه بل بعض الناس يجعل من هذه الغاية مبررا لكل وسيلة، فيتخذ كل ما خطر بباله ويرى أنه يوصله لهذه الغاية، ولو كان مما حرم الله تبارك وتعالى.

وقيل أن طاووس بن كيسان رحمه الله تعالى، أحد التابعين أو تابعي التابعين مر على رجل في وقت السّحر فضرب عليه الباب فقال أهله إنه نائم، فتعجب طاووس قال كيف ينام؟ هل هناك إنسان ينام في هذا الوقت؟ أي وقت النزول الإلهي، وقت استجابة الدعاء، ولقد قال الله تعالى فى سورة السجدة ” تتجافي جنوبهم عن المضاجع” أي يقومون لصلاة الليل وهم المتهجدون وعن معاذ بن جبل، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال له “ألا أدلك على أبواب الخير، الصوم جنة، والصدقة تكفر الخطيئة، وقيام العبد فى جوف الليل” وعن السيدة عائشة رضى الله عنها قالت كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا صلى قام حتى تفطر رجلاه، قالت عائشة يا رسول الله أتصنع هذا وقد غفر لك ما تقدم من ذنبك وما تأخر.

فقال “يا عائشة أفلا أكون عبدا شكورا” وكان هذا السؤال من السيدة عائشة رضى الله عنها عن حكمة التشمر والدأب في الطاعة، وهو مغفور له، فبين رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه فعل ذلك شكرا لله عز وجل، فإنه الاختبار الذي قال عنه النبى صلى الله عليه وسلم في “صحيح البخاري ومسلم” من حديث أسماء بنت أبي بكر رضي الله عنها ” ولقد أوحي إلي أنكم تفتنون فى قبوركم مثل أو قريبا من فتنة المسيح الدجال” وفي هذا الامتحان يُسأل العبد عن ثلاثة أسئلة، فقول النبي صلى الله عليه وسلم عن المؤمن وتعرضه للفتنة في القبر فقال “فيأتيه ملكان شديدا الانتهار، فينتهرانه ويجلسانه، فيقولان له مَن ربك؟ ما دينك؟ من نبيك؟ وهي آخر فتنة تعرض على المؤمن.

فذلك حين يقول الله عز وجل في سورة إبراهيم ” يثبت الله الذين آمنوا بالقول الثابت فى الحياة الدنيا وفى الآخرة ويضل الله الظالمين ويفعل الله ما يشاء” فيقول ربي الله، وديني الإسلام، ونبيي محمد صلى الله عليه وسلم فينادي منادٍ من السماء أن صدق عبدي” وعن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال “والذي نفسي بيده، إن الميت ليسمع خفق نعالكم حين تولون عنه مدبرين، فإن كان مؤمنا كانت الصلاة عند رأسه، والزكاة عن يمينه، والصوم عن يساره، وكل فعل الخيرات من الصدقة والصلة والمعروف والإحسان إلى الناس عند رجليه، فيؤتى من قِبل رأسه، فتقول الصلاة ما قِبلي مدخل، فيؤتى عن يمينه فتقول الزكاة ما قِبلي مدخل.