أخبار سياسية - اقتصادية - فنية - رياضية - عربية - دولية

الرسول في غزوة الطائف ” جزء 6″

الدكرورى يكتب عن الرسول في غزوة الطائف ” جزء 6″

بقلم / محمـــد الدكـــرورى

الرسول في غزوة الطائف ” جزء 6″

ونكمل الجزء السادس مع الرسول في غزوة الطائف، ولكن ثقيف نادت على المسلمين من وراء الأسوار، لما تقطع أموالنا؟ إما أن تأخذها إن ظهرت علينا، وإما أن تدعها لله وللرَّحِم، فقال صلى الله عليه وسلم ” فإنى أدعها لله وللرحم ” لأن العلاقة بين ثقيف وقريش علاقة بعيدة، فقد كانت إحدى جدات النبي صلى الله عليه وسلم، لأمه من ثقيف، وكانت الجدة الخامسة للنبي صلى الله عليه وسلم، وكان اسمها هند بنت يربوع الثقفية، فلذلك ترك صلى الله عليه وسلم، الأعناب، وكان المسلمون يقطعون الأعناب لإجبار ثقيف وهوازن على الخروج من الحصون، فآثر أن يترك الأعناب لله تعالى، وللرحم التي بينه وبينهم، ولم يفعل صلى الله عليه وسلم، مثل ما كانت تفعله الجيوش الكافرة مثل جيوش فارس، والرومان، والتتار، واليهود.

وجيوش العصور الحديثة التي تفسد في الأرض لمجرد الإفساد، حتى إن الله تعالى يصفهم في كتابه العزيز فى سورة البقرة “وإذا تولى سعى فى الأرض ليفسد فيها ويهلك الحرث والنسل والله يحب الفساد” أى أن الإفساد هدف في ذاته، ولكن المسلمين لم يفعلوا ذلك إلا لغاية محددة، فلمّا لم تفلح في إخراج أهل الطائف توقف المسلمون عن حرق الحدائق، وقد فكر النبي صلى الله عليه وسلم، في وسيلة تتضعف عزيمة أهل الطائف، فنادى صلى الله عليه وسلم،على العبيد في داخل الحصون، وقال ” أيما عبد نزل من الحصن وخرج إلينا فهو حر ” وكانت العبيد أعدادهم كبيرة في المجتمع العربي القديم، وكانت سياسة الإسلام تهدف إلى تحرير العبيد في كل مناسبة ممكنة، وكانت هذه فرصة طيبة لتحرير العبيد

وهؤلاء العبيد في الغالب سيسلمون، وبذلك يستنقذون من ظلمات الكفر، وسيفقد أهل ثقيف طاقة هؤلاء العبيد، وسينقلون الأخبار من داخل ثقيف، فهناك أكثر من فائدة في فكرة النبى صلى الله عليه وسلم، وبدأ الصحابة رضوان الله عليهم، ينادون على العبيد، وبدأ يخرج بعض العبيد من داخل الحصون، حتى وصل عددهم إلى ثلاثة وعشرين من العبيد، واكتشفت ثقيف الأمر، وشددت الحصار على الأسوار، ومنعت خروج بقية العبيد، ولكن المسلمين استفادوا من خروج مجموعة العبيد السابقين، إنهم إضافة إلى أمة الإسلام، ولأن يهدي الله بك رجلا واحدا خير لك من الدنيا وما فيها، وخير لك من حُمر النعم، والشيء الآخر أن هؤلاء العبيد أخبروا المسلمين ببعض المعلومات العسكرية الخطيرة، وأخبر هؤلاء العبيد النبي صلى الله عليه وسلم.

أن الطعام والشراب اللذين في داخل الطائف يكفيان أهل الطائف للصبر على الحصار سنة على الأقل أو عدة سنوات، وهي معلومة على جانب كبير من الأهمية لأن المسلمين لا يستطيعون أن يقضوا حياتهم في هذا المكان، لأن القوات الإسلامية ليست مجرد فرقة من الجيش الإسلامي، ولكن هذه القوات هي المجتمع المسلم بكامله، فالرسول صلى الله عليه وسلم، لم يترك في المدينة المنورة إلا القليل من الرجال لحراسة النساء والديار، وهناك الكثير من القبائل التي دخلها الإسلام حديثا هنا وهناك تحتاج إلى متابعة مستمرة، خوفا من انقلابها إلى الكفر، وخوفا من مهاجمة المدينة المنورة وهي خالية من الرجال، وهناك اليهود في خيبر على مقربة من المدينة، وهم على عهد، وقد يخالفون كعادتهم، وهناك أهل مكة حديثو عهد بجاهلية.

وهناك الغنائم الضخمة المتروكة في وادي الجِعرانة، وهذه مشاكل ضخمة وكثيرة، ولا يستطيع النبي صلى الله عليه وسلم، أن يترك كل هذه الأمور، فقد استشار الرسول صلى الله عليه وسلم، أحد أصحابه من أصحاب الخبرة العسكرية والرأي السديد، وهو نوفل بن معاوية الديلي، ونوفل بن معاوية الديلي كان زعيم بني بكر، وهي القبيلة التي كانت متحالفة مع قريش بعد صلح الحديبية، وقاد قومه بني بكر لقتل خزاعة، والذي كان سببا في نقض صلح الحديبية، والذي رد بالرد الكافر على قومه، عندما قالوا له يا نوفل، إلهك إلهك، فقال يا بني بكر، لا إلهَ لكم اليوم، فهذا هو نوفل بن معاوية الذي ارتكب كل هذه الجرائم منذ شهرين أو ثلاثة في شهر شعبان فى السنة السادسة من الهجرة، والذي كان سببا في خروج النبي صلى الله عليه وسلم إلى فتح مكة المكرمة، ثم حُنين، ثم الطائف.