أخبار سياسية - اقتصادية - فنية - رياضية - عربية - دولية

الرسول في غزوة الطائف ” جزء 13″

الدكرورى يكتب عن الرسول في غزوة الطائف ” جزء 13″

بقلم / محمـــد الدكـــرورى

الرسول في غزوة الطائف ” جزء 13″

ونكمل الجزء الثالث عشر مع الرسول في غزوة الطائف، وقد تنازل معظم الجند عن السبي سوى الأقرع بن حابس وتكلم باسم قبيلة تميم كلها وعيينة بن حصن وتكلم باسم قبيلة فزارة، فوعدهم صلى الله عليه وسلم بتعويضهم عنها وهذا يدل على أن قدوم وفد هوازن كان بعد تقسيم الأموال والسبي وليس قبل ذلك كما تشير رواية لابن إسحق، وقد سر الرسول صلى الله عليه وسلم، بإسلام هوازن وسألهم عن زعيمهم مالك بن عوف النصري، فأخبروه أنه بالطائف مع ثقيف، فوعدهمفوعدهم برد أهله وأمواله عليه وإكرامه بمائة من الإبل إن قدم عليه مسلما، فجاءه مالك مسلما فأكرمه وأمّره على قومه، وبعض القبائل المجاورة الأخرى، وقد حسن إسلام مالك، فكان يقاتل ثقيفا في الطائف حتى ضيّق عليهم، وفكر زعماؤهم في الخلاص من المأزق.

 

 

 

بعد أن أحاط الإسلام بالطائف من كل مكان فلا تستطيع تحركا ولا تجارة، ومال بعض زعمائها إلى الإسلام مثل عروة بن مسعود الثقفي الذي سارع إلى اللحاق برسول الله صلى الله عليه وسلم، وهو في طريقه إلى المدينة بعد أن قسم غنائم حنين واعتمر من الجعرانة، فالتقى به قبل أن يصل إلى المدينة، وأعلن إسلامه، وعاد إلى الطائف، وكان من زعماء ثقيف محبوبا عندهم، فدعاهم إلى الإسلام وقد أذن للصلاة في أعلى منزله فرماه بعضهم بسهام فأصابوه، فطلب من قومه أن يدفنوه مع شهداء المسلمين في حصار الطائف، ولكن زعماء ثقيف كانوا يحسون بحراجة موقفها، ويسعون لتأمين أنفسهم وأموالهم، فأرسلوا في رمضان من العام التاسع بعد عودته صلى الله عليه وسلم من تبوك، وفدا منهم برئاسة عبد ياليل بن عمرو ومعه ثلاثة من بني مالك واثنين من الأحلاف.

 

 

 

 

وقد لقيهم المغيرة بن شعبة في وادي قناة شمال المدينة بيسير، فأخبر بقدومهم أبا بكر الذي سارع لتبشير الرسول صلى الله عليه وسلم، وقد علمهم المغيرة تحية الإسلام وأدب مخاطبة رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقد أنزلهم صلى الله عليه وسلم، في قبة في ناحية مسجده ليستمعوا القرآن ويشاهدوا صلاة المسلمين فيه، وقد أعلنوا إسلامهم، وكتب لهم صلى الله عليه وسلم كتابا، وقد طلبوا من رسول الله صلى الله عليه وسلم، أن يؤخر هدم اللات ثلاث سنين خوفا من غضب قومهم، فأبى إلا أن يهدمها، ولكنه أعفاهم من القيام بذلك وأرسل أبا سفيان بن حرب والمغيرة بن شعبة لهدمها، كما طلبوا إعفاءهم من الصلاة لأنهم يرون فيها دناءة، لما فيها من انحناء وسجود لله تعالى، وكأنهم نسوا أنهم يفعلون ذلك للات وغيرها من الأصنام والأحجار.

 

 

 

 

فأبى عليهم قائلا ” لا خير في دين ليس فيه ركوع” واشترطوا إعفاءهم من الزكاة والجهاد، وقد وافقهم، وسمعه جابر بن عبد الله يقول “سيتصدقون ويجاهدون إذا أسلموا ” وسألوه أن يسمح لهم بترك الوضوء بحجة أن بلادهم باردة، وأن ينتبذوا في الدباء وهو القرع، وأن يعيد لهم أبا بكرة الثقفي فأبى عليهم ذلك كله، وكان عثمان بن أبي العاص أحرصهم على تعلم القرآن والتفقه في الدين فأمره رسول الله صلى الله عليه وسلم، على الطائف، وكان أصغرهم سنا، وبعد إسلام وفد ثقيف سألوا رسول الله صلى الله عليه وسلم أسئلة كثيرة تتعلق بأمور دينهم، حتى سألوا الصحابة عن كيفية تقسيم القرآن الكريم إلى أحزاب فقالوا ” كيف تحزبون القرآن؟ قالوا نحزبه ثلاث سور، وخمس سور، وسبع سور، وإحدى عشرة سورة، وثلاث عشرة سورة.

 

 

 

 

وحزب المفصل من قاف حتى يختم، وهو نفس ترتيب القرآن المعروف الآن، ويبدوا أن الوفد تأثر بمقابلاته مع الرسول صلى الله عليه وسلم وباختلاطه مع الصحابة وما جرى من حوار بينهم وبين المسلمين حتى أنهم صاموا ما بقي عليهم من شهر رمضان، وقد مكث الوفد خمسة عشرة يوما في المدينة ثم عادوا إلى الطائف ومعهم أبو سفيان بن حرب والمغيرة بن شعبة الثقفي ليهدما اللات، وقد حكى ابن إسحق وصفا لحادثة هدم اللات واجتماع النساء الثقفيات حولها يبكين حتى أتم المغيرة هدمها وأخذ مالها من الذهب والجزع، وأهل الطائف يظنون أنها ستثأر لنفسها وقد سخر منهم المغيرة فرمى معوله وركض فقالوا، ثأرت الربة، فضحك ونصحهم بتوحيد الله وعاد فأنجز عمله، وبذلك زالت أسطورة اللات التي عبدت طويلا من دون الله.