الدكرورى يكتب عن فجر الإسلام ” جزء 5″
بقلم/ محمـــد الدكـــرورى
فجر الإسلام ” جزء 5″
ونكمل الجزء الخامس مع فجر الإسلام، وأيضا الصحابى عبيد الله بن جحش، وقد كان ممن اعتزل عبادة الأصنام كورقة بن نوفل في قريش قبل مجيء النبي صلى الله عليه وسلم، ثم أسلم بعدها وهاجر مع المسلمين إلى الحبشة ولكنه ارتد عن الإسلام في الحبشة واعتنق النصرانية وكان يسخر من المسلمين آنذاك، ثم مات بعدها في الحبشة، وقد تزوج النبي الكريم محمد صلى الله عليه وسلم زوجته وهى السيدة أم حبيبة بنت أبي سفيان رضي الله عنهما، وكان من بين المردتين هو عبد الله بن خطل وهو أحد الذين أمر النبي الكريم محمد صلى الله عليه وسلم بقتلهم ولو كان متعلقا بأستار الكعبة وقد وجده سعيد بن حُريث تحت أستار الكعبة فسارع إليه وقتله.
وكان هذا في فتح مكة كما جاء في الحديث “أن رسول الله صلى الله عليه وسلم دخل مكه عام الفتح وعلى رأسه المغفر، فلما نزعه جاءه رجل فقال يا رسول الله، إبن أخطل متعلق بأستار الكعبه، فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم ” اقتلوه ” وكان أيضا من بين المرتدين هو مقيس بن صبابة، وهو أحد الذين أمر النبي صلى الله عليه وسلم، بقتلهم في فتح مكة، وقد أمر النبى صلى الله عليه وسلم، بقتل أربعة أشخاص وهم عبد الله بن أبي السرح وعكرمة بن أبي جهل وابن خطل ومقيس بن صبابة، وأما عن عكرمة بن أبى جهل فقد هرب وركب البحر ولكنه رجع فأسلم بين يدي النبي صلى الله عليه وسلم وأما ابن خطل فقد قُتل وأما مقيس فقد وجده الناس في السوق.
ولكنه تمكن من قتل شخص وبعدها تم قتله فيها، وإن التفريق بين عبد الله بن أبي سرح وكاتب الوحي المرتد يتم الخلط بين شخصيتين من أسماء الصحابة الذين ارتدوا عن الإسلام وبالخاصة أن كلاهما كانا من كتاب الوحي، فأما الأول فهو عبد الله بن أبي سرح وقد أسلم في فتح مكة في البيعة، وقد أبى النبي صلى الله عليه وسلم، بيعته ثلاث مرات قبل أن يقبل لأنه كان يريد أن يقوم أحد من الصحابة فيقتله ولكن قد قبل النبي صلى الله عليه وسلم، بيعته بعدها، وقد أسلم وحسُن إسلامه وقد ولاه الخليفة الراشد عثمان بن عفان على مصر، وهو الذي قاد معركة الصواري وغزا أفريقيا وهى تونس فى ذلك الوقت وقد فتح الكثير من مدنها وقد مات في التسليمة الثانية من صلاة الصبح.
وأما الآخر الذي ارتد فقد كان نصرانيا ثم أسلم وبعدها ارتد على عقبه وقد كان كاتبا يكتب الوحي للنبي صلى الله عليه وسلم فلما ارتد عن الإسلام جعل يقول أنه كان يُغيِر ما يكتب ويفتري على الله الكذب وقد أهلكه الله بعدها فجعل الأرض تلفظه وتقذفه إلى خارجها كلما حاول المشركين دفنه حتى علموا أن هذا ليس من صنع البشر فتركوه بلا مدفن، وهذا هو الفرق بين الشخصيتين فالأولى تحولت من شخص أهدر النبي صلى الله عليه وسلم، دمه إلى شخص أعز الله فيه الإسلام وكتب له حُسن الخاتمة وأما الثاني فقد تكبر وافترى فجعله الله عبرة للأولين والآخرين وهذا يُبيِن أن الأمور في خواتيمها، وهكذا فإن إبتداء الوحي هو ما نزل على النبى صلى الله عليه وسلم وهو يتعبد في غار حراء
وهكذا فقد بين الله سبحانه وتعالى أنه خلق الإنسان مسلما، وأن فطرته التي خلقه عليها لا تقبل إلا الإسلام، فلو أتى بإنسان عاقل عاش في معزل لا يعرف أحدا فعرضت عليه الديانات والمذاهب لرفضها كلها واختار الإسلام لأنه الموافق لفطرته، لكن الانحراف عن هذه الفطرة السليمة يحصل نتيجة تربية الوالدين والمجتمع الذي يعيش فيه، وكذلك فإنه لا يكذب ولا يخاف ولا يخون إلا نتيجة تلقيه ذلك الانحراف من مجتمع عاش فيه، وهذا هو المنهج الذي رسمه النبي صلى الله عليه وسلم للأمة، وسار عليه، وهو منهج يقوم على الحرية الدينية في أرحب مفاهيمها، فما عليه إلا بيان الحق للناس وتذكيرهم به، ومن شاء منهم فليؤمن، ومن شاء فليكفر.