الدكرورى يكتب عن الرسول في غزوة الطائف ” جزء 9″
بقلم / محمـــد الدكـــرورى
الرسول في غزوة الطائف ” جزء 9″
ونكمل الجزء التاسع مع الرسول في غزوة الطائف، وأشرفت ثقيف، وأقاموا يرمون المسلمين بالنبال والحجارة رميا شديدا، حتى أصيب ناس من المسلمين بجراح، فاضطر صلى الله عليه وسلم أن يرتفع بعسكره إلى مسجد الطائف اليوم، فعسكر هناك، وكان مع رسول الله صلى الله عليه وسلم من نسائه أم سلمة رضي الله عنها، فدخل صلى الله عليه وسلم، على السيدة أم سلمة رضي الله عنها، وعندها أخوها عبد الله بن أبي أمية بن المغيرة، ومُخنث يدعى هيتا، فسمعه رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يقول لعبد الله بن أبي أمية بن المغيرة، يا عبد الله، إن فتح الله عليكم الطائف غدا، فعليك بابنة غيلان، فإنها تقبل بأربع، وتدبر بثمان، فقال صلى الله عليه وسلم ” لا يدخلن هؤلاء عليكن ” وقد قال الحافظ أنه يفيد ذلك حجب النساء عمن يفطن لمحاسنهن.
وهذا الحديث أصل في إبعاد من يستراب به في أمر من الأمور، وقد نصب صلى الله عليه وسلم، المنجنيق على أهل الطائف، وقذف به القذائف، وهذا أول منجنيق يُرمى به في الإسلام، كما نثر صلى الله عليه وسلم الحسك حول الحصن، ثم أخذ صلى الله عليه وسلم يحث أصحابه رضي الله عنهم على الرمي، فعن أبي نجيح السلمي رضي الله عنه قال، حاصرنا مع النبي صلى الله عليه وسلم حصن الطائف، فسمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول ” من بلغ بسهم فله درجة من الجنة ومن رمى بسهم فى سبيل الله عز وجل فهو له عدل محرر، ومن شاب شيبة فى سبيل الله كانت له نورا يوم القيامة ” رواه احمد والترمذى، وقال أبو نجيح رضي الله عنه، فبلغت يومئذ ستة عشر سهما ولما كان القتال تراشقا بالسهام عن بعد.
واستخدم المسلمون الدبابةالخشبية، ليحموا بها أنفسهم من السهام، حتى يصلوا إلى الحصن، فعندما رأتهم ثقيف، ألقت عليهم قطعا من حديد محماة بالنار، فأحرقت الدبابة فخرجوا من تحتها، فرموهم بالنبال، فقتلوا منهم رجالا، وقد ذكر صلى الله عليه وسلم لأبي بكر الصديق رضي الله عنه أنه رأى رؤيا، وهو محاصر ثقيف، فقال صلى الله عليه وسلم ” يا أبا بكر إنى رأيت أنى اهديث لى قبعة، مملوءه زبدا فنقرها ديك فهراق ما فيها ” فقال أبو بكر رضي الله عنه، ما أظن أن تدرك منهم يومك هذا ما تريد، فقال صلى الله عليه وسلم ” وأنا أرى ذلك ” ولقد غادر صلى الله عليه وسلم الطائف متوجها إلى الجعرانة، وفي الطريق لقيه سراقة بن مالك الجعشمي، فدخل في كتيبة من خيل الأنصار، فجعلوا يقرعونه بالرماح ويقولون إليك إليك، ماذا تريد؟
فقال سراقة فدنوت من رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهو على ناقته، والله لكأني أنظر إلى ساقه في غرزه كأنها جمارة، فرفعت يدي بالكتاب، ثم قلت يا رسول الله، هذا كتابك لي، أنا سراقة بن مالك بن جعشم، فقال صلى الله عليه وسلم ” يوم وفاء وبر، ادنه ” فقال سراقة، فدنوت منه، فأسلمت، ثم تذكرت شيئا أسأل رسول الله صلى الله عليه وسلم عنه فما أذكره، إلا أني قلت يا رسول الله، الضالة من الإبل تغشى حياضي، وقد ملأتها لإبلي، هل لي من أجر في أن أسقيها؟ قال صلى الله عليه وسلم ” نعم فى كل ذات كبد حرى أجر ” فقال سراقة ثم رجعت إلى قومي، فسقت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم صدقتي، ثم قدم صلى الله عليه وسلم الجعرانة ليلة الخميس لخمس ليال خلون من ذي القعدة، فنزل بها، وأقام بها ثلاث عشرة ليلة لا يقسم الغنائم.
يبتغي أن يقدم عليه وفد هوازن مسلمين، فيحرزوا ما أصيب منهم، فلما لم يجئه أحد أمر بتقسيم الغنائم، وكان أول من أعطى صلى الله عليه وسلم من الغنائم هم سادات العرب، ليتألفهم إلى الإسلام، فأعطى أبا سفيان بن حرب مائة من الإبل، وأعطى صلى الله عليه وسلم أبا سفيان بن الحارث ابن عمه، مائة من الإبل، وأعطى صلى الله عليه وسلم الأقرع بن حابس التميمي مائة من الإبل، وأعطى صلى الله عليه وسلم عُيينة بن حصن الفزاري مائة من الإبل، ثم أعطى صلى الله عليه وسلم علقمة بن عُلاثة مائة من الإبل، وأعطى صلى الله عليه وسلم العباس بن مرداس دون ذلك فأنشد شعرا، فأتم له رسول الله صلى الله عليه وسلم المائة من الإبل، وأعطى صلى الله عليه وسلم حكيم بن حزام مائة من الإبل، ثم سأله مئة أخرى، فأعطاه إياها، ثم سأله فأعطاه.