الدكرورى يكتب عن الرسول في غزوة الطائف ” جزء 14″
بقلم / محمـــد الدكـــرورى
الرسول في غزوة الطائف ” جزء 14″
ونكمل الجزء الرابع عشر مع الرسول في غزوة الطائف، ولقد كان في يوم أوطاس قد نزل قول الحق سبحانه وتعالى فى سورة النساء ” والمحصنات من النساء إلا ما ملكت أيمانكم ” وكان ذلك لبيان حكم المسبيات المتزوجات، وقد فرق السبي بينهن وبين أزواجهن، فأوضحت الآية جواز وطئهن إذا انقضت عدتهن، لأن الفرقة تقع بينهن وبين أزواجهن الكفار بالسبي وتنقضي العدة بالوضع للحامل وبالحيض لغير الحامل، وكذلك من الأحكام والتشريعات التى كانت فى غزوة الطائف هو منع المخنثين خلقة من الدخول على النساء الأجنبيات، وكان ذلك مباحا إذ لا حاجة للمخنث بالنساء، وكان سبب المنع هو سماع النبي صلى الله عليه وسلم أحد المخنثين يصف بادية بنت غيلان الثقفي قبيل حصار الطائف، وإن في المنع حيطة لأخلاق المجتمع الإسلامي.
وكذلك النهي عن قصد قتل النساء والأطفال والشيوخ والأجراء ممن لا يشتركون في القتال ضد المسلمين، وكذلك إقامة الحد في دار الحرب، حيث فعل ذلك النبي صلى الله عليه وسلم بشارب الخمر في يوم حنين، وأيضا جواز الاستعانة بالمشركين كما فعل النبي صلى الله عليه وسلم باستعارة الدروع من صفوان ابن أمية، مع ضمانه صلى الله عليه وسلم لها، ولا تكون الاستعانة بهم إلا بشرط الوثوق بهم، وألا يغلبوا على المعركة ويصبغوها بصبغتهم، بل يكون حكم الإسلام هو الغالب، وأيضا جواز إعطاء المؤلفة قلوبهم من الغنيمة، إذا رأى الإمام أن ذلك يعين على دخولهم في الإسلام أو دفع أذاهم عن المسلمين، أو جلب نفع للمسلمين، وكذلك فكان تشريع العمرة من الجعرانة، كما فعل النبى صلى الله عليه وسلم، والجعرانة هى مدينة وكانت من قبل قرية صغيرة
قريبة من المسجد الحرام، حيث تقع في وادي الجعرانة، على بعد عشرين كيلو متر شمال شرق مكة المكرمة، وقد اكتسبت شهرة تاريخية بنزول الرسول صلى الله عليه وسلم، فيها وتوزيع الغنائم بها بعد عودته من غزوة حنين ، وبها مسجد جدد حديثا وآبار، ونقوش كتابية بخط كوفي يرجع تاريخها لصدر الإسلام، على إحدى الصخور التي تقع قبل الوصول إلى المسجد بحوالي اثنين كيلو متر فى جهة اليمين، ويوجد بها مسجد الجعرانة الذي بني قبل القرن الثالث الهجري، وهو المكان الذي صلى فيه الرسول صلى الله عليه وسلم بعد عودته منتصرا على ثقيف وحليفتها هوازن في وادي حنين في السنة الثامنة من الهجرة، وقد سميت الجعرانة بهذا الاسم، نسبة لامرأة من قريش يقال لها رايطة بنت كعب ولقبها جعرانة، وهي امرأة أسد بن عبدالعزى.
وقد قال العباس رضي الله عنه، إنها هي التي نزل فيها قوله تعالى “ولا تكونوا كالتي نقضت غزلها من بعد قوة” وبحسب ما ذكره المفسرون، فإن الله عز وجل، جعل هذه المرأة مثالا وعظة وعبرة، فقد كانت امرأة حمقاء معروفة في مكة، وسميت جعرانة لحماقتها، ويقال إنها كانت فيها وسوسة وكانت مختلة العقل، لأنها كانت تغزل هي وجواريها في الصباح، وفي المساء بعد إتقان الغزل تأمرهن بنقض غزلها، وجعرانة قرية صغيرة وجاء فيها فضل الأنصار، حيث لم توزع على الأنصار، فبشرهم الرسول صلى الله عليه وسلم بعودته معهم ومدحهم وقال صلى الله عليه وسلم “اللهم للأنصار وأولاد الأنصار” ومنها اعتمر النبى صلى الله عليه وسلم لعمرته الثالثة.